وادي الأردن: إقبال ضعيف على تجهيز الأراضي للزراعة

مزارع يحرث أرضه لتجهيزها للموسم المقبل في منطقة وادي الأردن - (الغد)
مزارع يحرث أرضه لتجهيزها للموسم المقبل في منطقة وادي الأردن - (الغد)

حابس العدوان

الأغوار الوسطى– يبدأ مزارعو وادي الأردن بعمليات تجهيز أراضيهم تمهيدا لزراعتها للموسم المقبل، وسط تخوفات كبيرة من استمرار المشاكل التسويقية الناتجة عن الأوضاع الأمنية في دول الجوار.اضافة اعلان
الخوف من تكرار مآسي المواسم الماضية، أدى إلى تراجع هذه العمليات التي تؤشر إلى البداية الفعلية للموسم الزراعي المقبل، في الوقت الذي يؤكد فيه معنيون ان الموسم المقبل سيشهد تراجعا في المساحات المزروعة.
ورغم عدم تفاؤل المزارعين بمستقبل القطاع الزراعي في ظل ما يشهده من ارتفاع في مستلزمات الإنتاج وأجور الأيدي العاملة والاختناقات التسويقية والديون المتراكمة عليهم، إلا أنهم يأملون أن تقوم الحكومة بإيجاد إستراتيجية وطنية شاملة للنهوض بالقطاع من كبوته وتمكينه ليكون حجر الزاوية في الاقتصاد الوطني .
ويؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام ان الأوضاع التي يمر بها المزارعون حاليا كارثية اذ ان الشركات الزراعية ترفض إمدادهم بالسيولة اللازمة للبدء بحراثة أراضيهم وتعقيمها، لافتا الى ان غالبية الأراضي لا زالت الى الان تحمل أثقال الموسم الماضي لعدم قدرة أصحابها على حراثتها .
ويشير الخدام الى ان عددا كبيرا من البيوت البلاستيكية معروضة للبيع، بعد أن عزم أصحابها على التوقف عن الزراعة، وكذلك قيام مزارعين بإعادة الأراضي المستأجرة التي كانوا يزرعونها الى أصحابها، موضحا ان الخاسر الأكبر من هذا الوضع هو المواطن الأردني الذي سيلمس خلال فصل الشتاء غلاء الأسعار نتيجة تراجع الإنتاج في الوادي.
ويرى الخدام أن عدم وجود أي بوادر انفراج في الأوضاع الأمنية في دول الجوار سيبقي على المشاكل التسويقية التي ألحقت خسائر كبيرة بالقطاع على مدى المواسم الخمسة الماضية الى ان وصلت بالمزارع بما يمر به حاليا، مبينا ان البدائل التسويقية التي تروج لها الحكومة ليست ذات جدوى خاصة مع ارتفاع كلف النقل الجوي .
الحل الوحيد لدفع عجلة القطاع الزراعي والمضي قدما بحسب الخدام ،هو منح المزارعين قروضا طويلة الأمد وبدون فوائد لتمكينهم من البدء بحراثة أراضيهم كخطوة أولى لتجهيزها للزراعة الموسم القادم، لافتا الى ان هذا الحل سيكون البديل الذي سيعوض رفض الشركات الزراعية دعم المزارعين.
ويشدد الخدام على ضرورة قيام الحكومة بدعم القطاع الزراعي من خلال خفض او دعم كلف النقل الجوي لتعويض إغلاق الأسواق الرئيسة والعمل على فتح المصانع التي تستوعب جزءا من الإنتاج الخضري في الوادي خلال ذروة الإنتاج، داعيا المزارعين ممن ينوون زراعة أراضيهم الى تخفيض المساحات المزروعة وتقنينها لتجنب تكبد أي خسائر في ظل الظروف الراهنة .
يؤكد المزارع محمد العدوان انه لا يملك السيولة اللازمة لحراثة أرضه وتجهيزها للموسم القادم، مبينا انه لم يفلح الى الآن بتأجيرها لمزارعين لنفس الأسباب، مبينا ان المشاكل والتحديات التي بدأت تظهر وتتعمق عاما بعد عام أبرزت الحاجة الملحة لوضع إستراتيجية جديدة وفعالة لتنمية القطاع الزراعي تراعي البعد الاجتماعي وتعمل على النهوض بالمزارع من كبواته وعثراته المتتالية والتي ادت إلى هجران عدد كبير من صغار المزارعين للعمل الزراعي.
