هلاّ أعدتم النظر بقانون تشديد العقوبات المؤقت المسمى "قانون العقوبات المؤقت" قبل فوات الأوان؟ 2/1

 

لا يتردد أي قارئ– حتى ولو لم يكن متخصصا في القانون الجنائي– أن يدّعي بحق وبمجرد الاطلاع على القانون الصادر في الجريدة الرسمية في تاريخ 2/5/2010 تحت المسمى "قانون العقوبات المؤقت"، أن هذه التسمية ليست دقيقة، وأن المسمى الصحيح له هو "قانون تشديد العقوبات المؤقت" أو "قانون تغليظ العقوبات المؤقت"، لا لأن الأغلبية الساحقة من نصوصه قد جاءت لتشديد العقوبات فقط، وإنما لأن استحقاق قوانين العقوبات لهذه التسمية لا يكون إلا إذا تضمنت نصوصها أيضا قواعد التجريم، بالإضافة إلى قواعد العقاب، أي تجريم الوقائع والأفعال التي يرى المشرع أنها تمس مصالح جوهرية لمجتمع لا غنى له عنها، لبقاء كيانه قائماً، متضمنا هذا التجريم؛ وفي الوقت نفسه تحديد أركان تلك الجرائم وعناصرها وظروفها وشروطها، وكل ما يتعلق بقواعد التجريم والعقاب وهو ما لم يتحقق في هذا القانون إلا لماما.

اضافة اعلان

أجل لقد جاء هذا القانون لتشديد جميع عقوبات الجرائم، مهما كان نوع الجرائم، جنائية كانت أم جنحية أم تكديرية (مخالفات)، جاء لتشديد عقوبات هذه الجرائم سواء أكانت استئصالية أم سالبة للحرية – كالحبس والأشغال والاعتقال مهما كان نوعه– أم كانت مالية كالغرامات، وللتمثيل فقط أصبحت تتراوح غرامة المخالفة بين خمسة دنانير وثلاثين ديناراً، بعد أن كانت تتراوح في القانون الأصلي بين خمسة دنانير وعشرة، في حين أصبحت غرامة الجنحة تتراوح بين ثلاثين ديناراً ومائتي دينار، بعد أن كانت تتراوح في القانون الأصلي بين عشرة دنانير ومائتي دينار، هذا إذا لم يكن القانون الأصلي قد حدد حداً أدنى أو أقصى لهذه الغرامات، هذا بالإضافة إلى أن هذا القانون قد ارتفع إما بالحد الأدنى أو الأقصى أو بالحدين معا، للغرامات الجنحية المنصوص عليها في القانون الأصلي، ولغايات التمثيل فقط، أصبحت تتراوح الغرامة على جريمة القدح الموجهة إلى المحاكم من خمسمائة دينار إلى ألف دينار أو الحبس من شهر إلى سته أشهر– بعد أن كانت تتراوح في القانون الاصلي بين عشرة دنانير إلى خمسين ديناراً، أما إذا كانت موجهة إلى إحدى الجهات الرسمية الأخرى المنصوص عليها في المادة (191) من القانون الأصلي، فقد أصبحت تتراوح هذه الغرامة بين ألف دينار وألفي دينار أو الحبس المنوه عنه بأعلاه. وهذه الجهات هي مجلس الأمة أو أحد أعضائه أثناء عمله أو بسبب ما أجراه بحكم عمله أو إلى إحدى الهيئات الرسمية او الإدارات العامة أو الجيش، أو إلى أي موظف أثناء قيامه بوظيفته، أو بسبب ما أجراه بحكمها، على الرغم من أن المحاكم ليست أقل قيمة أو أهمية من هذه الجهات. أما إذا كانت الجريمة المرتكبة هي جريمة التحقير وليست القدح، فإن الغرامة تكون من ألف إلى ألفي دينار، إذا كانت موجهة إلى موظف أثناء قيامه بوظيفته، أو من أجل ما أجراه بحكم الوظيفة، على الرغم من أن الغرامة كانت في القانون الأصلي من خمسين ديناراً إلى مائة دينار. أما إذا كانت هذه الجريمة موجهة إلى هذا الموظف وكان ممن يمارسون السلطة العامة، فالغرامة تكون من ألفين إلى عشرة آلاف دينار، أو الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، علماً بانه لم تكن تفرض أي غرامة في القانون الأصلي، الأمر الذي تصبح معه غرامة جريمة التحقير مساوية لغرامة جريمة الذم الواقعة على إحدى الجهات الرسمية، وتصبح أيضا مساوية لجريمة القدح عندما تكون موجهة إلى إحدى الجهات الرسمية المنصوص عليها قانونا، على الرغم مما هو مسلم به قانونا وفقها واجتهادا من أن جريمة التحقير هي أقل أنواع جرائم التشهير جسامة، فكل ذم يتضمن حتما قدحا، وكل قدح يتضمن حتما تحقيرا، ولكن العكس ليس صحيحا، ناهيك عن سبب هذه التفرقة التي لا مبرر لها بين الغرامة التي تفرض على مرتكبي جريمه التحقير بحق المحاكم والغرامة التي تفرض على إحدى الجهات الرسمية الأخرى.

