هل تسمح الحكومة بتعيين مرضى "الإيدز"؟

تعبرية عن الإيدز
تعبرية عن الإيدز
حنان الكسواني عمان- لم تقتصر مطالبات مجتمعية وبرلمانية العام الحالي، بالتصدي لوصمة مجتمعية ملتصقة بالمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية “الايدز”، بل ذهبت الى تحركات عملية جادة، للضغط على الحكومة لـ”إلغاء تعليمات تستثني تعيين المصابين في وظائف رسمية، قد تحسن من أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية”. ورفضت المطالبات التي جاءت بالتزامن مع اليوم العالمي لـ”الايدز”، الذي يصادف مستهل كانون الثاني (ديسمبر) من كل عام، أن يظل العمال والباحثون عن عمل والمتقدمون لوظيفة، تحت “مقصلة” تعليمات رسمية، رسخت مبدأ التمييز. وتبتعد عن تحقيق تكافؤ الفرص، فيما يسير “القطاع الخاص” على خطى الحكومة، وتشجّع رفض تعيينهم في حال كشف الفحص الاجباري عن اصابتهم.

دعوة لتعديل القوانين الرسمية

وبحسب مدير مركز (سواعد) للتغيير المجتمعي الدكتور عبدالله حناتلة، ان التعليمات الرسمية التي شملت مرضى “الايدز” بعدم تعيينهم في الوظائف الحكومية، وثقت مبدأ التمييز في العمل والتي يجب ألا تكون الإصابة بـ”الايدز”، أو شبهة الإصابة به، سبباً يقوم عليه التمييز ويحول دون التوظيف أو الاستمرار في العمل بل عمقت منذ سنوات مضت مشاكل المرضى الاقتصادية، وحولت أغلبهم الى فقراء مدقعين بل”معدومي الحال”. وأشار حناتلة، وهو المدير التنفيذي السابق في البرنامج الوطني لمكافحة (الإيدز) في حديثه لـ”الغد”، إن تحركات مجتمعية نيابية، بدأت فعليا تسعى مع جهات رسمية وبالذات ديوان الخدمة المدنية ووزارة الصحة، باستثناء مرضى “الايدز” من من قائمة الامراض التي تحول دون التعيين او الابتعاث الصادرة في الجريدة الرسمية، وازالة وصمة عن المصاب بالفيروس بانه “غير لائق صحي”. وينص نظام التقارير واللجان الطبية لسنة 2014 وتعديلاته، على أن يصدر الوزير جدولا بالأمراض التي تحول دون التعيين أو الابتعاث، والتي جاءت بـ14 مرض من بينهم “الايدز”، ثم جاء نص المادة من نظام الخدمة المدنية المادة (43) انه: يشترط في تعيين أي وظيفة بأن يكون: أردني الجنسية وسالما من الأمراض والإعاقات البدنية والعقلية التي تمنعه من القيام بأعمال الوظيفة التي سيعين فيها بموجب قرار من المرجع الطبي المختص. عليه، ركزت المطالبات المجتمعية وفق حناتلة، على الغاء الفحص الاجباري للكشف عن امراض مرتبطه بامراض جنسية، والتي لا تنتقل الا بطرق معينة، ولا تهدد صحة الآخرين في بيئة العمل، مع الإشارة الى ضرورة العمل على “ضمان السرية الفعلية بشأن البيانات الشخصية، بما في ذلك البيانات الطبية. وذهبت المطالبات، الى ابعد من ذلك، بل في حال تعيينهم بالقطاء الخاص، ينبغي أن يجري التعامل مع حالة التغيب المؤقت عن العمل جراء المرض، والتعامل مع مثل حالات التغيب لأسباب صحية أخرى، وتكييف استراتيجيات الوقاية مع الظروف الوطنية ونوع مكان العمل، بحسب حناتلة. وقال إن عدم تعيينهم دفع أغلب المتعايشين مع المرض لإخفاء طبيعة مرضهم عن أصحاب العمل، خشية انهاء عملهم تعسفيا، وقد تعامل “سواعد” قانونيا مع حالات جرى فصلها ولم تحصل حقوقها.