ويشاركه الرأي المزارع مفيد حسين الذي يؤكد انه يزرع الأرض منذ ما يقارب 13 عاما وقبله والده منذ 40 عاما، الا انه سيتوقف عن زراعة الأرض وإعادتها الى أصحابها وبيع البنية التحتية، موضحا انه وبعض المزارعين سيضطرون الى اللجوء إلى مهن أخرى أكثر أمنا، معتبرا ان الاستمرار بالعمل في هذا القطاع في ظل الظروف الحالية هو بمثابة انتحار.
  ويؤكد المزارع بشير النعيمات أنه اضطر مع نهاية الموسم المنصرم الى بيع كامل البنية التحتية من شبكات ري وبلاستيك لسداد ديون الشركات الزراعية وإعادة الأراضي التي كان يستأجرها لأصحابها، مبينا ان تجهيز الأرض للموسم القادم يستوجب تنظيف الأرض من مخلفات الموسم وجمع شبكات الري وحراثة الأرض .
وتعتمد أكثر من 11 ألف أسرة في وادي الأردن على القطاع في معيشتهم في الوقت الذي يقبع فيه أكثر من ثلثي سكان الوادي تحت خط الفقر مع ارتفاع ملحوظ في نسبة البطالة خاصة بين الشباب.
من جانبه، يشير مدير زراعة وادي الأردن المهندس عبدالكريم الشهاب الى ان غالبية المزارعين أنهكتهم خسائر الموسم الماضي وسيعاودون الكرة من جديد مرغمين، موضحا ان غالبية المزارعين مثقلين بالديون وتوقفهم عن الزراعة سيضعهم في مواجهة السجن وسيضطرون الى البدء من جديد لمنع الشركات الزراعية من مقاضاتهم على أمل السداد.
ويبدي الشهاب عدم تفاؤله بالموسم الزراعي المقبل مع استمرار الظروف السياسية والأحداث الجارية في سورية تحديداً التي تعتبر السوق الرئيس للانتاج في وادي الاردن، مبينا أن تعثر التصدير الى اسواق سورية والعراق او عبرهما الى الدول المستهلكة يتسبب في اختناقات تسويقية وتدني أسعار المنتجات إلى ما دون سعر التكلفة ما سيلحق بالمزارعين خسائر فادحة .
ويبين الشهاب ان تأخر عمليات تجهيز الارض مردها تراجع السيولة لدى المزارعين وامتناع الممولين عن دعمهم، لافتا الى ان هذا الأمر سيؤدي الى تأخر الموسم الزراعي القادم خاصة المحاصيل المبكرة كالباذنجان والفلفل بنوعيه.
ويشدد الشهاب على ضرورة تخفيض المزارعين للمساحات المزروعة وتغيير النمط الزراعي السائد بتنويع المحاصيل لتجنب تكرار مشاكل الموسم الماضي، داعيا المزارعين إلى التوجه لزراعة المحاصيل الاقتصادية كالنخيل والجوافة والحبوب والأعلاف وما إلى ذلك من الزراعات التي تلقى رواجا في الأسواق المحلية والعالمية.
ويزيد عدد البيوت البلاستيكية التي تزرع سنويا في وادي الأردن على 70 ألف بيت، إضافة إلى مئات آلاف من الدونمات من الأراضي المكشوفة غالبيتها تزرع بالمحاصيل التقليدية والتي تسبب زيادة الكميات المعروضة منها مقابل الطلب وتراجع حركة التصدير إلى خسائر كبيرة للمزارعين خلال المواسم الخمسة الماضية.
ويعتبر وادي الأردن من المناطق الفريدة التي تنتج الخضراوات في فصل الشتاء في الوقت الذي لا يوجد فيه إنتاج مماثل في معظم دول أوروبا والدول المجاورة، وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية القابلة للري بمناطق وادي الأردن حوالي 330 ألف دونم معظمها تروى من السدود وقناة الملك عبدالله.