هاربر: تمرير المساعدات لسورية وفق القرار الدولي منوط بالأردن

ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أندرو هاربر يتحدث في مقابلة مع "الغد" يوم الأربعاء الماضي -(تصوير: ساهر قدارة)
ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أندرو هاربر يتحدث في مقابلة مع "الغد" يوم الأربعاء الماضي -(تصوير: ساهر قدارة)

تغريد الرشق

عمان- أكد ممثل مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين في الأردن أندرو هاربر أن قرار تمرير المساعدات الإنسانية من الأردن إلى سورية، وفقا لقرار مجلس الأمن 2139، سيأتي من الحكومة الأردنية.
وأشار، في مقابلة مع "الغد"، إلى أن الأردن يجب "أن يعطي موافقته على ما يدخل إليه وما يخرج منه"، فيما اعتبر أن هذا الأمر سيكون "معقدا وحساسا".
وبين هاربر أن "أهم لاعب في هذا الشأن، هي الحكومة الأردنية"، موضحا أنه وبحكم وظيفته في المملكة، فسيناقش مع الحكومة ومع زملائه في سورية الأمر، و"سنتحدث مع جميع اللاعبين، بمن فيهم الأمم المتحدة والحكومة، لإيجاد طريقة لإيصال المساعدات إلى سورية".
كما لفت إلى أن "ليلة صدور القرار"، السبت الماضي، عبر للأردن 594 لاجئا سوريا، متوقعا استمرار زيادة أعداد اللاجئين، حتى بعد صدور القرار، في الأيام القليلة المقبلة. 
وأشار إلى أن المفوضية "ستراقب بعناية فائقة، لترى بماذا سيفكر السوريون"، وهل "سيستمرون بالفرار من بلادهم، أم هل هم مؤمنون بأن القرار الصادر أمس عن مجلس الأمن، سيقود إلى تغيير حقيقي لصالحهم".
وتحدث هاربر عن انخفاض في أعداد اللاجئين السوريين ممن يختارون العودة طوعا إلى سورية، لتصل إلى أقل من 100 يوميا في الشهر الحالي.
وبخصوص التفتيش الأمني على اللاجئين القادمين والتمييز بين الحقيقي منهم ومن لديهم أغراض أخرى، أكد هاربر أنه "ليس كل من يعبر الحدود هو لاجئ".
وأشار إلى أن المفوضية "لا تعيد أي لاجئ إلى سورية"، إذ أن دورها أو مسؤوليتها ليست في إرجاع أي أحد، ولكن "الأردنيين محترفون بشكل كاف، ولديهم معلومات كافية، ليفرقوا بين من هو بحاجة حقيقية للجوء ومن ليس كذلك".
كما كشف عن أن أكثر من 20 ألف كرفان، أصبحت موجودة الآن في مخيم الزعتري بمحافظة المفرق، بينما تبقت في المخيم 1063 خيمة فقط، ما يعني أن نحو 95 % من اللاجئين، يعيشون في كرفانات، منوها إلى أن من يقطنون المخيم حاليا يتراوح عددهم بين 90 إلى 100 ألف.
وفي مجالات عدة، يعتبر هاربر الأردن نموذجا ومثالا في كيفية استطاعة "دولة صغيرة، تقديم أكثر من حصتها العادلة، للتعامل مع أزمة اللاجئين، مقارنة بالنسب الدولية".

