هل يحقق الأكراد حلمهم؟

لن يتراجع إقليم كردستان العراق عن قراره بإجراء استفتاء تقرير المصير في الخامس والعشرين من الشهر المقبل. هذا ما أكد عليه رئيس الإقليم مسعود البرزاني في رده على طلب واشنطن بتأجيل الاستفتاء.اضافة اعلان
الأكراد حزموا أمرهم على ما يبدو، ولن يثنيهم عن قرارهم سوى خطوات جريئة من بغداد وحكومة العبادي، تمنح الكرد حقوقهم المشروعة.
عموم الأكراد في المنطقة يشعرون أن حلمهم بالاستقلال والدولة بات أقرب من أي وقت مضى.
في سورية تستعد المناطق الكردية لإجراء انتخابات مجالس الحكم الذاتي، لتأطير وتشريع إقليمها الخاص. وعلى كل الجبهات الكردية تحضر تركيا في المرصاد لحلم كردي يهدد وحدة أراضيها ونظامها السياسي.
معركة أردوغان ومن خلفه القوميون الأتراك هي وأد الحلم الكردي في مهده، ولهذا لم يتردد الرئيس التركي في القول إن بلاده تخطط لخوض مواجهة مشتركة مع إيران لإحباط مخطط الأكراد. ولنفس الغاية أقحم قواته في سورية من قبل ومايزال هناك.
أردوغان يعلم أن تقرير المصير للأكراد في أي من دول المنطقة الثلاث "سورية والعراق وإيران" يعني مصيرا مشابها لأكراد تركيا.
واشنطن تتعاطف مع الحلم الكردي، لكنها غير مستعدة للمضي أبعد من ذلك. في هذه الظروف بالتحديد تفضل إدارة ترامب التركيز على مهمة "داعش"، ولهذا طلبت من قيادة الإقليم تأجيل الاستفتاء.
الأكراد كانوا أول من خاض المواجهة مع التنظيم الإرهابي، وأجبره على الانسحاب من مناطق محاذية للإقليم الكردي. شجاعتهم في معارك الرقة حاليا تشهد فيها كل الأطراف.
ماذا بعد كل هذه التضحيات؟ هذا سؤال الأكراد المطروح على واشنطن ولا يلقى إجابة.
ما يخشاه الأكراد في حال استجابوا للطلب الأميركي أن يكونوا ضحية للخداع الدولي مرة أخرى، ويخسروا فرصة قد لا تتكرر في المستقبل لتقرير مصيرهم.
كان يمكن للحلم الكردي أن لا يتجاوز حدود التاريخ والجغرافيا لو أن دول المنطقة أخذت في حسابها حقوقهم بالمواطنة والهوية، عوضا عن سياسات الإلغاء والإقصاء والقصف بالكيماوي.
قد لا يتمكن الأكراد من ترجمة نتائج الاستفتاء إلى واقع ملموس، ويبقى حق تقرير المصير وعدا شعبيا للمستقبل. معادلات القوة في المنطقة قادرة على إحباط أماني الكرد، وليس مستبعدا أن تكون القضية الكردية عنوانا لمواجهة كبرى بعد طي صفحة الحرب على الإرهاب.
تركيا وإيران مستعدتان لفعل كل شيء لكسر الطموح الكردي، وحكومة العراق لن تتردد في دعم البلدين.
التسوية في سورية ستمنح الأكراد حصة هي أقل بكثير من دولة وأكبر من إدارة ذاتية. أما في حال بقاء الأزمة في دائرة الصراع فإن الأكراد سيمضون في تعزيز سلطتهم الذاتية وعيونهم مفتوحة على تركيا عدوهم اللدود.
إن منطقتنا التي تنزف حروبا طائفية ومذهبية وصراعات أثنية وأزمة هوية، لن تنعم بالاستقرار قبل أن تصفي حسابها مع مظالم التاريخ والجغرافيا. الشعب الكردي في قلب الأزمة ولم يعد ممكنا تجاهله بعد اليوم.