وأخيرا لا آخراً فإن من مظاهر التشدد المبالغ فيه أن العقوبات في كثير من الجرائم الجنحية بموجب القانون المعدل تتضمن الجمع وجوبا بين الغرامة والحبس، في حين كانت العقوبة قبل التعديل بالنسبة لهذه الجرائم إما الحبس وإما الغرامة، وإما كان يقضى بهما على سبيل الجواز لا على سبيل الوجوب. وأما آخرا فإن عددا من الجرائم الجنحية قد استحالت الى جرائم جنائية وهذا أمر في غايه المبالغة والغلو في التشديد الذي لا مثيل له، فعلى سبيل المثال فقط، فإن أقدم شخص قصدا على قطع الاتصالات السلكية واللاسلكية أو بث أي من إذاعات الراديو أو محطات التلفزيون...الخ، أصبح يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة التي تتراوح بين ثلاث سنوات وعشرين سنة، في الوقت الذي كانت العقوبة فيه الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين. وإذا نجم عن الفعل خطر على السلامة العامة أصبحت العقوبة الأشغال الشاقة تتراوح بين خمس سنوات وعشرين سنة، في الوقت الذي كانت فيه العقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.

***

وإذا كنا نسلم بأهمية هذه المحال الموضوعية للجريمة، إلا أن ما هو غير مألوف قانونيا جعْل الجريمة جنائية. لقد أردنا فقط تسليط الضوء على هذا الغلو في زيادة الغرامات على من يرتكب جريمة كهذه على نحو لا نظير له في أي تشريع عربي أو غير عربي، واذا كنا نرى بأن الغرامة كانت غير مجزية في القانون الأصلي، ويتعين الارتفاع، بها ولكن للحد الذي يكون فيه هذا الارتفاع معقولا ومناسبا في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الناس خاصة، وأن أي تشريع يجب ان يأخذ بعين الاعتبار الحالة الواقعية لمن سيطبق عليهم هذا التشريع. أردنا فقط تسليط الضوء على بعض مظاهر الغلو في التّشديد، ولكن القانون يعج بعشرات الحالات الأخرى التي تم فيها رفع الغرامات على نحو ملحوظ لا يتسع المقال لذكرها؛ وكأن الهدف من إصدار القانون الجزائي هو رفد الخزانة بالأموال، مع أن الهدف من أي قانون عقوبات يصدر في اي بلد في العالم بعيد كل البعد عن الغرض المالي، اذ الهدف الرئيس هو تحقيق العدالة الجزائية بالدرجة الاولى وتحقيق الردعين العام والخاص مع أخذه بعين الاعتبار مراعاة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الذي يصدر فيه هذا القانون. نعم إن الهدف الرئيس للقوانين الجنائية هو عدم إفلات مجرم من العقاب وعدم إدانة بريء.