اضافة اعلان


 وفيما يلي نص المقابلة:

* عقب صدور القرار 2139 أول من أمس عن مجلس الأمن بإدخال مساعدات إنسانية إلى سورية وإلزام دول الجوار بتمرير المساعدات، من هي الجهة التي تتوقع أن تتولى تمرير المساعدات عبر الأردن؟
- هذا القرار منوط بالحكومة الأردنية، فأي شيء يعبر من الأردن إلى سورية سيكون على نحو ثنائي، كما أن من حق الأردن أن يعطي موافقته على ما يدخل إليه وما يخرج منه.
نحن نقدم المساعدة قدر الإمكان للحكومة الأردنية، وسنتحدث معها، كما سنعمل مع شركائنا في سورية لتقرير ما هو المناسب، والأمر سيكون معقدا وحساسا.
إن أهم لاعب بهذا الخصوص، هو الحكومة الأردنية، وبحكم وظيفتي في الأردن سنناقش مع الحكومة ومع زملائنا في سورية الأمر، وسنتحدث مع جميع المعنيين، بمن فيهم الأمم المتحدة والحكومة الأردنية لإيجاد طريقة لايصال المساعدات.
كما أن زيادة المساعدات داخل سورية ستؤدي إلى تقليل الحاجة للجوء إلى الأردن، وهذا الأمر سيستغرق وقتا، ونحاول عمله بأسرع وقت ممكن.

* هل تتوقعون انخفاض أعداد اللاجئين إثر صدور القرار الأممي؟
- أول من أمس، أي ليلة صدور القرار، عبر إلى الأردن 594 لاجئا، وفي اليوم الذي سبقه (الجمعة) عبر 740 لاجئا، ونتوقع أن تستمر الأرقام بالازدياد حتى بعد صدور القرار، في الأيام القليلة المقبلة.
وسنراقب بعناية فائقة لنرى بماذا يفكر السوريون، وهل سيستمرون بالفرار من بلادهم أم هل يؤمنون بأن القرار الصادر أمس عن مجلس الأمن سيقود إلى تغيير حقيقي لصالحهم، ومن الملح أن يصبح قرار مجلس الأمن المتعلق بدخول المساعدات الإنسانية أكثر من مجرد كلام، وأن يتلقى السوريون المساعدات التي قال إنهم "يستحقونها بكل معنى الكلمة".
كما أن التنفيذ الفعال لهذا القرار، لا بد أن يخفف ايضا من الضغوط على دول مثل الأردن الذي تحمل أكثر من حصته العادلة من العبء الإنساني الناتج عن الحرب في سورية.

* تتحدث تقارير حديثة عن نية لإنشاء مناطق آمنة داخل سورية، وهي معلومات ترددت كثيرا سابقا ثم عادت للظهور مجددا؟ هل هناك نية حقيقية لإنشاء مثل هذه المناطق؟
- لا أستطيع التعليق، فالأمر له علاقة بالوضع داخل سورية، ولا شك انه يجب فعل شيء هناك بما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية لمن هم بأمس الحاجة لها، وهناك من يتحدث بهذا الصدد ويأخذ القرارات في جنيف وفي نيويورك، وهناك محادثات ثنائية مع الدول ذات العلاقة، والناس في العادة يتحدثون عن خيارات عدة، وربما بعد فشل مباحثات السلام في جنيف صار الناس يتحدثون مجددا في الأمر.
كل ما أستطيع أن أتحدث بشأنه هو عن الوضع في الأردن، بما أنني ممثل المفوضية هنا، فنحن بالطبع مهتمون جدا بالوضع داخل سورية، أما الحديث عن مناطق حظر طيران أو مناطق آمنة، فهو خارج نطاق مهماتي.
ما نريده ان يحدث هو التأكد من إيصال المواد الإنسانية والغذاء، فالمستشفيات تعمل، والطعام يصل، والأطفال يذهبون للمدارس، نريد سلاما في سورية، وبالنظر إلى أعداد النازحين داخل سورية والضغوطات على الأردن، فإن علينا ايضا العمل لتحديد الوقت الذي سيعود فيه اللاجئون بالفعل إلى بلادهم.

* تحدث مندوب سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري مؤخرا، عما سماه بـ"نصب 30 ألف خيمة جديدة داخل الأردن بالقرب من الحدود السورية استعدادا لشيء ما"، وبحكم عملك ووجودك بشكل مكثف في المناطق الحدودية، ما مدى صحة هذه المعلومات؟
- لم أر هذا، ولا معلومات عندي عن أي تجمع كبير للخيام قرب الحدود.

