هل ساهمت كورونا فعلاً في تسريع ابتكارات التسويق والبيع عبر الإنترنت؟

image
image

*بقلم رامز شحادة

خلال نهاية عام 2019، كنت أنا والفريق نعمل على وضع الخطط الخاصة بالعام المقبل بالتركيز على التوجهات الرئيسية التي تؤثر في الأعمال التجارية على مستوى العالم وعبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

اضافة اعلان

وكنا نستقي معلوماتنا حول التواصل مع الناس والشركات على مدى السنوات القليلة المقبلة من خلال متابعة ورصد التوجهات المتزايدة للخدمات التي تقدم عبر الهاتف المتحرك، مثل؛ التراسل والتجارة الإلكترونية والحوارات الدائرة حول الأنشطة التجارية وتوسع النظام البيئي الشامل لمزودي الخدمات التقنية.

وقد كانت هذه التوجهات متصاعدة بشكل متسارع ولربما كانت ستصل إلى أوسع مدى لها خلال فترة السنوات الخمسة المقبلة، لكن كوفيد-19 دفع اختصار تلك المسافة الزمنية لأشهر قليلة وحسب.

وقد أثبتت "الحاجة" فعلاً أنها ليست فقط "أم الاختراع" ولكنها أيضاً أساس تبني الناس لتوجهات بعينها.

وقد جسدت الصورة التي شهدت مشاركة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي تأثير كوفيد-19 كمحرك رئيسي وراء التحول الرقمي للشركات، وذلك لأنها عبرت بشكل واقعي عن الحقيقة الملموسة.

من الذي قاد التحول الرقمي في شركتك؟

  • الرئيس التنفيذي
  • رئيس إدارة تقنية المعلومات
  • كوفيد-19

وكنتيجة لهذا الوباء، أثبتت عمليات التحول الرقمي أنها أمر حاسم لاستمرارية الأعمال التجارية في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة في قطاع التجارة الإلكترونية الذي أسهم بقوة في تعزيز مساهمة الاقتصاد الرقمي على المستوى الوطني.

فوفقًا لتقرير التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات لعام 2019، فقد ساهم الاقتصاد الرقمي بنسبة 4,3% من إجمال الناتج المحلي للدولة، ومن المتوقع أن تصل قيمة هذا القطاع في الدولة إلى 63,8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2023.

والآن، وعلى الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تمثلها جائحة كوفيد-19، إلا أن قطاع التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات قد أثبت أنه أكثر نجاحاً بالمقارنة مع أكثر من 30 من الاقتصادات الأخرى، وذلك وفق تحليل حديث أجرته غرفة تجارة وصناعة دبي.

ويتضح ذلك من حقيقة أن المبيعات عبر الإنترنت في المنطقة آخذة في الارتفاع وفقًا لتقرير جديد صادر عن "مؤسسة دبي للمستقبل" بعنوان "الحياة بعد كوفيد-19: اتجاهات المستقبل - مستقبل التجارة الإلكترونية".

فعلى سبيل المثال، نجد أن مؤسسة تجارية كبرى مثل ماجد الفطيم التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، وتشغل 27 مركز تسوق شهير، من بينها مول الإمارات، قد شهدت ارتفاعاً كبيراً في حجم المبيعات عبر الإنترنت، حيث زادت أعداد عملائها عبر الإنترنت إلى 59% على أساس سنوي في شهر مارس 2020.

وقد أطلقت سلسلة متاجر "كارفور" التابعة لشركة ماجد الفطيم مؤخراً منصتها الإلكترونية الموحدة التي توفر أكثر من 100 ألف منتج.

وتضم أيضاً الأصناف التي تباع في المتاجر والأكشاك داخل مراكز التسوق، وتشمل المنصة أيضاً تطبيق ذكي متوافق مع الأجهزة اللوحية والهواتف المتحركة الذكية.