المطالبة بالمساواة

منظمة الصحة العالمية دعت في هذا اليوم العالمي، القادة والمواطنين في العالم للتجمّع لمواجهة أوجه عدم المساواة التي تزيد من حالات “الإيدز”، للوصول لمن لم يتلقوا حالياً الخدمات الأساسية المتعلقة بفيروس العوز المناعي البشري. وتبرر المنظمة الأممية، التركيز على شعار حملتها لهذا العام “القضاء على أوجه عدم المساواة وسيلة للقضاء على الإيدز”، في ظل استمرار أوجه عدم المساواة والتحديات التي تفرضها جائحة كورونا، ما يتطلب بذل جهود متجدّدة للقضاء على فيروس العوز المناعي، باعتباره تهديداً للصحة العامة بحلول عام 2030. ولم تغفل المنظمة، في رسالتها للحكومات، التركيز على الإنصاف بأن نضمن حصول الجميع في كل مكان وعلى قدم المساواة، على وسائل الوقاية من هذه الفيروس واختباره وعلاجه ورعايته، بما في ذلك التطعيمات والخدمات المتعلقة بكورونا، وفق حناتلة. واستند حناتلة على ما اشارت اليه منظمة العمل بشأن “الايدز”، وتوصياتها بشان المتعايشين معه، المتعلقة بالعمل، وجهودها لتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة التمييز والوصم بشأن الفيروس، مع الإشارة لأهمية الحد من الاقتصاد غير المنظم عن طريق تحقيق العمل اللائق والتنمية المستدامة.

مشاكل يواجهها مرضى الإيدز

ويزيد الفقر وانعدام المساواة الاجتماعية والاقتصادية والبطالة، من خطر الافتقار لسبل الحصول على الوقاية والعلاج والرعاية والدعم، ما يزيد من خطر انتقال الفيروس، وفق حناتلة، الذي أشار الى “أن الوصم والتمييز والتهديد بخسارة الوظيفة، يزيد من استضعاف العمال، ويقوض حقهم بالحصول على المعونة الوطنية الاجتماعية”. في المقابل، قد يتخوف صاحب العمل من التعامل مع المتعايشين لعدم وجود معلومات كافية عن الحماية من طرق انتقال الفيروس، سواء بنقل دم الملوث بالفيروس، أو بممارسة الجنس غير الآمن، أو عن طريق امرأة تحمله وتنقله إلى جنينها أو طفلها، بالإضافة لتعاطي المخدرات بابر ملوثة. هذا الوضع الرافض لخلق فرص عمل لائق لهم، قد يلجأ متعايشين إلى ممارسات خاطئة لنيل المال فتزداد المشكلة، ما يتطلب توفير فرص عيش كريم لهم للوقاية والسيطرة على المرض، في بلد تعتبر من البلدان ذات الإصابات المنخفضة إذ لم يتجاوز اعداد الإصابات المكتشفهة 484 حالة، توفي منهم 184 منذ أكتشاف اول إصابة عام 1986. وفي الوقت الذي تركز الجهات الرسمية على الطلب من أي عامل، الخضوع لاختبار يكشف عن “الايدز”، فمن الاجدى تكثيف جهودها لوضع تدابير للتصدي للمتعايشين في عالم العمل، وأن تكون جزءاً من السياسات والبرامج الإنمائية الوطنية، بما في ذلك المتعلقة بالعمل والتعليم والحماية الاجتماعية والصحة. أما بالنسبة للسياسات والبرامج الوطنية، فاقترح حناتلة بأن تعتمد الحكومة سياسات وبرامج وطنية بشأن “الايدز” في عالم العمل، والتركيز على السلامة والصحة المهنيتين، على ان تدمج هذه السياسات في الخطط الإنمائية واستراتيجيات الحد من الفقر، واستراتيجيات العمل اللائق، والمنشآت المستدامة والاستراتيجيات المولدة للدخل. ودعا حناتلة، لأن تتحرك الحكومة لوضع سياسات وبرامج بالتشاور مع المنظمات، تمثيلاً لأصحاب العمل وللعمال، والمنظمات الممثلة للمصابين بـ”الايدز”، مع مراعاة آراء القطاعات المعنية، بخاصة القطاع الصحي. إقرأ المزيد:  اضافة اعلان