*هل لديكم اتصالات مع اللاجئين السوريين داخل سورية لمساعدتهم في تسهيل عبورهم إلى الأردن مثلا؟
- لا، لدينا اتصالات مع مكتبنا في سورية، وما يزال للمفوضية مكتب كبير داخل سورية، وهو يوفر دعما لعشرات الآلاف من النازحين، أما نحن فلا نتحدث مباشرة مع أي أحد عبر الحدود، فدورنا ومهماتنا هي داخل الأردن فقط.

* بعد تعثر مفاوضات جنيف، هل تتوقعون لجوء أعداد كبيرة من السوريين للأردن؟
- نعم، نتوقع أن أعداد الناس الراغبين في القدوم للأردن ستزيد، فالوضع داخل سورية يتجه من سيئ إلى أسوأ، وجنيف2 كان فقط مثالا على ذلك، فالقليل من الأطفال يذهبون للمدرسة، كما ان المستشفيات ليست لديها قدرة على العمل بشكل كامل، فضلا عن زيادة البطالة بين السكان، وتكاثر الجماعات المتورطة في القتال، وهناك انعدام للأمل، لذا فإن عوامل الدفع هذه داخل سورية، تشكل أسبابا كافية للسوري لكي يغادر بلده، عندما يفكر فقط برغبته بحماية أسرته.
ليس مفاجئا أننا على الأغلب سنرى المزيد من السوريين الذين يتطلعون للقدوم إلى الأردن وتركيا ولبنان، في الأسابيع المقبلة، فهناك ارتفاع بسيط، فالثلاثاء الماضي مثلا عبر 600، في حين كان يتراوح العدد بين 300 إلى 400 في بداية الأسبوع ذاته، وهو المعدل السائد منذ شهرين.

* ما هو عدد اللاجئين الذين تتوقعون أن يصلوا إلى الأردن هذا العام؟
- هذا يعتمد على إمكانية تنقلهم، فالقتال في الداخل ونقاط التفتيش العديدة، امور تجعل التنقل صعبا على الكثيرين، كما أننا نعرف أنه يصعب على كثير من اللاجئين التحرك باتجاه الحدود الأردنية الشرقية مع سورية، فصعوبة المواصلات والقتال في أماكن معينة تعيق من قدرة الناس على الخروج، إضافة إلى القتال على الحدود الغربية في الأيام الأخيرة.
ويوجد في الأردن حاليا حوالي 600 الف لاجئ، وهناك توقعات ان يصل العدد إلى 800 ألف مع نهاية العام، وهذا الرقم الذي نخطط على أساسه في استجابتنا للاجئين، وبتقسيم هذا العدد فإن حوالي 600 شخص سيدخلون يوميا، إلا أنه في النهاية لا أحد يستطيع التنبؤ بما سيجري في سورية.

* في حال حصل أي تبادل إطلاق نار على الحدود السورية الأردنية، كيف تتعاملون مع هذا الوضع، لناحية حماية أو إنقاذ اللاجئين العابرين؟ 
- في العادة، اللاجئون ينتقلون إلى أماكن آمنة للعبور، والعديد منهم ينتقلون من الحدود الغربية إلى الشرقية مثلا، لصعوبة عبور الغربية، وفي حال كان هناك صراع في الطرق التي اعتادوا أن يسلكوها، فسيتوجهون إلى مواقع أخرى.

* هل تضع لهم المفوضية إرشادات إذا كانت المناطق المحيطة بنقاط عبور معينة غير آمنة في وقت معين؟
 - لا، فنحن نعمل مع قوات حرس الحدود الأردنية الموجودة على الخط الأول، والتي تستلم اللاجئين وتقوم بالإجراءات الأمنية اللازمة من الحدود الشرقية، وعندما يأتي اللاجئ إلى مركز "رباع السرحان" للتسجيل أو إلى "الزعتري"، عندها نبدأ نحن بتسجيلهم وتزويدهم بالمساعدة.