أما التشدد في عقوبات الحبس الجنحوية، فهناك عشرات الجرائم التي تم التشدد في عقوباتها،

فعلى سبيل المثال: اذا لم ينجم عن خطأ المشتكى عليه إلا إيذاء كالذي نصت عليه الماده (335)، (العاهة الدائمة أو ما في حكمها)، فالعقوبة تكون الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين أو بغرامة من خمسين دينارا الى مائتي دينار، علما بأنها كانت في ظل القانون الأصلي الحبس من شهر الى سنة او بغرامة من خمسة دنانير الى خمسين دينارا.

كما اصبح يقضى بالحبس من ثلاثة اشهر الى سنة اذا وقع خرق حرمة المنزل ليلاً

بالدخول إليه في الوقت الذي كان يقضى فيه بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر، واذا وقع الفعل بواسطة العنف على الاشخاص او الكسر او باستعمال السلاح او ارتكبه عدة اشخاص؛ فالعقوبة تكون الحبس من ستة أشهر إلى سنتين، علماً بأن العقوبة كانت الحبس من شهر إلى سنة.

وخلاصة لهذه الجزئية، فإننا نشير الى أن عدداً كبيرا من الجرائم الجنحية قد استحالت العقوبة فيها من الحبس إلى الغرامة وإذا كان مثل هذا الامر يجيء لصالح الاغنياء، فانه على العكس من ذلك تماماً يجيء ضد مصالح الفقراء.

***

إن الأمر قد يكون أخطر في عقوبات الجرائم الجنائية، وللتمثيل أيضاً فإننا نورد ما يلي: -

1 - ارتفع الحد الاقصى للعقوبة في الجريمة الجنائية التي لا يكون القانون قد عيّن حدا اقصى لها من خمس عشرة سنة قبل التعديل الى عشرين سنة من الاشغال الشاقة بعد التعديل، ويصدق هذا الحكم طبعاً على الاعتقال أيضا.

2 - ومن مظاهر التشدد المبالغ فيه في عقوبات الجرائم الجنائية أن عقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة أصبحت بموجب التعديل (30 عاما)، في حين كان بالامكان بموجب قانون مراكز الإصلاح والتأهيل قبل التعديل إطلاق سراح المحكوم عليه بعد مضي عشرين عاماً من محكوميته اذا كانت هذه المحكومية الأشغال الشاقة المؤبدة متى أثبت حسن سلوكه، أما الآن فقد أوصد المشرع المؤقت بتعديله، الأبواب أمام هؤلاء كي يقضي المحكوم عليهم بهذه العقوبة ثلاثين عاماً داخل أسوار مراكز الإصلاح والتأهيل مجردين من كل حافز لإثبات حسن سلوكهم، بكل ما تتضمنه هذه الإطالة من أعباء مالية تتحملها خزينة الدولة، بالاضافة الى ما يمثله هذا التعديل من اعتراف بأنه لا فائدة من اخضاع هؤلاء الاشخاص للاساليب التأهيلية التي يخضعون لها داخل مراكز الاصلاح والتأهيل، ولا ندري بعد الثلاثين عاما كيف يمكن ان يعود لأهله ومجتمعه، أيعود أحدهم حياً محبطا أم ميتا؟

3 - ومن مظاهر التشدد أن عقوبة الشروع التام في جريمة عقوبتها الإعدام، أصبحت الأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة بين خمس عشرة سنة وخمس وعشرين سنة بعد أن كانت في القانون الأصلي الأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة، واصبحت هذه العقوبة تتراوح بين خمس عشرة سنه وعشرين سنة من الاشغال الشاقة او الاعتقال، اذا كانت عقوبة الجريمة الأصلية الاشغال الشاقة المؤبدة او الاعتقال المؤبد بعد ان كانت من سبع سنوات الى عشرين سنة، كما اصبحت من اثنتي عشرة سنة الى خمس عشرة سنة من العقوبة ذاتها إذا كانت عقوبة الجريمة عشرين سنة، بينما كانت تخفض في القانون الأصلي من الثلث إلى النصف، لا فرق بين ما إذا كانت العقوبة في القانون الأصلي عشرين عاما او ما دون ذلك.