وبذلك تكون الشركة قد أعادت ابتكار تجربة التسوق لأكثر من 750 ألف متسوق يومياً. وعلى ذات القدر، شهدت شركة بن داوود القابضة في المملكة العربية السعودية ارتفاعاً بنسبة 200% في المبيعات عبر الإنترنت منذ تصاعد أزمة كوفيد-19.

وهذا يدل على أن الشركات من جميع الأحجام قد اضطرت في مرحلة ما إلى تسريع عمليات تحويل نماذجها والتركيز في المقام الأول على البيع عبر الإنترنت، وذلك ينطبق أيضاً على أولئك الذين نظروا في السابق إلى "الرقمنة" باعتبارها قناة بيع ثانوية>

ومن هنا، يتعين عليهم اليوم إعادة توجيه كل جانب من جوانب أعمالهم لتمكين أنفسهم وقدراتهم في مجال البيع عبر الإنترنت. وهذا هو السبب في أن "فيسبوك" قد أعلنت مؤخراً عن Facebook Shops وهي طريقة توفر للأعمال التجارية إمكانية إنشاء متجر واحد عبر الإنترنت على فيسبوك وانستجرام مجاناً.

وفي حين أن المتاجر الفعلية ستكون دائماً مهمة للتسوق والترفيه والتواصل الاجتماعية الفعلي والنشاط الاقتصادي بالنسبة للمجتمعات المحلية، إلا أنه من الواضح أيضاً أن التجارة الإلكترونية تعد اليوم واقع موجود معنا وينمو.

وستستمر التجارة الإلكترونية في دعم “الاقتصاد في زمن العزل"، وذلك على الرغم من بدء دول مثل الإمارات ودول أخرى في المنطقة في تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي بحذر..

فماذا يعني هذا لمستقبل التجارة؟ وكيف يمكن للشركات والعلامات التجارية التكيف مع هذا الوضع الطبيعي الجديد؟

مراجعة تجارب التسوق الإلكتروني

أولاً، يتعين على الشركات إيجاد طرق مبتكرة لإعادة تصميم تجاربها للتسوق والتي تعتمد كلياً على عدد زوار المتجر. وستستمر مجموعة متنوعة من نماذج التسوق عبر الإنترنت في التوسع خلال “الاقتصاد في زمن العزل" مثل: التسوق مباشرة من منصات التواصل الاجتماعي والفيديو المباشر والتراسل مع الشركات ونموذج "اشتريها واستلمها بنفسك" أو خدمات الاشتراك.

إن كل هذه النماذج تبدو مستعدة لتحقيق نمو هائل. فعلى سبيل المثال تستخدم مجموعة Apparel، تطبيق "واتس آب" لخدمة عملائها وكقناة مبيعات فعّالة عبر الإنترنت خلال هذه الفترة.

وفي الآونة الأخيرة، تمكنوا من تسجيل زيادة بنسبة 20% في المبيعات التي تم إنشاؤها بواسطة "واتس آب" لإحدى علاماتهم التجارية، وذلك بالمقارنة مع طلبات البيع القادمة من موقع التجارة الإلكترونية لتلك العلامات التجارية نفسها.

وقد رأينا أيضاً علامات تجارية ومنصات اجتماعية تستكشف تجارب التسوق عبر تقنيات "الواقع الافتراضي VR" والتي يمكن أن تلبي الاحتياجات الإنسانية للتواصل البصري والملموس.

وقد اكتشف الناس أنه لا توجد طريقة واحدة للتسوق وقد أوجدت هذه التقنية طريقة مستحدثة لاكتشاف المنتجات والتسوق عبر الإنترنت.

التركيز على التواصل في وقته الأصلي

بعد ذلك، تحتاج الأعمال التجارية إلى تحديث فهمها لما يفضله الناس، والتعلم باستمرار من إبداعاتهم. فعندما أنشأنا Facebook Live في بادئ الأمر، ربما لم نتخيل إمكانية الاستفادة منه واستخدامه كقناة بيع مباشرة.

