هجمة درامية غنائية لبنانية على "رمضان الأردني"

هجمة درامية غنائية لبنانية على "رمضان الأردني"
هجمة درامية غنائية لبنانية على "رمضان الأردني"

محمد جميل خضر

عمّان- بعد التجربة الناجحة لفريق مسرحية "لا يمل" رمضان العام الماضي في فندق الراديسون ساس، تسابقت رمضان هذا العام العروض الكوميدية اللبنانية على حجز مكان لها في فنادق المملكة (الخمس نجوم)، فكانت القاعة الرئيسية الكبرى في فندق الميريديان من نصيب عرض "cbm" المأخوذة فكرته (كما حال الأعمال الباقية) من برنامج كوميدي تلفزيوني يحمل الاسم نفسه، ووقع اختيار شربل خليل وفريق "بسـ مات وطن" على فندق الرويال وقاعته الرئيسية أيضا، فيما احتفظ فريق "لا يمل" (رولا وعباس ونعيم وعادل) ومعهم مخرج العمل وكاتب مشاهده ناصر الفقيه والمنتج طارق خوري بموقعهم الذي ارتاحوا له في فندق الراديسون ساس.

اضافة اعلان

وعلاوة على العروض المسرحية اللبنانية التي غزت رمضان الأردني، فإن كثيرا من الخيم الرمضانية التي زاد عددها هذا العام عن 75 خيمة في عمّان وضواحيها، تستقبل في أمسياتها الرمضانية نجوم غناء وسحرة و(كوميديانيين) لبنانيين.

ووراء الحج الفني الرمضاني اللبناني إلى الأردن والذي بدأ يتحول إلى ظاهرة، أسباب كثيرة، وربما ليس أولها الظروف السياسية غير المستقرة في الشقيقة التي تعاني من ظلم ذوي القربى وتكالب قوى دولية حولها وجعلها ساحة نزال بين عديد من القوى المؤثرة في المنطقة (إيران وسورية) وبين قوى من خارج المنطقة ليس سرا أنها بالدرجة الأولى أميركا وفرنسا.

ومن الأسباب ربما، العقود المجزية التي يوقعها الفنانون اللبنانيون في أكثر من حقل فني، خصوصا أن العروض المسرحية على وجه التحديد تقدم ضمن حزمة خدماتية في فنادق الخمس نجوم تشمل بوفيه إفطار مفتوح، ما يرفع قيمة تذاكر الدخول إليها، ولأنها (أي تلك العروض) تحظى (ربما) بمتابعة إعلامية محلية وربما عربية كون الجهات التنسيقية والتسويقية في تلك الفنادق تخصص أكثر من عرض مجاني تكريمي لوسائل الإعلام المختلفة.

ومع تقارب شفيف بين الوعي الشامي اللبناني ونظيره المحلي، فإن خيار الأردن (طالما كان السفر بالعروض ضرورة لا مندوحة عنها) يظل أفضل من خيارات أخرى خصوصا مع توتر العلاقات السورية اللبنانية وتراجع أشكال التبادل الثقافي والاستثماري بين الشقيقتين سورية ولبنان.

وباستثناء "لا يمل" الذي تخالط نجومه مع البيئة المحلية عبر تصوير مشاهد من النسخة التلفزيونية للعمل، ومن خلال الزيارات الشخصية والجماعية لبيوت أصدقائهم الأردنيين، فإن باقي عروض رمضان الإفطارية اللبنانية لم تخرج بعد من إطارها اللبناني، خصوصا "بسـ مات وطن" المنطوية من تأليف وإخراج شربل خليل تحت مسمى جديد في الفنون الدرامية هو الـ«ستاند أب كوميدي» أي «فن كوميديا المواجهة» الذي تمتد جذوره لأواخر القرن التاسع عشر في عالم الترفيه الشعبي في عروض الفنان رائد وعروض الكوميديا مارك تواين (1835-1910).

وظلت "بسـ مات وطن" إلى حد بعيد أسيرة الأجواء المحلية اللبنانية عبر صبها الزيت على النار المتأججة أصلا في الحياة السياسية اللبنانية، في لغة جارحة تدمي أحيانا وتشفي أحيانا أخرى، ليتداول في استكتشاته أحاديث الناس اليومية ووجعهم في شخصيات كوميدية محببة إلى الناس وفي الشخصيات السياسة التي تحكم في بلد الأرز.

وركز القسم الأكبر من مشاهد العمل على الانفجارات والاغتيالات التي حدثت في لبنان والتي أودت بكبار الإعلاميين والسياسيين وقادة الأحزاب السياسية، وفي فكرة مذهلة موضوعها برنامج تلفزيوني يستقبل اتصالات مباشرة ويقدّم جائزة مالية لمن يعرف أين سيقع الانفجار التالي؟ فيتصل مواطن سوري متجنّس من «بتغرين»، ويعمل جاسوساً في منطقة جونيه، ليخبر المذيعة بالتفصيل عن العبوة الموقوتة الموضوعة في إحدى السيارات ليشرح مكانها ولونها ورقمها ونوعها وذلك ليكسب الجائزة المالية، وكل ذلك بحسب المشهد المسرحي الذي أبدع في تمثيله ريمون صليبا.

يكشف شربل خليل في مسرحيته عن مأساة كبرى من خلال السخرية اللاذعة والمرّة لينطق باسم اللبنانيين الذين يرون في هذه «الاسكتشات» التي تعدّت الخمسة عشر «اسكتشا» متنفسا لأحزانهم في قالب درامي متجدد.

أسرة المسرحية مؤلفة من سبعة ممثلين هم كلود خليل، رنا شهاب، جان بو جدعون، زينة دكاش، ريمون صليبا، بيار شمعون، كريستيان زغبي إضافة إلى المخرج والكاتب شربل خليل.

ويحمل عرض "cbm" توجها عموميا بسبب اشتراك ممثلين من عدة بلدان عربية فيه (من سورية ومصر والأردن والإمارات والسعودية والبحرين إضافة إلى لبنان) وتقديمه تلفزيونيا في قناة عربية لا ترتبط مباشرة ببلد عربي محدد (mbc)، ورغم اقتصار نسخته المسرحية على ممثلين من سورية ومصر ولبنان إلا ان العمل ظل طليق الصبغة المكانية وقدم ويقدم علة شكل اسكتشات كوميدية غير محصورة بمنطقة بعينها.