هزيمة نتنياهو

منيت إستراتيجية اليمين المتطرف في اسرائيل بقيادة رئيس الحكومة نتنياهو وتصميمه على تنفيذ قرارات ضم غور الأردن وشمال البحر الميت للدولة العبرية في تحد واضح وتمرد على قرارات الشرعية الدولية واتفاقيات السلام التي عقدتها اسرائيل مع السلطة الفلسطينية والاردن ومجمل مسيرة السلام العربية الاسرائيلية، بهزيمة نتنياهو ومعسكره المتطرف وفشله في تنفيذ الضم، رغم الجهود المستميتة التي بذلها وما يزال على مدى عدة أعوام لحشد الدعم المحلي والأميركي لشرعنة عملية الضم، والاستمرار في استراتيجية التسلل الصهيوني الناعم للسيطرة الكاملة على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية وافشال عملية السلام برمتها.اضافة اعلان
هزيمة نتنياهو تحققت نتيجة عدة عوامل ينبغي التمسك بها ضمن مراحل الصراع والمواجهة مع استراتيجية الأطماع الصهيونية التي تشكل العقيدة العسكرية والسياسية لمعسكر التطرف اليميني التي باتت تسيطر على غالبية المجتمع الاسرائيلي.
اهم هذه العوامل بلا منازع جهود الملك عبدالله الثاني الذي ركز على اربعة محاور رئيسة لحشد مواقف رافضة لمواجهة قرارات نتنياهو، حيث حققت هذه الجهود الملكية هدفها بذكاء وتصميم عنيد من الملك، وجوهرها: ان تنفيذ قرارات الضم سيؤدي الى وأد عملية السلام مع الفلسطينيين والأردن، والأهم من ذلك احتمال ان تؤدي الى مواجهة كبرى مع اسرائيل وربما خروج الصراع والمواجهة الى خارج حدود المنطقة.
المحاور التي ركز عليها الملك تمثلت أولا بحشد الدعمين الشعبي والرسمي الأردني والفلسطيني والعربي لرفض القرارات الاسرائيلية واعتبارها عدوانا جديدا وحربا على الشعب الفلسطيني، حيث أجمعت الشعوب والحكومات العربية على تأييد موقف الملك بكل قوة، وثانيا حشد موقف الاتحاد الأوروبي والروسي والقوى الكبرى في العالم والأمم المتحدة ضد السياسات المتطرفة حيث حظي بتأييد قوي من هذه الدول، وثالثا على المستوى الأميركي حيث واصل الملك اتصالاته وجهوده الكبيرة مع القيادة الاميركية والكونجرس ومؤسسات القرار الاخرى في الولايات المتحدة برغم جائحة كورونا، حيث تواصلت عدة لقاءات للملك عبر الفيديو مع تلك القيادات أثمرت عن إقناع الرئيس الاميركي بالطلب من نتنياهو عدم تطبيق قرارات الضم والتركيز على جهود تسوية شاملة للصراع مع الفلسطينيين. رابعا كانت جهود الملك حاضرة ومؤثرة في مراكز صنع القرار في اسرائيل ذاتها وبعض أعضاء حكومتها، حيث رفض القرار من بني غانتس ووزير الخارجية وقيادات معسكر السلام في اسرائيل، وأكدت معظم القيادات ان اسرائيل ستدفع ثمنا باهظا وستخسر علاقات السلام الاستراتيجي مع الأردن إن أقدم نتنياهو على تنفيذ قرارات الضم.
الموقف الفلسطيني الشعبي والرسمي بشقيه في رام الله وغزة وفلسطينيي الداخل وأعضاء الكنيست العرب منهم، وقفوا مواقف بطولية ومشرفة في دعم وتأييد مطلق لموقف الملك عبدالله والتصدي لعنجهية نتنياهو ومعسكر التطرف الصهيوني الذي لا يؤمن بالسلام والتعايش والمستقبل وتسكنه هواجس عقائدية لا تمت للدين والشريعة اليهودية والأديان السماوية بصلة.