هدية العراق للأردن

 ما نقل عن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، من أنه عمل على توقيع اتفاقية إنشاء أنبوب النفط العراقي الأردني قبل قدومه إلى عمان لحضور القمة العربية التي عقدت في البحر الميت الأسبوع الماضي، هو أمر مقدر، ويعكس الانعطافة الجديدة في العلاقة بين البلدين، والحرص على مزيد من التعاون والشراكات بينهما.اضافة اعلان
نقل عن الرئيس العبادي قوله إنه كان يسعى إلى أن يحمل هدية للأردن وهو قادم للمشاركة في القمة، فكان أن اتخذ مجلس وزرائه القرار بالموافقة على الأنبوب قبيل حضور العبادي لعمان، وأبلغ مسؤولين كبارا بالقرار مجرد أن وطئت قدماه الأراضي الأردنية.
بالتفاصيل، سعى الطرفان خلال الفترة الماضية إلى التوصل لاتفاق بهذا الخصوص، وبالفعل، نسّب وزير الطاقة العراقي لرئاسة الوزراء العراقية بالقرار، بعد أن اتفق الطرفان على تفاصيل المشروع. كل ذلك جاء بعد زيارات متبادلة عديدة لمسؤولين عراقيين وأردنيين.
الفكرة، أن ترؤس الأردن للقمة العربية على مدى عام مقبل، سيؤهل المملكة للقيام بدور يخدم القضايا العربية، وتقريب وجهات النظر في بعض الملفات العربية العربية، وقد رأينا أرضية لذلك الدور في اللقاءات الدبلوماسية المهمة التي انعقدت على هامش القمة، مثل المصالحة المصرية السعودية، والتقارب بين هذين البلدين، وكذلك اللقاء السعودي العراقي.
الأردن، كذلك، سيتمكن من تحقيق فوائد للبلد، فثمة خبران مفادهما أن الفرصة باتت أقوى لاستعادة ألق العلاقة التي فقدت مع العراق خلال الفترة الماضية، ومنها إعلان العراق أن حدود الطريبيل ستفتح خلال أربعة أشهر، الأمر الذي سيخفف من الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها شركات أردنية خلال فترة إغلاق الحدود، كما يساعد على زيادة التبادل التجاري بين البلدين، ويعيد تدفق الصادرات الوطنية للعراق بسهولة ويسر، ليعود العراق إلى موقعة كشريك أول للأردن.
أما الخبر الثاني المهم، فهو ما يتعلق بإنشاء خط النفط بين البلدين، فمستشار وزير النفط العراقي ضياء جعفر، قال إن توقيع اتفاقية أنبوب النفط العراقي مع المملكة سيتم في غضون الأسبوعين المقبلين.
وبحسب المستشار، فإن المملكة والحكومة العراقية لن تتحملا أي عبء في تكلفة عمليات التمديد التي تبلغ حوالي 5,6 مليار دولار، وأن من يتحمل الكلفة هو مستثمر المشروع "شركة ماس العالمية"، وسيستمر الاستثمار مدة 25 عاما من قبل الشركة.
المتفق عليه أن الحكومة العراقية سترسل وفدا يعيد قراءة مذكرة التفاهم التي وقعها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالله النسور مع حكومة بلاده لإجراء بعض التعديلات الطفيفة.
هناك رسوم ستدفع للحكومة الأردنية لمرور النفط العراقي في الأراضي الأردنية، ويجري التباحث حول قيمتها، وسيتم الاتفاق عليها، بينما سيكون الأنبوب للنفط فقط، فيما سيتم تأجيل النظر في أنبوب الغاز لبحثه لاحقا.
المهم في الأمر، أن عودة المياه لمجاريها بين الأردن والعراق، وبخطوات عملية، تعني أن العلاقة طيبة، ولذلك انعكاساته الإيجابية الكثيرة، فالبلدان ما يزالان ينظران إلى بعضهما كعمق استراتيجي، كل للآخر، وأن المنافع من جميع الشراكات تنعكس على البلدين بدون أدنى شك، والعراق، كما الأردن، يدرك ذلك.
هناك دور حيوي للأردن في إعادة العراق إلى البيت العربي، كما كان حاله دائما، وأيضا للأردن منزلة وعلاقات تؤهله للعب دور مهم في محاولة إتمام المصالحة العراقية، ومساعدة حكومة العراق على تنفيذ رؤيتها في هذا المجال.
في حال تم توقيع اتفاقية النفط في موعدها، أي قبل نهاية الشهر الحالي، سيكون ذلك انطلاقة لمرحلة جديدة من العلاقة بين البلدين. وقبل كل ذلك نقول: هدية العراق مقدرة، وتعكس دعما حقيقيا من بغداد لعمان، كما أنها أتت في وقت كنا نتوقع الهدايا من عواصم أخرى.