هل هناك حاجة حقا الى مثل هذه الطائرة الباهظة؟

هآرتس– رؤوفين بدهتسور

منذ الستينيات عندما بدأ سلاح الجو الإسرائيلي يتزود بطائرات حربية من إنتاج الولايات المتحدة، تطلع قادة هذا السلاح دائما لشراء الجيل الأكثر تقدما للصناعات الجوية الأميركية. وكان هذا من أجل الحفاظ على التفوق الجوي والقدرة الفائقة لمهاجمة أهداف من الجو – التي كانت عاملا مركزيا في النظرية والنهج العسكري الإسرائيلي. وقد تجسد أحد النتائج المترتبة على هذا التوجه من خلال الحاجة إلى تخصيص جزء كبير وهام من ميزانية التسلح العسكرية من أجل شراء طائرات حربية.

اضافة اعلان

إن ثمن الطائرات الحربية الأميركية آخذ في التصاعد، وقد ازدادت تكلفة صفقات الشراء بالتناسب مع ارتفاع الثمن، وفي الوقت الذي كلف فيه شراء الفانتوم في أواخر الستينيات أقل من مليوني دولار كان ثمن الـ اف 15 اي، قد بلغ 43 مليون دولار في أواخر التسعينيات.

في هذه الأيام تجري مفاوضات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول شروط صفقة شراء 75 طائرة اف 35، التي تبلغ تكلفتها 15 مليار دولار. ومثلما كان الأمر في الماضي، فإن قرارات شراء الطائرات ستتخذ بالتأكيد من قبل سلاح الجو بينما يقوم صناع القرار والسياسة بتبنيها لاحقا. ولكن في هذه المرة، وبسبب الآثار العميقة التي ستترتب على عقد هذه الصفقة بالنسبة لميزانية الدولة واستعدادية الجيش الإسرائيلي، يجدر بالوزراء وأعضاء الكنيست أن يبدأوا بالإهتمام بها، وعندما يقومون بذلك سيكتشفون أن علامات استفهام غير قليلة تحوم فوق قرار شراء هذه الطائرة الباهظة جدا (حوالي 200 مليون دولار للطائرة الواحدة). وتبدو علامات الاستفهام ذات دلالة ففي صفقة مشتريات كبيرة وغالية الثمن كهذه يجدر بصناع القرار أن يتحققوا من الجدوى والنجاعة التي ستأتي بسلاح الجو والتي تبرر دفع هذا الثمن المرتفع.

إن تحليل مزايا الـ اف 35 من قبل خبراء الطيران يطرح علامات استفهام وتشكيك بصدد المهمات المتوقع أن توكل إليها. وبحسب ادعائهم فإن قدرة هذه الطائرة على المناورة سيئة جدا وهي حتى أقل من الطائرات التي استخدمت في حرب فيتنام. كما أن سرعتها القصوى تبلغ 1.6 أكثر من سرعة الصوت مقابل 2.5 لدى الـ اف 15 إلا أن المشكلة المركزية ذات الصلة الأساسية بالمهمات المتوقع أن توكل لهذه الطائرة في سلاح الجو، هي قدرتها الرديئة على حمل الأسلحة، لأن الحفاظ على ميزة التملص والمراوغة (التي تتيح لها ان تتهرب من اجهزة الرادار) يجعلها قادرة على حمل أسلحة داخل جسم الطائرة فقط. ولذا فإنها تستطيع حمل قنبلتين فقط وزن كل واحدة يبلغ طنا واحدا، بينما تستطيع الـ اف 15 مثلا حمل أسلحة تفوق هذه الحمولة بثمانية أضعاف من حيث الوزن.

يعتقد الخبراء أن قدرة الـ اف 35 على المراوغة والتملص لا تضمن نجاحها في التملص من أجهزة رادار العدو، كما أن مدى طيرانها هو 1080 كيلو مترا الأمر الذي يعني انها لا تستطيع مثلا الطيران من أجل تنفيذ مهمة في إيران من دون التزود بالوقود في الطريق. هذا مقابل مدى الـ اف 15 الذي يفوق ذلك بأربعة أضعاف. من كل هذا يتبين أن هناك شكا فيما إذا كان سلاح الجو يتوقع تكليفه بمهمات لا يمكن تنفيذها من خلال الطائرات الموجودة بحوزته الآن أو من خلال طراز جديد لهذه الطائرات، مثل سالينت ايغل اف 15 ذو المزايا المراوغة، ذات التكلفة الأقل. إن الاتجاه الذي تسير فيه كل أسلحة الجو في العالم هو استخدام متزايد للطائرات بلا طيار. لذلك سيكون من الخطأ شراء طائرات باهظة كهذه فقط من أجل الحفاظ على مكانة سلاح الجو الإعتبارية. وإذا كان المبرر الأساس للتزود بالطائرة الجديدة هو مهاجمة أهداف في إيران فإن أغلبية مواصفات هذه الطائرة بالتحديد ستجعل تنفيذ هذه المهمة أكثر صعوبة.

من قبل أن تصدر المصادقة على تخصيص 15 بليون دولار لشراء هذه الطائرة، يجدر بالوزراء وأعضاء الكنيست أن يحاولوا دراسة المسألة من كل جوانبها وأن لا يعتمدوا كالعادة على ما يقررونه في الجيش الإسرائيلي.