* هل لديكم إجراءات أمنية للتمييز بين اللاجئ الحقيقي الذي يسعى للعبور سعيا وراء الأمن والحماية، وبين آخرين يسعون لأهداف أخرى؟
- القوات المسلحة الأردنية تقابل وتفحص كل من يعبر، ثم عند تسجيلهم ومقابلتهم من قبلنا، نسألهم أسئلة كثيرة، ومنها عن خلفياتهم، لنعرف إن كانوا مؤهلين ليكونوا لاجئين أم لا.

* وكيف تفرقون بين اللاجئ وبين من يسعى لأذى الأردن، أو إذا كان من المقاتلين المتشددين مثلا؟
- الأردنيون هم الأفضل في التمييز في هذا الشأن، لكن أكثر القادمين هم من النساء والأطفال.

* إذا شككتم بأحد، هل ترجعونه إلى سورية؟
- لا نرجع أي أحد إلى سورية، فليس دورنا أو مسؤوليتنا إرجاع أي أحد، ولكن الأردنيين محترفون بشكل كاف ولديهم معلومات وافرة ليفرقوا بين من هو بحاجة حقيقية ومن ليسوا كذلك.

* وهل تقوم السلطات الأردنية بإرجاعهم إن شكّت في نواياهم؟
- هذا السؤال يوجه للسلطات الأردنية نفسها، ولكن من المؤكد أنه ليس كل من يعبر الحدود لاجئ، ونحن قلقون على هؤلاء الذين هم بحاجة حقيقية لحماية دولية، والذين يشتكون من التمييز او الملاحقة القضائية، ولم يرفعوا سلاحا بوجه أي أحد.

* هل تعتبرون أنكم نجحتم حتى الآن في إدخال فقط من يستحق الدخول؟
- ليس السؤال إن نجحنا أم لا، لأننا نعمل مع القوات الأردنية، ولكن نعم أعتقد أننا نجحنا.
إذا كان هناك متشددون أو فئات تشكل تهديدا للأردن، فهم بالعادة يحاولون التسلل عبر مجموعات اللاجئين، وآخر ما يريده أحدهم هو الذهاب إلى استجواب من قبل القوات الأردنية ثم من المفوضية، لذا يحاولون استخدام طرق أخرى، ولذا نحن متأكدون تقريبا أن من نقابلهم هم لاجئون شرعيون، ومعظمهم أفراد من عائلات.

* بالنسبة لأعداد العائدين طوعيا، هل انخفضت مع تصاعد العنف في سورية؟
- بالفعل نقص عددهم، فقد كان حوالي 200 لاجئ يعودون يوميا الشهر الماضي، ثم تناقص العدد إلى أقل من 100.

* هل هذا مرتبط بفشل مفاوضات جنيف الأخيرة؟
* الاثنين الماضي عاد 35 شخصا فقط، والليلة التي سبقتها 43، وقبلها فقط 26، وهم أحيانا يستصعبون العودة بسبب القتال على الحدود.

* لماذا شهدنا العام الماضي ارتفاعا في أعداد العائدين طوعيا؟
 - في حزيران (يونيو) الماضي، كان هناك حديث عن دعم غربي للمعارضة، وبالفعل ارتفعت أعداد العائدين، فقد شهدنا في إحدى الليالي عودة 3 آلاف لاجئ، أما الآن فباستطاعتنا القول إنه في العام 2014  صار معدل العائدين أقل من مائة لاجئ يوميا.

