هل ستعلن جبهة النصرة إمارة إسلامية في مخيم اليرموك الفلسطيني؟

الدمار الذي أحدثته المعارك بين النظام السوري ومعارضيه في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين - (أرشيفية)
الدمار الذي أحدثته المعارك بين النظام السوري ومعارضيه في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين - (أرشيفية)

فرانكلين لامب * 

(كاونتربنتش) 6/1/2013

 ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

اضافة اعلان

ربما في المرة التالية يجيب فيها كاتب هذا الموضوع على طلب من طالب خريج في مكان ما، يكتب له طلباً لمساعدته في بحث خاص برسالة ماجستير أو دكتوراه حول موضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسورية، وآثار الأزمة الراهنة في سورية على حيواتهم، وسأقترح ما يلي:
اذهب إلى مخزن ما مثل "سيرز" أو "تارغت" أو هيئة الألعاب الرياضية (بدأت بكتابة وول مارت -لكنني أدركت أن صديقي والهيئة الضخمة حول الصهيونية وموضوع فلسطين، جيف بلانكفورت، سيصرخ في وجهي عبر البريد الالكتروني كما سبق له أن فعل عندما ذكرت قبل عامين شيئاً من قبيل أنني أريد منه إرسال كاميراً رخيصة فعلاً من ذلك الكشك العمالي النقابي الذي يعج بالعبيد)، وسأطلب من الطالب شراء خيمة من النوعية المناسبة الصغيرة المعروضة للبيع. ثم: اشتر ثلاثة أزواج من الملابس الداخلية الحرارية التي تغطي كل الجسد، ثم تعال مباشرة إلى لبنان.
 وسنرتب للطالب التخييم في الخارج على الجانب السوري أو اللبناني من الحدود عند "المزنة" لحوالي عشرة أيام، وإجراء مقابلات مع نحو 500000 لاجئ سوري و126000 لاجئ فلسطيني من الذين هربوا من الأزمة -وبعض أولئك الذين يجبرون على العودة بعد أن يمنعوا من الدخول إلى لبنان غالباً لأنهم غير قادرين على دفع مبلغ 25000 ليرة لبنانية (17 دولاراً لكل لاجئ) نظير "ضريبة دخول" تستوفى على الحدود من جانب الأمن العام اللبناني. وبالنسبة لأولئك الذين يستطيعون الدخول، يجب على الفلسطينيين منهم دفع مبلغ 50000 ليرة لبنانية (33 دولاراً) لكل شخص للتمديد لمدة شهر واحد.
إن قاعدة البيانات السوسيولوجية-السياسية مليئة بالكامل وناضجة للتوثيق والتحليل، وسيتعاون الأولاد الودودون في الحدود، وإنما المصابون بالملل في الغالب -وراهناً، فإن نقطة عبور الحدود في مزنة آمنة.
بينما ترتبط سورية مع لبنان باتفاقية طويلة الأمد تسمح لمواطني البلدين بعبور الحدود من دون الحاجة للحصول على تأشيرة، فإن ذلك لا يسري، كما كان الوضع من قبل، على الفلسطينيين. وتواجه بعض العائلات -وخاصة تلك الأكثر عدداً، عبء المصاريف والرسوم النقدية حقاً. وقد قابلت قبل أيام ثلاث نساء فلسطينيات سرن مع أولادهن الشباب مشياً عبر الحدود في المزنة، قادمين من مخيم اليرموك الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً. وكان في عدادهم 12 ولداً وطفلان وعشرة ممن كانوا في الأعمار بين 4-9 سنوات. وكان إجمالي "فاتورة الضريبة" عنهم 300.000 ليرة لبنانية (200 دولار)، وتركهم ذلك المبلغ غير المتوقع مفلسين. وبالإضافة إلى ذلك، لا يؤخذ بالتأكيدات الصادرة عن الجانب السوري من الحدود بعكس ذلك، ولا يوجد راهناً وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة أو لمنظمات غير حكومية على الجانب اللبناني لمساعدة الواصلين اليائسين.
وقد يستنتج البحاثة أن ما تمس الحاجة إليه في مزنة أيضاً هو إقامة مطبخ للحساء، لأن العديدين من اللاجئين يصلون إلى هنا وهم يتضورون جوعاً. وتعبأ بعض السيارات القليلة نسبياً والمتجهة إلى سورية في هذه الأيام، بما فيها واحدة كنت أحد ركابها، بالخبز اللبناني الرخيص الثمن الذي اشتراه الفلسطينيون أو السوريون العائدون من لبنان لعائلاتهم داخل سورية، حيث يصبح سعر الخبز باهظاً، وفي بعض الأيام صعب التحصيل بسبب النقص في مادة الدقيق أو تدمير بعض المخابز. ويعطي بعض السائقين كيساً من البلاستيك يحتوي على رغيف أو رغيفين للذين يصلون وهم جوعى.
وعندما ابتاع هذا المراقب خمس فطائر من المنقوش (نوع من بيتزا الجبن) من الدكان الوحيد المجاور من أصل خمس دكاكين صغيرة في نقطة العبور في مزنة -وبدأ في توزيعها- ظهر فجأة نحو عشرة لاجئين آخرين من بين الفوضى العارمة عند الحدود وسلبوا الفطائر- مذكرين على نحو غرائبي بالسمك الجنوب أميركي الضاري وهو يهاجم دجاجة سمينة في الأمازون.