4 - وكذلك شدد العقاب على نحو مبالغ فيه بالنسبة للمحرضين والمتدخلين في الجرائم على مقتضى نص الماده (81) من قانون العقوبات، وهناك عشرات الجرائم الجنائية التي شددت العقوبات فيها من الأشغال الشاقة أو الاعتقال، مما لا يتسع ذكره في هذا المقال، وما على القارئ إلا ان يراجع مندرجات القانون المؤقت.

واذا كان التشدد في العقوبات على اختلاف أنواعها هو أمر مبالغ فيه ولا نظير له في أي قانون عربي أو غير عربي، إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن صدور هذا القانون شكل خللاً في السياسة الجنائية، التي كانت مستقرة لردح من الزمن طويل، ويمثل هذا الخلل في السياسة الجنائية التي تعني مجموعة الوسائل التي يمكن اتخاذها في وقت معين في بلد معين من أجل مكافحة الإجرام كما عرّفها الفقيه الألماني فوبرباج، والتي تقوم على شرطين وهما سياسة التجريم وسياسة العقاب اللتان تؤديان في النهاية
– مع تبني سياسة الوقاية من الاجرام– الى ما يطلق عليه استراتيجية مكافحة الإجرام، ولا بد من أن يكون هناك توازن وتضافر وتعاون بين هذه السياسات جميعا حتى تحقق النتائج المرجوة منها على الوجه الأكمل.

وبتوضيح أكثر نقول بأنه لا بد أن يكون هناك تناسب طردي بين الجريمة والعقاب، فكلما كانت الجريمة أقل جسامة استحقت عقوبة أقل شدة، وكلما كانت الجريمة أشد جسامة استحقت عقوبة اكثر شدة، ولهذا كانت عقوبة الجرائم التكديرية (المخالفات) أقل شدة من الجنح، وعقوبات الجنح اقل شدة من عقوبات الجنايات.

وبعبارة أخرى نقول بأنه عندما وضعت القوانين العقابية في العالم، تمت مراعاة هذا الأمر بكل مهنية وحرفية بغض النظر عن المذاهب او المدارس القانونية التي تنتمي اليها هذه القوانين، وانتمت هذه إلى المدارس الانجلوسكسونية أو اللاتينية– الفرنسية، وغيرها– أو الجرمانية أو الاشتراكية، وهذا ما هو عليه الأمر بالنسبة لقوانين العقوبات في البلاد العربية، لا فرق في ذلك بين قانون العقوبات المصري أو السوري أو اللبناني أو العراقي أو الأردني، وقد استقرت هذه المفاهيم في البلاد العربية منذ أن استقلت هذه البلاد. إن الكثير من نصوص قوانين العقوبات العربية مقتبسة عن قانون العقوبات الفرنسي الذي استن في زمن الامبراطور نابليون بونابرت عند توليه الحكم في فرنسا، على يد مجموعة من علماء القانون الجزائي في فرنسا، بعد دراسة متأنية ومعمقة من قبلهم لطبيعة الجرائم وجسامتها، واستقر الوضع على ما هو عليه حتى الآن، خاصة بالنسبه للجرائم التقليدية. وقد اقتصرت التعديلات التي كانت تتم على عقوبات الجرائم المستحدثة فقط على مسايرة للتطورات العلمية الحديثة.

ونتيجة لذلك لم تتغير عقوبات جرائم القتل، إن في فرنسا أو مصر أو سورية أو لبنان أو العراق، وكذلك الحال بالنسبة لجرائم الأموال من سرقات واحتيال وإساءة أمانة واغتصاب وهتك عرض وخطف إلى آخره، مراعاة للتناسب بين سياسة التجريم وسياسة العقاب، أي بين الجرائم والعقوبات، لكن من أسف تغير الأمر لدينا كليا بعد صدور قانون تشديد العقوبات المؤقت وتم الاخلال بهذا التناسب بين الجرائم والعقوبات، فلم تعد تتناسب العقوبات التي فرضها القانون المؤقت مع الجرائم المنصوص عليها في القانون الأصلي، الأمر الذي أدى إلى خلل خطير في السياسة الجنائية والعدالة الجزائية معاً، هذا فيما يتعلق بالسياسة والعدالة.

