هل تكون العقبة المقصد البديل لشرم الشيخ؟

يواجه قطاع السياحة في مصر كارثة حقيقية، بعد قرار السلطات الروسية إجلاء عشرات الآلاف من السياح الروس من منتجعاتها السياحية؛ شرم الشيخ والغردقة وطابا، وتعليق رحلات الطيران إليها، كرد فعل على حادث تحطم الطائرة الروسية في صحراء سيناء قبل أيام، ومقتل 224 شخصا كانوا على متنها.اضافة اعلان
وبعد توارد تأكيدات استخبارية عن احتمال سقوط الطائرة بفعل عمل إرهابي مدبر، حذت دول غربية كبريطانيا حذو روسيا، فقررت إجلاء رعاياها من شرم الشيخ، وتعليق رحلات الطيران إلى مطار المنتجع.
ما كان ينقص مصر التي تواجه أوضاعا اقتصادية صعبة، ضربة موجعة كهذه؛ إذ تشير وزارة السياحة المصرية إلى أن مغادرة السياح الروس والبريطانيين، وتعليق رحلاتهم إلى منتجعات مصر، سيحرم البلاد من 70 % من إجمالي عائدات السياحة. وتعني خسارة بهذا الحجم فقدان آلاف فرص العمل، ونسبة كبيرة من عائد الخزينة من العملات الصعبة.
تحولت شرم الشيخ في السنوات الأخيرة إلى قبلة للسياح الروس، يأتون إليها بالآلاف أسبوعيا، ويقضون فيها أياما طويلة، هربا من برودة الطقس في بلادهم، ومقابل تكلفة مالية منخفضة جدا مقارنة مع مناطق أخرى في العالم. وآلاف البريطانيين والإيطاليين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، ساروا على درب الروس؛ فتحولت شرم الشيخ في غضون سنوات إلى واحد من أكبر المنتجعات السياحية في المنطقة والعالم.
الأردنيون بالطبع من بين الرواد الأوائل لشرم الشيخ. وفي عطل الأعياد وإجازة الصيف، تلتقي بأصدقاء في "شرم" قلما تصدفهم لسنوات في عمان.
يأسف المرء لما حل بشرم الشيخ، التي أسست بنيتها الفندقية لاستيعاب الأعداد الهائلة من السياح، وهي اليوم خاوية على عروشها. ولا يمكن لنا كأردنيين وعرب، مهما اختلفت مواقفنا من النظام السياسي في مصر، أن نبتهج لهذه الكارثة، لأن المتضرر الأول منها هو المواطن المصري البسيط، واقتصاد دولة شقيقة وعزيزة.
لكن إذا كانت دولة شقيقة قد خسرت جراء هذه الكارثة، فهل يمكن التخفيف من حجم الخسارة بتوجيه السياحة الروسية والغربية نحو بلد عربي، وأعني هنا بلدنا الأردن؛ لتكون العقبة بمناخها المماثل لشرم الشيخ، هي المنتجع البديل؟
لا تتمتع العقبة بنفس مواصفات شرم الشيخ؛ السعة الفندقية محدودة نسبيا، وكلف الإقامة أعلى بكثير من شرم الشيخ. لكن يمكن للقائمين على قطاع السياحة وضع خطة عاجلة للتكيف مع الظروف المستجدة، تأخذ بعين الاعتبار تقديم عروض منافسة تقترب من تلك التي كانت معروضة في منتجعات مصر.
الاستقرار في العقبة ليس محل سؤال، وأجواء الأردن مأمونة بالكامل، والإقامة في العقبة تمنح السائح فرصة لزيارة البترا، والتمتع برمال صحراء وادي رم، والوصول إن شاء إلى منتجع البحر الميت في أقل من ساعتين.
لنا علاقات طيبة مع روسيا، ويعلم قادتها حقيقة الاستقرار في الأردن. وللسياح الروس معرفة بالعقبة، عبر المجموعات السياحية المحدودة التي تأتي إليها سنويا. ينبغي الاستثمار بهذه الفرصة، وتشجيع الروس على التوجه إلى العقبة كمقصد للسياحة الدافئة.
لا نريد زحفا سياحيا كالذي كان في شرم الشيخ؛ فنادق العقبة لا تحتمل أصلا أعدادا كبيرة، يكفينا ربعهم لإنعاش قطاع السياحة الذي يعيش أسوأ حالاته.
هل يتحرك القائمون على القطاع لاقتناص الفرصة، أم أن "الجمل بما حمل" سيذهب في طريقه إلى إيلات؟