هكذا يتم إعادة الأمن إلى البلدات العربية

هآرتس

بقلم: امنون باري سولتسيانو وثابت أبو راس

اضافة اعلان

4/12/2019

العملية التي بدأت في الوسط العربي لإعادة السلاح بشكل تطوعي مقابل عدم التجريم لم تنته بعد. ولكن من الآن يظهر فشلها: عدد محدود من قطع السلاح تم تسليمها. الأمر رافقه كما هو متوقع تبادل اتهامات بين وزارة الأمن الداخلي وقيادة المجتمع العربي في إسرائيل. ولكن يبدو أن الجميع تغيب عنهم الحقيقة العميقة وهي أن هذا الفشل كان معروفا مسبقا.
سبب ذلك بسيط، الكثير من المواطنين العرب العاديين يتسلحون بالسلاح بسبب الشعور العميق بعدم الأمن. في الحقيقة، الحياة الآن في البلدات العربية التي فيها كل حادثة هامشية يمكن أن تتحول في لحظة الى حادثة عنيفة وربما قاتلة. وأشخاص كثيرون جدا يشعرون بأنه تم تركهم لمصيرهم. وإذا لم يدافعوا عن انفسهم وعن عائلاتهم فلا أحد غيرهم سيفعل ذلك، لا سيما الدولة. وطالما لم يتم الشعور بالأمن فان معظم المواطنين العرب لن يتنازلوا عن السلاح الذي بحوزتهم.
كيف يمكن خلق الشعور بالأمن؟ أولا، يجب على الدولة الاهتمام بشرطة تتعامل بصورة جيدة، تكون ناجعة وفي نفس الوقت عقلانية. وهذا يعني تواجد دائم للشرطة في البلدات العربية، واعتبار رجال الشرطة لوظيفتهم كخادمين للجمهور، حيث جزء مهم من دورهم هو منع الجريمة وحل المشكلات حتى قبل حدوثها؛ وزمن استجابة قصير على الأحداث، التدخل عند الحاجة من أجل وقف العنف وهو في المهد، بالضبط مثلما هو الأمر في البلدات العبرية؛ عدم محاولة تحويل المجرمين إلى عملاء أمنيين طوال الوقت، تقديم خدمات اجتماعية متساوية، وعدم التعامل مع المواطنين العرب الذين يجب عليهم حمايتهم وكأنهم تهديد أمني.
ثانيا، يجب معالجة المسببات العميقة للعنف. وهذا الأمر يشمل استئصال الفقر الذي يتفشى في الوسط العربي، وهو عامل معروف مسبب للجريمة؛ تحسين جهاز التعليم والثقافة كمدخل لاندماج أفضل في سوق العمل؛ انشاء وتشغيل مراكز للشبيبة ومنشآت رياضية وترفيهية؛ ويجب عرض بديل على جيل النرجيلة؛ زيادة عرض الأراضي وتخفيف الضائقة السكنية التي تتسبب الآن بتوتر شديد في البلدات العربية وتطوير ادوات مالية تزيد القدرة على الوصول الى المال والاعتماد المالي وتمنع الحاجة الى اخذ القروض من السوق الرمادية، التي هي ايضا من احد عوامل العنف.
ثالثا، تشديد النضال ضد منظمات الجريمة والمجرمين من خلال انفاذ شديد للقانون وتشديد العقوبات. هذه العناصر الاجرامية لا تتوق إلى الشعور بالأمن (بل العكس، هم يزدهرون في الفوضى الاجتماعية)، وهم لن يتنازلوا في أي يوم عن السلاح بارادتهم. من هنا فان ضبط السلاح الموجود لديهم يحتاج إلى عمل مصمم من قبل الشرطة. وهناك حاجة إلى عملية قوية، ولكن يجب الامتناع عن استخدام جنود حرس الحدود الذين يعملون بالاساس في معالجة التهديدات الأمنية ويتسببون بضرر آخر في الشعور بالأمن في اوساط العرب. ايضا الشرطة "الزرقاء" لها قدرة كاملة على تطبيق القانون. هذه الاعمال "غير لطيفة"، وبالتأكيد بالنسبة للمجرمين، بل ايضا بالنسبة لعائلاتهم، واحيانا لجيرانهم. ولكن حتى الآن يجب على الوسط العربي أن يؤيد هذه الاعمال والمساعدة عليها، حيث أنها في جوهرها تميز بين الاغلبية المطلقة التي تحترم القانون والاقلية الاجرامية التي تضر بالاغلبية.
هناك دور مهم آخر لقادة الجمهور العربي وهو اظهار المقاومة بشكل صريح للعنف، وبشكل خاص يجب على كل القيادة أن تدين بشدة العنف في المسائل التي يوجد للمجتمع العربي سيطرة عليها مثل عمليات الثأر وقتل النساء وبشكل عام العنف في العائلة. المزيد من القادة (خاصة القائدات من بينهم) يجب عليهم استجماع الشجاعة ومعارضة هذه الظواهر علنا. ولكن حتى الآن الحديث لا يدور عن الجميع. هذه الخطوات حيوية من اجل خلق الشعور بالأمن، الذي هو كما قلنا شرط ضروري لخفض كمية السلاح الموجودة في الشوارع. مع ذلك، الآن من المهم جدا مواصلة وسائل جمع السلاح الطوعي مقابل عدم التقديم للمحاكمة؛ يجب عدم الانتظار الى حين تنفيذ جميع الخطوات الاخرى التي ذكرت هنا. يجب علينا أن نكون واقعيين بخصوص نتائج هذه الخطوات: خلال الأسبوع الأول للعملية الحالية تم تسليم 9 قطع من السلاح، مقابل قطعة واحدة فقط تم تسليمها في العملية الاولى، التي جرت قبل سنة تقريبا. الحديث لا يدور عن كمية كبيرة، لكن بالتأكيد نحن نوافق على أنه اذا استمرت هذه العملية بصورة منظمة ومن خلال تعاون البلديات والمجتمع فسينشأ هناك زخم ايجابي وثقة. هذا سيبدأ بالتنقيط وفي نهاية الامر سيتحول الى تيار. مرة اخرى، كل ذلك بالطبع شريطة أن يتم اتخاذ الخطوات التي تم ذكرها هنا، وهكذا سيكون تحسن مهم في الشعور بالأمن في اوساط السكان.
إن الانشغال الزائد في مسألة من هو المذنب في العنف والجريمة في الوسط العربي بشكل عام، بما في ذلك "الفشل" المناوب لعملية تسليم السلاح، يجب استبداله بعملية مدمجة تشمل كل الوزارات والسلطات في إسرائيل من خلال تعاون حقيقي للمجتمع العربي، سواء في التخطيط أو في التنفيذ. من الواضح ما هو المطلوب، فقط يجب أن تكون هناك إرادة.