* مع عودة أميركا للحديث عن خيارات جديدة واحتمال دعم المعارضة عسكريا، هل سيؤثر هذا ثانية على معدل العائدين؟
- علينا أن لا ننسى أن هناك قتالا في درعا أيضا، وكل ما نستطيع النظر إليه هو عدد العائدين، وهو قليل حاليا، كما أن قلة أعدادهم تعود لتحسن الظروف في "الزعتري"، ففي مثل هذ الوقت من العام الماضي، كان أكثر الناس يعيشون في الخيام، أما الآن فمعظم اللاجئين يقيمون في الكرفانات، فيما تتدهور الظروف في سورية.

* قارنت بعض التقارير الصحفية بين مخيمات اللجوء السوري بين تركيا والأردن، ما رأيك في الفرق بين الجهتين؟ 
- الزعتري تطور وأصبح على هيئة مجتمع أكثر من مخيم منظم، وقد تحدثت لسوريين زاروا المخيمات في تركيا والأردن، ويقولون إنهم يفضلون العيش في مكان مثل الزعتري، بسبب سيادة الروح المجتمعية على نحو أكبر.
وبالمناسبة، فإن الأردن ليس تركيا الغنية بالمصادر، والتي يبلغ تعداد سكانها 70 مليونا مقابل دولة سكانها 7 ملايين ولديها لاجئون أكثر من تركيا، وأعتقد أن الأردن قام بعمل أفضل بكثير، من ناحية الكرم والضيافة، وبما يفوق أي دولة أخرى في المنطقة.
كما أن استجابة تركيا الأولية، تمثلت بوضع الجميع في المخيمات، بينما ترك الأردن خيار المخيم حتى آخر لحظة ممكنة، عندما لم تتمكن المجتمعات المحلية، خصوصا في الشمال، من استيعاب المزيد من اللاجئين.
ونحن منذ عام، ما نزال في حالة استجابة وطوارئ، واستقبلنا عواصف ثلجية، وواجهنا أياما كان يصل فيها آلاف اللاجئين في ليلة واحدة، والآن نحن على رأس المنحنى، ولدينا مبان في مكانها الصحيح في الزعتري، وكل أسرة في المخيم يجب ان يتوفر لها كرفان، وهو ما لم يكن لدينا سابقا.
كما أن معظم أجزاء المخيم مزودة بالكهرباء، ولدينا استشارات مجتمعية افضل بكثير داخل المخيم، فيما تقلص مستوى العنف، وأعتقد أن استجابة اللاجئين منسقة ومنظمة أكثر بكثير مما كانت عليه قبل 12 شهرا، لدرجة أن لدينا مساحات اضافية الآن في مخيم الأزرق، بمعنى أننا جاهزون لأي جديد يأتينا من الحدود.

* ما التغييرات التي طرأت فعليا بخصوص اللاجئين منذ العام الماضي؟
- لعل أكبر تغيير هو تحول تركيزنا الذي كان منصبا على مخيم الزعتري قبل عام، إلى اللاجئين في المجتمعات المضيفة حاليا، حيث يوجد معظم السوريين، ونحتاج لتعويض المجتمعات في الأردن، لأنهم اضطروا لاستقبال وقبول وحماية ومساعدة مئات الآلاف من السوريين.
إن أحد أهم أهدافنا الآن هو تحويل انتباه الاستجابة الدولية من استجابة طارئة إلى مختلفة، مثل توفير المدارس والمراكز الصحية، لأن هذا ما يحتاجه الأردنيون، ونعمل بشكل وثيق مع زملائنا في الأمم المتحدة ووكالات التنمية لنعرف كيف يمكن دعم البنية التحتية المحلية.
وقد أعلن زير التنمية الألماني عن دعم قدره 25 مليون يورو للتعليم الأسبوع الماضي، وأعلم أن هناك أموالا ستأتي من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لدعم إعادة هيكلة الكهرباء، وهناك أموال ستأتي للمياه، وهذا جيد لأننا نريد توجيه تركيزنا من النظر فقط إلى اللاجئين والخيام إلى المجتمعات ومساعدتها، ما يتطلب مالا، ونحتاج لاستثمارات كبيرة.
أما الآن فالأمر واضح ومختلف عما كان عليه قبل عام، فقبل 4 أشهر كنا نأمل أن يعود اللاجئون خلال 6 أشهر إلى بلادهم، أما الآن فلا أعتقد أن هذا الأمر سيحدث مع القتال المستمر، والذي حتى لو توقف غدا، ستكون هناك سورية مدمرة، ومدارس وبيوت ومراكز صحية وكهرباء مدمرة، ولا أعرف متى سيعودون.

