وجع الأسرى يضع الضفة على صفيح ساخن

جنود الاحتلال خلال إعادة انتشار في أحد شوارع القدس المحتلة.-(ا ف ب)
جنود الاحتلال خلال إعادة انتشار في أحد شوارع القدس المحتلة.-(ا ف ب)

نابلس- تعيش الضفة الغربية المحتلة على صفيح من نار منذ عملية "نفق الحرية" النوعية التي انتزع ستة أسرى عبرها حريتهم من سجن "جلبوع" الأسبوع الماضي، وما أعقبها من إجراءات قمعية مارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى في السجون.اضافة اعلان
ورفعت العملية منسوب المواجهة الشعبية والمسلحة مع الاحتلال في مختلف مدن الضفة الغربية، واتسعت رقعة الاشتباكات المسلحة ولم تعد تقتصر على بؤر الاشتباك التقليدية.
وبالتزامن مع تنفيذ قوات الاحتلال والوحدات الاستخبارية التابعة لها عمليات تمشيط في جنين شمالًا، أطلق مقاومون النار صوبها مستهدفين حاجز الجلمة شمال المدينة بالرصاص والعبوات الناسفة.
وشهدت مختلف مناطق الضفة الغربية في الأيام الأخيرة مسيرات ومواجهات مع قوات الاحتلال في العشرات من نقاط التماس والحواجز العسكرية.
وتصاعدت عمليات الطعن التي استهدفت جنود الاحتلال ومستوطنيه.
وخلال الأسبوعين الأخيرين تحولت الفعاليات الرافضة للاستيطان من مسيرات أسبوعية وإرباك ليلي، إلى مناسبات لنصرة قضية الأسرى، ما يعكس التفافًا شعبيًا حول هذه القضية الجامعة.
وفي أعقاب إعلان الاحتلال إعادة اعتقال أربعة من الأسرى الستة المحررين من جلبوع، خرجت مسيرات غاضبة في عديد من مدن الضفة، الأمر الذي ينبئ بحالة الغليان التي تعيشها الضفة على وقع قضية الأسرى.
ويتوقع مراقبون أن تشهد الضفة الغربية مزيدا من التصعيد في الفترة المقبلة، خاصة إذا نفذ الأسرى تهديدهم وشرعوا بإضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من يوم الجمعة القادم.
من جهته، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين قدري أبوبكر إن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية عازمون على تنفيذ إضراب جماعي عن الطعام بدءا من يوم الجمعة احتجاجا على تردي أوضاعهم عقب فرار ستة منهم من سجن جلبوع الأسبوع الماضي.
ووصف أبو بكر الوضع بأنه "سيئ جدا داخل السجون".
وأكد أبو بكر "انخراط 1380 أسيرًا موزعين على ثمانية سجون في الإضراب كخطوة أولية على أن ينضم إليهم مئات آخرون".
ونظم عشرات المسؤولين وأهالي المعتقلين الفلسطينيين أمس اعتصاما أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة رام الله تضامنا مع أبنائهم.
وحمل المشاركون في الاعتصام صور المعتقلين الستة الذين تمكنوا من الفرار، وهتفوا لهم.
وكانت اللجنة الدولية قد أخبرت نادي الأسير الفلسطيني الأسبوع الماضي بتوقف زيارات الأهالي لأبنائهم لثلاثة أيام.
وفي وقت لاحق امس، أكد الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان استئناف "برنامج الزيارات العائلية للمحتجزين… ابتداء من يوم الأحد الموافق 19" أيلول/سبتمبر "وفق البرنامج المعلن عنه سابقا".
المحلل السياسي والأسير المحرر عصمت منصور يرى أن الوضع في الضفة الغربية يتجه للتصعيد بظل استعداد الأسرى لخوض إضراب مفتوح عن الطعام وبظل ظروف صعبة وهجمة على السجون وحملة تحريض عليه.
ويقول منصور لوكالة "صفا" إن إضراب الأسرى إذا بدأ فإنه مرشح لأن يطول، ما يعني أنه قد يشكل أرضية للتصعيد في كل من غزة والضفة.
ويعتقد أن "إسرائيل إذا شعرت أن التصعيد كفيل بتفجير الأوضاع فقد تتراجع وتخفف قبضتها على الأسرى، وقد تشهد الأوضاع في غزة انفراجة قريبة خاصة بعد لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشرم الشيخ".
ويؤكد أن سيناريوهات التصعيد أو التهدئة كلها واردة، وهذا يتوقف على سلوك حكومة الاحتلال، فإذا خففت من هجمتها على الأسرى وجلست مع ممثلي الأسرى، فإن ذلك سيوقف الإضراب، وبالتالي يمكن أن ينزع فتيل التفجير.
ويشدد منصور على أن تطورات قضية الأسيرين المحررين أيهم كممجي ومناضل انفيعات اللذين لا زالا طليقين، سيكون لها دور مهم في تحديد وجهة الأحداث في قادم الأيام.
وبحسب المحلل السياسي، فإنه إذا كان أحدهما أو كلاهما قد وصلا الضفة الغربية فعلا، وحوصروا واشتبكوا واستشهدوا، فإن هذا سيكون له رد فعل كبير.
ويقول إن "هذا لوحده لا يكفي لتفجير انتفاضة، لكن إذا تزامن ذلك مع توتر الأوضاع في السجون والتصعيد على جبهة غزة، فقد يؤدي مزيج هذه التطورات إلى اندلاع انتفاضة".
ويعتقد منصور أن تسريبات الاحتلال حول نجاح أحد الأسيرين أو كليهما بالوصول للضفة تأتي بهدف التمويه.
ويقول: "لا أعتقد أن إسرائيل يمكن أن تنشر أخبارًا حقيقية بهذه المرحلة بالذات، وإنما تتعمد ترويج أخبار موجهة ومضللة".
ويرى بأنه لا مصلحة ولا مقدرة لإسرائيل على اقتحام جنين بهذه الفترة التي تحاول فيها ترميم علاقاتها مع السلطة ودول المنطقة وكسب الهدوء والمحافظة على استقرار الحكومة الإسرائيلية المبنية على ائتلاف هش.
لكن المواجهة قد تفرض نفسها خاصة إذا تزامن الإضراب في السجون مع تصعيد في غزة.
ويشير منصور إلى أن "اجتياح جنين غير وارد لأنه يعني نسف كل الحالة الأمنية القائمة في الضفة الغربية، مؤكدًا أن الاجتياح "سيكون بمسوغ دولي وأميركي لو كانت هناك انتفاضة شاملة أو عمليات يومية، لكن ليس لمجرد وجود مطاردين".-(وكالات)