اما فيما يتعلق بالمخالفات القانونية الجوهرية التي تنبو عن كل حصر وعدّ، فاننا سنقتصر على الاشارة الى بعض أبرز صورها وتتمثل فيما يأتي:

1 - إذا أصدر جلالة الملك عفوا خاصا عن عقوبة الإعدام الصادرة بحق أحدهم، لتصبح الاشغال الشاقه المؤبدة بدلاً من الاعدام على مقتضى نص الماده (38) من الدستور، فإن هذه العقوبة تصبح بموجب القانون المؤقت مدى الحياة بالنسبة لذلك الشخص. وهذا أمر خطير لأن هذا النص غير دستوري - يتماهى مع عدم دستورية اصدار القوانين المؤقتة الا في ظروف تقتضيها وفقاً لما يتطلبه قضاء محكمة العدل العليا واستقر عليه، لانه لا يجوز للمشرع العادي سواء أكان دائماً او مؤقتاً ان يضيف للنص الدستوري ما ليس فيه، إذ لو أراد الدستور منح المشرع العادي مثل هذا التفويض لتنفيذ هذا النص، لنص على ذلك صراحة وفقاً لما فعله في الماده الثامنة من الدستور، اذ نص على أنه لا يجوز أن يوقف أحد او يحبس الا بمقتضى القانون. ويصدق هذا الامر ليس فقط على خرق حرمة الحياة الخاصة بجميع انواعها ومظاهرها ، وانما ايضاً في كل مرة او حالة يتطلب فيها الدستور تنفيذ نصوصه بقوانين عادية.

ونكاد نلحظ عدم دستورية نص المادة (20) من القانون الأصلي المعّدلة بموجب الماده (7/ب) من القانون المؤقت من زاوية أخرى، فالهدف من العفو عن عقوبة الإعدام وابدالها بالاشغال الشاقة المؤبدة سنداً لنص الماده (38) من الدستور، هو الحيلولة دون تنفيذ عقوبة الإعدام ذات الصفة الاستئصالية، في حين جعْل المشرع المؤقت عقوبة الاشغال المؤبدة في حال العفو الخاص ، تستغرق حياه المحكوم عليه باكملها ، لا يعدو هذا التقين الجديد اكثر من كونه اضفاء للصفة الاستئصالية على هذه العقوبة لانها تبقي المحكوم عليه بعيداً عن المجتمع وراء القضبان طيلة مدة حياته حتى مماته، الأمر الذي يصح معه أن يقال بأن ما أراد المشرع الدستوري تجنبه بهذا العفو، حققه المشرع العادي بنص المادة (7/ب ) من القانون المؤقت، وهو ما يشكل تعارضا بينهما على نحو يتعين معه تغليب الدستور على القانون .

2 - ومن مظاهر الأغلاط الجوهرية القانونية التي وقع فيها المشرع المؤقت، انه عندما تصدر المحاكم عقوبة الاشغال الشاقة في جرائم السلب على الطريق العام في المادتين (402 و404) فعليها ان تصدر هذه العقوبة من دون استخدام كلمة (مؤقتة) الى الاشغال الشاقة، بعد ان تم الغاء هذه الكلمة خلافاً لما هو عليه الحال في سائر جرائم السرقات والجرائم الجنائية الأخرى التي تصدر فيها المحاكم بالادانة، حيث يتعين عليها ان تفرض هذه العقوبة بإضافة كلمة (مؤقتة) اليها، لانه لم يتم الغاء كلمة (مؤقتة) بالنسبة لعقوبتي الاشغال الشاقة المؤقتة والاعتقال المؤقت من القواعد العامة وبالتحديد من نص الماده (14) من قانون العقوبات .

* أستاذ الدراسات العليا لقانوني العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية في كلية الحقوق بالجامعة الأردنية، عميد الكلية سابقا