* هل يمكن أن يمتد لجوء السوريين إلى الأردن لنحو 10 أعوام أو 15 مثلا؟ وفقا لما أشارت إليه بعض التقارير؟
- لن أتحدث عن عدد الأعوام، بل سأقول إن اغلبية السوريين في الأردن يريدون العودة إلى بلادهم في أسرع وقت ممكن، لأن هناك عملا كبيرا تتطلبه إعادة إعمار سورية.

* ما هو عدد الخيام في الزعتري مقارنة بعدد الكرفانات؟
- هناك أكثر من 20 ألف كرفان، مقابل 1063 خيمة، ومن يقطن الخيام هو الواصلون حديثا، ما يعني أن حوالي 95 % من اللاجئين يعيشون في الكرفانات، لأن هناك ما بين 90 إلى 100 ألف لاجئ في "الزعتري" حاليا.

* ماذا عن التسلل خارج المخيم، هل ما يزال صعبا كما كان سابقا؟
- البعض يدخل المخيم ويبقى ليوم أو يومين ثم يتسلل إلى المفرق أو أماكن أخرى، ويجب أن يكون هناك من يكفل اللاجئ للخروج، ولكن اللاجئين يسلكون طرقا أخرى للخروج، ولا يوجد سبب لمغادرتهم لأنه يتم إعطاؤهم كل شيء في المخيم من مأوى وغذاء ومياه.

* بالنسبة للاجئين خارج مخيم الزعتري هل يتلقون مساعدات نقدية كافية؟
- أغلب السوريين خارج المخيم يتلقون مساعدات نقدية، لكننا نوفر فقط دعما لحوالي 20 ألف عائلة، مقارنة بحوالي 500 ألف شخص، وهذا قليل، والسوريون غير مسموح لهم بالعمل أيضا، فالوضع صعب ونحب أن نوفر لهم المزيد من النقد، ويعتمد مبلغ الدعم على حجم العائلة، وقد يتراوح حول المائة دينار شهريا، وهو مبلغ بالكاد يكفي لدفع الإيجار، كما يقدم برنامج الغذاء كوبونات للاجئين خارج المخيم، ولكن نرغب بتوفير المزيد إذا توفر لدينا المال.

* ماذا عن تقارير لمنظمات حول منع الأردن دخول اللاجئين السوريين، أو التقليل من أعدادهم، خصوصا وقد لاحظنا انخفاضا في أعدادهم مقارنة بالعام الماضي، فيما يعتقد البعض أن للأردن الحق في اتخاذ اجراءات تقلل من الأعداد لأن البلد مليء باللاجئين السوريين ولا يتحمل المزيد؟
- في كل نقاش لنا مع الحكومة، تؤكد أن الحدود مفتوحة، وكلما ذهبت انا للحدود الشرقية أراها مفتوحة، وأعتقد أن وكالات مثل هيومن رايتس ووتش أو منظمة العفو الدولية يجب أن تنظر إلى دول أخرى أغنى بكثير من الأردن ولديها مصادر دخل أكثر لكنها متشددة في السماح بدخول السوريين، وأتحدث هنا عن أوروبا وأستراليا ودول أخرى.
والأردن لديه 600 ألف لاجئ سوري، ومئات الآلاف من العراقيين، وملايين اللاجئين الفلسطينيين، لذا أعتقد أنه يجب على الناس ألا ينتقدوا الأردن في هذا الصدد، خصوصا أن المئات يدخلون يوميا، ولا نستطيع القول إن الحدود مغلقة.

