هزيمة برلسكوني

كانت استطلاعات الرأي في ايطاليا تعطي فوزا أكيدا لائتلاف يسار الوسط  بقيادة رومانو برودي الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، لكن برلسكوني مالك أكبر وسائل الإعلام قاد حملة مضادّة شرسة أوصلت الفريقين إلى التساوي تقريبا يوم الانتخابات.

اضافة اعلان

وقد بلغ الاقتراع نسبة يمكن التفاخر بها فعلا (83,6 %)، وكان الفارق بين القائمتين فقط 0,1% من الأصوات، لكن النظام الانتخابي يعطي نسبة مقاعد إضافية للفائز لتحقيق استقرار الحكومات، وسوف يشكل برودي الحكومة، وسوف يقود سياسة أبعد عن الولايات المتحدة وأقرب لأوروبا وسوف يسحب الوحدة الايطالية من العراق ويعمل على سياسة اقتصادية تراعي البعد الاجتماعي، وقد يعيد النظر في قوانين كانت صممت خصيصا لمصلحة برلسكوني قطب المال والأعمال.

ونريد بالمناسبة إلقاء بعض الضوء على النظام الانتخابي والقوائم لعمق دلالتها بالنسبة لحوارنا هنا حول الأحزاب والانتخابات. فقد تنافست قائمتان فقط لكن كل قائمة تحوي أكثر من دزّينة من الأحزاب، بل ان قائمة برودي لمجلس النواب كانت تحوي 15 حزبا ولمجلس الشيوخ 21 حزبا! هذا لنقول للذين يعتقدون أن المشكلة عندنا هي"كثرة" الأحزاب. لنقول لهم: إن المشكلة في وجود آلية انتخابية تجمع أكبر عدد من الأحزاب والمجموعات في قائمة واحدة. وتضم قائمة برودي أحزابا ومجموعات تذهب من الوسط الليبرالي إلى اليسار الشيوعي، بل إن الطرف الأضخم في القائمة واسمه قطب الزيتونة هو نفسه عبارة عن ائتلاف داخل الائتلاف، وقد حاز على 31,3% من أصل 49,8% من أصوات قائمة برودي. والناخب يختار القائمة واسم الحزب الذي يريده داخل القائمة، وبعض الأحزاب في الائتلاف لم تحصل على الحدّ الأدنى المطلوب للتمثيل، لكن أصواتها لم تذهب هدرا بل للقائمة. 

وقد تمت صياغة النظام الانتخابي الايطالي بحيث يجبر الأحزاب على الانضواء تحت ائتلافات كبرى. فالحزب السياسي لا يدخل البرلمان مستقلا إذا حصل على أقل من 4% من الأصوات، لكن من داخل الائتلاف يدخل البرلمان بأقل من هذه النسبة، أمّا الائتلاف نفسه فلا يدخل البرلمان بأقلّ من 10% من الأصوات.

وقد سهر الطليان على صياغة نظام يؤدي إلى وجود قائمتين رئيسيتين للانتخابات وجرّبوا على هذا الطريق أكثر من نظام. من النسبي الكامل القديم إلى المختلط خلال العقد الماضي إلى النسبي المصحح في الانتخابات الأخيرة. وقد وضعت آلية تجبر الأحزاب والمجموعات على الدخول في ائتلافات أكان بسبب الحواجز العددية أو التمويل. وتمّ الانتقال من الدائرة الواسعة الإقليمية إلى الدوائر الضيقة وحيدة المقعد إلى الصيغة الأخيرة باعتماد المحافظة دائرة واحدة باستثناء المحافظات الكبرى مثل روما وميلانو وصقلية فقد قسمت إلى دائرتين أو ثلاث.

[email protected]