هل يذهب الفلسطينيون لورشة البحرين؟

الأرجح أن السلطة الفلسطينية تتعرض لضغوطات كبيرة من الأشقاء بطلب من الأصدقاء لكي توافق على حضور ورشة البحرين الاقتصادية التي دعا إليها الثلاثي كوشنير وغرينبلانت وفريدمان. بالنسبة إلى هؤلاء، نجاح ورشة البحرين أمر حاسم لأنه يمثل إنقاذ ما تبقى من ماء الوجه بعد الفشل الكبير الذي تحقق جراء تخبطات صفقة القرن. لكن الفلسطينيين غير معنيين بالضرورة بنجاح الثلاثي وورشته إلا إذا كان ثمة مكاسب سياسية ملموسة، فحساباتهم مختلفة تماما عن ثلاثي السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. لا مصلحة للفلسطينيين بالذهاب إلى ورشة البحرين ضمن المعطيات المرحلية، والأغلب أن لا تجد ضغوط الأصدقاء والأشقاء استجابة من قبلهم، فمنطق "عدم ترك الساحة فارغة وضرورة الذهاب لملئها ولإسماع الصوت الفلسطيني" لن يجد أصداء لأن الثمن الذي سيدفعه الثلاثي الأميركي أكبر وأهم من منطق عدم ترك الميدان فارغا، والفلسطينيون لن يفوتوا الفرصة لإظهار قوتهم السياسية التي يتجاهلها القائمون على المؤتمر. الفلسطينيون ليسوا ضد الاشتباك الاقتصادي أو السياسي أو الأمني، بل إنهم لسنوات طويلة شكلوا جسرا للعبور الإسرائيلي للعالم العربي والإسلامي، لكن ذلك كان ضمن إطار عملية سياسية للسلام حافظت على حد أدنى من المصداقية والانتباه لمصالح أطراف النزاع جميعهم، ولم تصل إلى هذا المستوى من انعدام التوازن، وكأن القائمين الأميركيين على السلام يتعلمون بالتجربة والخطأ من خلال انخراطهم مع أعقد وأخطر أزمات العالم، والتي تشكل مصدرا أساسيا لانعدام الاستقرار الإقليمي والدولي. سلوك القيادة الفلسطينية يشير بوضوح إلى أنها لا تمانع بالذهاب للمؤتمرات مع الإسرائيليين أيا كان نوعها، فهذا ما تم على مدى سنوات طويلة، وتنسيقهم الأمني والاقتصادي، أيضا، مستمر على مستوى المؤسسات وليس بالضرورة حكومة اليمين، لذلك فعلى من يدعوهم أو يضغط عليهم للذهاب إلى الورشة الاقتصادية سؤال نفسه سؤالا بسيطا حول مصلحتهم في هذا الذهاب، ولماذا تأخذهم الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية وكأنهم ليسو أصحاب قرار؟ منذ سنوات طويلة تعود إلى مؤتمر الرباط في 1974، وإعلان الدولة الفلسطينية في مؤتمر الجزائر، فمحادثات أوسلو، منذ تلك المحطات وغيرها أدرك العالمان؛ العربي والإسلامي ومناصرو الشعب الفلسطيني في كل مكان أن أحدا لا يستطيع أن يتجاوز الفلسطينيين في حل نزاعهم مع إسرائيل واستعادة حقوقهم الوطنية. هذا ليس ضعفا بأي دولة مناصرة للقضية الفلسطينية أو تسليما بصواب ومنطق القرارات الفلسطينية طوال مسيرة الصراع، بقدر ما هو حقيقة سياسية واقعية براغماتية لا مناص من قبولها، فهم أصحاب القضية الأصلاء والصابرون فعليا تحت الاحتلال. بدل الضغط على الفلسطينيين، الأفضل نصح الإدارة الأميركية أن تشتبك معهم، وتسأل نفسها ما الطائل أو السبب خلف عدم التفاعل مع الطرف الأساسي في النزاع؟ وما المطلوب منه أكثر من الذي قدمه وما يزال يقدمه؟ عندها سيجد القائمون على صفقة القرن وورشة البحرين أن لا أجوبة مقنعة لديهم!اضافة اعلان