* ترى لو استمرت الأعداد على ما كانت عليه، عندما كان يعبر الآلاف يوميا، كم تتوقع أن يكون العدد حاليا؟
- الأمر لا يقتصر على هذا السؤال فقط، ولكن، أيضا، ما نتائج ذلك على الأردن، فهو يستطيع فقط قبول عدد اللاجئين الذي يستطيع استيعابه، لكي يبقى مستقرا وآمنا بشكل كاف، وفي النهاية فإن هدف الحكومة هو الأمن للدولة، وحقيقة ان الأردن ما يزال يسمح لما يتراوح بين 400 إلى 600 سوري بالدخول يوميا هو أمر ممتاز.

* كم عدد اللاجئين السوريين الذين يعبرون يوميا إلى تركيا ولبنان مثلا؟
- يلجأ المئات إلى تركيا يوميا، والأرقام مشابهة للأردن، رغم ان لدى تركيا مصادر دخل أكبر بكثير، وهناك الكثيرون يعودون لسورية ومن ثم لتركيا "ذهابا وإيابا" باستمرار.
أما استغرابي فهو من الدول الأغنى مثل أوروبا وكندا وأميركا وأستراليا ودول عربية غنية، فهؤلاء يجب أن يقدموا أكثر للأردن للتخفيف عنه، ولا ينبغي على الأردن أن يطلب المال من أحد، بل على هذه الدول أن تتقدم إلى الأمام، وأن تتوقف عن التباكي على مشاكلها الخاصة، وأن تأتي إلى الأردن وترى واقع المشكلة بأعينها.
أعتقد أن الدول المانحة تدرك ذلك، وعلينا ربما أن نلح بالطلب اكثر، وربما كنت أنا شخصيا أكثر إلحاحا من غيري في هذا الشأن.
لا أريد القول إن تلك الدول ضامنة لاستقبال الأردن للاجئين، وتأخذ الأمر كمسلّمة، فالأردن بالفعل لديه تاريخ من الاستضافة والكرم لعهود، لكن ما نحتاجه هو استثمار في هذا البلد بما يتجاوز الاستجابة الطارئة، لأن اللاجئين قد يبقون هنا لأعوام.
وأنا قلق أيضا من أن عدة دول ستفقد اهتمامها بسورية وبأزمة اللاجئين، لأنها سترى صعوبة في حل هذه الأزمة، وبالتالي فإن كميات الدعم ستنخفض، ولا يمكن أن نسمح لهذا أن يحصل، بل علينا الاستمرار بالضغط قدر استطاعتنا ليدرك الناس عمل الأردن الرائع في هذا المجال، غير أن المساعدات غير كافية ونحتاجها أن تستمر طالما هناك لاجئون في الأردن.

* ما هو المبلغ الذي طلبتموه هذا العام كمساعدات؟
- هناك 50 منظمة مختلفة قدرت احتياجاتها للعمل في الأردن بمبلغ 1.2 مليار دولار، وهناك مبالغ مطلوبة لاستجابات الطوارئ، والاستجابات طويلة الأمد، وهي جزء من خطة الصمود، وتتضمن مدارس ومراكز صحية وكهرباء، وهناك أيضا حاجات قصيرة المدى للحكومة مثل وزارة الداخلية والقوات المسلحة، والتي نسعى لتغطيتها نحن وشركاؤنا، وتأتي ضمن خطة الاستجابة الإقليمية.
أما الحكومة الأردنية فطلبت أيضا 1.2 مليار دولار، بمعنى أن الحاجة ماسة لـ2.4 مليار للحكومة والوكالات العاملة في الأردن.