ومع ذلك، تستخدم الشركات الآن الفيديو المباشر لإطلاق مجموعة من الأشياء مثل، متاجر الأحذية التي تعلن عن أحذية رياضية جديدة، والناشطات في مجال التجميل اللائي يقمن بتجربة أحمر الشفاه.

ووجدنا أن الناس يحبون الأمور الفورية والتواصل في الوقت الأصلي بغرض التسوق. وأخيرًا، تحتاج الشركات إلى الانتباه إلى شيء أساسي آخر وهو حاجتهم إلى التواصل مع المشترين والدردشة معهم وإضافة هذه القيمة الاجتماعية التي تجعل معاملاتهم التجارية أمر ممتع.

ولذا، وفي حين أننا لا نعلم إلى متى سيستمر الظل الثقيل لهذا الوباء العالمي أو التحديات الجديدة التي قد تواجهنا، إلا أننا نعلم أنه حدث تحول جذري في طبيعة التجارة وإلى الأبد.

وقد نكون في الواقع نعيد التاريخ. فلمئات السنين، كانت التجارة عبارة عن علاقة بدأت بحاجة شخص ما، ويقوم شخص آخر بتلبية تلك الحاجة.

ولم يكن ذلك مجرد نقلة نوعية، بل كان شكل من أشكال التواصل. والآن، حتى في فترة العزل الاجتماعي، ما يزال المستهلكون يبحثون عن تلك العلاقة، وهم يتواصلون رقمياً من أجل ذلك.

التفاعل مع الحوارات الدائرة على الانترنت

إن القدرة المتزايدة للمستهلكين على الاختيار لها أيضاً بعدها الاجتماعي الداعم، فهم يريدون توجيه التحية إلى الأعمال التجارية والشركات الصغيرة المفضلة لديهم في نطاقهم المحلي، ويريدون مساعدة المطاعم الموجودة في أحيائهم على البقاء مفتوحة.

وهم بذلك يقودون المحادثات ويشكلون مجتمعات حتى أثناء التسوق، وهم يتطلعون إلى ما هو أبعد من قائمة المنتجات، حيث يهتمون أيضاً بالقيم والمهام التي تمثلها تلك الأعمال التجارية.

وبالحديث عن تجربتي الخاصة خلال هذه الفترة، فقد انجذبت إلى شراء الضروريات مثل الأقنعة القابلة لإعادة الاستخدام من الشركات الصغيرة التي تحاول إحداث تأثير إيجابي في العالم، وأرى العديد من الأصدقاء والزملاء يتخذون خطوات مماثلة.

كل هذا قادني إلى الاعتقاد بأن مستقبل التجارة سيكون أكثر اجتماعية مما كنا نعتقد.

وعلى المدى القصير، ستحتاج العلامات التجارية، وبغض النظر عن حجمها أو صغرها، إلى الفهم التام لمتطلبات تلك التجارة المبنية على أساس مجتمعي، والتفكير في أفضل الطرق لربط منتجاتهم وخدماتهم بعناصر “الاقتصاد في زمن العزل".

أما على المدى الطويل، فإن مسؤولية إنشاء تجارب رقمية أفضل لا تقع فقط على تجار التجزئة، ولكن على جميع المنصات التي يستخدمونها للتفاعل مع عملائم.

ويجب أن يتجاوز ذلك مجرد الحلول الإعلانية وتقديم تجارب تسوق سهلة للعملاء.

ونحن مستمرون في أعمالنا التجارية وفق تلك الخطوط الإرشادية والتركيز على بناء حلول لمساعدة الأعمال التجارية من جميع الاحجام على تحقيق ازدهارهم على الإنترنت.

وتلك هي نظرتنا للجميع، سواء كان مقهى محلي، أو مطعم متوسط الحجم، أو حتى شركة عالمية، فنحن نهدف في الأساس إلى جعل تجربة التسوق أمراً سهلاً ويسيراً، وتمكين الجميع من التواصل مع عملائهم من أي مكان.

* المدير الإداري لدى فيسبوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.