يظل موضوع اللاجئين الفلسطينيين من سورية موضوعاً سياسياً بامتياز في هذه السنة الجديدة في لبنان، حيث أعلن وزير حكومي حليف لحزب الله ثانية هذا الأسبوع: "لقد حذرنا من تدفق اللاجئين منذ أن كان العدد 7.000. واليوم أصبحوا (اللاجئون) أكثر من 170.000 لاجئ. وأصر على أن "مشكلة اللاجئين يجب أن لا تعالج تحت ذريعة الاهتمامات الإنسانية. نحن في مجلس الوزراء سنقف دفاعاً عن حق لبنان فيما يتعلق بما هو الأفضل بالنسبة له".
وفيما يعود عليه بالفضل الكبير، بدا الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وأنه يوبخ هذا الرجل الجنتلمان، الذي يعد حزبه حليفاً سياسياً مقرباً من حزب الله، فأصر نيابة عن حزب الله على أنه يجب التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين والسوريين بطريقة إنسانية، كما رفض فكرة إغلاق الحدود في وجههم. ومن جهته، قال أحد مسؤولي حزب الله لهذا المراقب إن حزب الله يعتقد بأنه يجب التنازل عن كل رسوم الحدود المترتبة على اللاجئين الهاربين. وأضاف: "يجب علينا التعامل مع تواجد اللاجئين بطريقة إنسانية صرفة وعدم تسييسها". وأضاف نصرالله أن على الحكومة اللبنانية أن ترعى العائلات السورية والفلسطينية، سواء كانت مع المعارضة أو مع النظام أو بين بين... وعلى اللبنانيين أن يتبنوا تلك العائلات المهاجرة في منازلهم وأماكنهم العامة، على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها".
ومن جهتهم، أعرب بعض اللاجئين الفلسطينيين الهاربين عند نقطة العبور في مزنة، عن خشيتهم من أن يكون أتباع تنظيم القاعدة استولوا على مخيم اليرموك، ويريدون تأسيس إمارة إسلامية فيه.
ومع صديق فلسطيني منذ أمد طويل، زرت هذا الصباح المخيم واستفسرت. وعلى عكس الإشاعات، وجدت الدوريات التابعة لوحدات الجيش السوري النظامي تقوم بدوريات عند المدخل الرئيس لمخيم اليرموك والمناطق المحاذية له، ولا تمنع الأجانب من الدخول، لكنها ببساطة تحذرهم من عدم الدخول خشية إعاقتهم أو اعتقالهم. وثمة أجزاء معينة من المخيم الضخم الأشبه أكثر ما يكون بالضواحي الحضرية الضخمة والمقسمة بين اليرموك وشارع فلسطين، تعد آمنة.
لكن هناك مناطق حيث السطوة كبيرة جداً لجبهة النصرة التي تؤسس بنشاط مراكز خدمة مجتمعية وقواعد تدريب للمجندين الذين يصلون من عدد من البلدان، بالإضافة، وعلى نحو يؤسف له، إلى بعض الفلسطينيين، ومعظمهم عاطلون عن العمل، وتعطى لهم أسلحة وبعض التدريبات وبعض المال، ويقال لهم إن القرآن يطالبهم بتحرير اليرموك من الملحدين وغير السنة، وبتأسيس إمارة إسلامية في المناطق المحررة بينما يعملون على تفكيك إرث سايكس بيكو (الاتفاقية بين وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى لتقاسم منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا).
ولهذه الغاية، يقومون راهناً "بتطهير" مناطق من مخيم اليرموك تخضع لسيطرتهم ويحاولون الانتشار في المناطق المجاورة للمخيم. واعتباراً من 4/1 لا توجد مقاومة كبيرة، حيث إن اللجان الشعبية المسلحة الموالية للحكومة، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، لم تعد بعد هروبها قبل نحو أسبوعين. ويتوقع بعض سكان المخيم أن يدخل الجيش السوري إلى المخيم في محاولة لطرد جبهة النصرة وحلفائها، لكن آخرين يقولون إن الجيش متردد جداً لأنه سيتهم بتدمير مخيم اللاجئين الفلسطينيين.
وما يزال آخرون يقولون مع ذلك أنها لعبة انتظار حتى تحل الأزمة الراهنة، وأنهم ببساطة سيتجنبون مناطق الجهاديين في المخيم قدر الإمكان حتى نهاية الأزمة. وقد لاحظ هذا المراقب بين عدة أشخاص تحدث معهم بعض التفاؤل في أن الأزمة ستحل قريباً، وأنهم يراقبون الاجتماع الأميركي- الروسي المقرر هذا الشهر للحصول على إمارات.
وعندما تحدثت مع بعض الجنود السوريين عند مدخل مخيم اليرموك، مستفسراً عن تقييماتهم للوضع، ردوا برد مقتضب مؤداه: "إننا نستعد وننتظر الأوامر".

*كاتب وباحث، يجري بحثاً في سورية.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Notes From Damascus

[email protected]