* ثمة سؤال حول برنامج إعادة توطين اللاجئين، فبعد إعلان الولايات المتحدة عن نيتها استقبال لاجئين سوريين العام الحالي ضمن هذا البرنامج، هل سيأخذون عددا معينا من الأردن؟
- أحتاج لمناقشة هذا الأمر مع الحكومة، أولا عن مدى مشاركتها ببرنامج إعادة التوطين، لأنها قضية صعبة، وما هي الأرقام التي يريدوننا أن نتحدث بها، وهناك دول قدمت أرقاما ستأخذها من المنطقة كلها.
أما الدول التي عرضت إعادة التوطين فحددت أرقاما لأعداد من ستستقبلهم، ولكن السؤال هل قسمت هذه الأعداد وفقا لتوزع اللاجئين في دول المنطقة؟ الواقع أنني لا أريد الحديث عن هذا قبل مناقشته مع الحكومة الأردنية.

* ماذا ستناقش مع الحكومة الأردنية؟
- سنبحث حجم برنامج إعادة التوطين الذي يرغبون فيه، لأن لهذا الأمر آثارا مختلفة، فقد يجذب الناس للقدوم إلى الأردن مثلا، لذا علينا معرفة من الذين هم بأمس الحاجة للتوطين.

* بخصوص اللاجئين العراقيين، هل نشهد ارتفاعا في أعدادهم نتيجة التطورات الأخيرة في بلادهم؟
- شهدنا ازديادا لكنه ليس بمستوى الأرقام التي شهدناها في العامين 2007 و2008، ومجموع العراقيين المسجلين لدينا كلاجئين هو حوالي 30 ألفا، مقارنة بـ600 ألف لاجئ سوري، وحاليا فإن عدد العراقيين المسجلين ما يزال قليلا.

* متى ستفتتحون مخيم الأزرق؟
- نتحدث مع الحكومة حول متى يفضلون افتتاحه، لأن القرار، في النهاية، يعود للحكومة الأردنية، ونحن جاهزون لذلك عندما تقرر الحكومة.

* هل ستنقلون لاجئين من "الزعتري" إليه؟
- لا، بل سينتقل القادمون الجدد من الحدود مباشرة إلى مخيم الأزرق.

* هل هناك حد أعلى لعدد اللاجئين السوريين، الذين يستطيع الأردن استقبالهم؟
- أعتقد أن هذا الحد سيكون مرتبطا بعدد الأطفال الذين يستطيعون دخول المدارس أو الذهاب للمراكز الصحية،
ويمكن أن يكون الرقم مرتبطا بمعدل تسرب الأطفال الأردنيين من المدارس، وعندما نبدأ برؤية مؤشرات على انخفاض في الرعاية الصحية مثلا، قد تتنشر الأوبئة في الأردن مثلا، ونشهد تدهورا في النظام المدرسي، ومشكلات في المياه، هذه هي الحدود التي يجب ان نتابعها.

* ختاما، كيف تصف معاملة الأردن للاجئين السوريين؟
- الأردن هو نموذج للمجتمع الدولي حول كيفية استقبال ومعاملة اللاجئين، ففي دول عديدة يستخدمون القوات المسلحة لإبقاء اللاجئين في الخارج، أما في الأردن فتقوم القوات المسلحة بمساعدة اللاجئين، ونرى هذا بشكل يومي، فحرس الحدود يحملون النساء الكبيرات في السن ومن يحتاج مساعدة، والأطفال، ويستخدمون آلياتهم ويتشاركون مع اللاجئين بطعامهم.
لم ألتق لاجئا واحدا شكا من أنه واجه صعوبة في التعامل مع القوات المسلحة، وهذا يعود لتقاليد هذه الدولة، ويجب التأكد من أن المجتمع الدولي لا يأخذ الكرم الأردني كأمر مسلّم به، وأرى أن تقاليد الكرم والضيافة الأردنية هذه يجب المحافظة عليها.

 

taghreedrisheq@

[email protected]