ورانا.. ورانا؟!

يحكى أن أحدهم كان يملك خروفا وأراد بيعه في السوق، فقام وعلّق على رقبة الخروف جرسا حتى يسمعه وهو يمشي خلفه، ومن ثم قام بربطه بذيل الحمار. أثناء سيره أُعجب مجموعة من الجالسين على الطريق بالخروف المربرب فساروا خلفه وقاموا بفك رباط الخروف وحتى لا يشعر الجالس على الحمار بفك رباطه، وقاموا بربط جرس الخاروف بذيل الحمار.اضافة اعلان
بعد أن سار مسافة معينة اعترضه أحد الاشخاص من نفس الذين أخذوا الخروف وسأله: لماذا تضع جرسا على ذيل الحمار؟! فقال له: الجرس برقبة الخروف، ضحك الشخص وقال له: لا يوجد خروف، فالتفت إلى الخلف وإذا الخاروف في خبر كان، فقال له نفس الشخص: لقد رأيت شخصا في إحدى المزارع القريبة معه خروف ويسير به مسرعا. اترك حمارك معي واذهب واستطلع الأمر لعله يكون خروفك، ذهب الرجل مسرعا الى المزارع المجاورة بحثا عن الخروف وبعد ان ملّ من البحث ولم يجده عاد ليأخذ حماره فلم يجد الشخص ولا الحمار، فاستسلم للأمر وقرر العودة لقريته. أثناء العودة وجد بئرا بجانبها مجموعة من نفس الاشخاص فاستغربوا كيف يمشي على قدميه في هذه الاجواء الحارة، فقصّ عليهم كيف فقد الخروف والحمار فقاموا بسؤاله: إن كان يجيد السباحة؟! فأجابهم: نعم، فقالوا له سقطت صرة ذهب في البئر إن استطعت إخراجها سنعطيك ثمن الحمار والخروف. شعر الرجل بالسعادة لانه سيعوض ما خسره وخلع ملابسه ونزل الى البئر وبدأ البحث عن صرة الذهب، وبعد بحث مضنٍ لم يجد شيئا فقرر الصعود وحين وصل الى اعلى البئر لم يجد الاشخاص ولم يجد ملابسه!
قصة المواطن الاردني مع الحكومات تشبه قصة ذلك الرجل ويبدو أنهم ورانا ورانا، كلما وجدوه يملك او يستهلك شيئا وضعوا أعينهم عليه بهدف سد العجز والمواطن ياغافل لك الله، اعجبوا بالمحروقات التي يستهلكها فحرروا اسعارها دون ان يشعر المواطن باي فرق لاحقا في سد العجز، ومن ثم ساروا على نفس النهج؛ أعجبوا أنه يملك ساعة كهرباء فوضعوا اعينهم عليها، رفعوا اسعارها حد الجنون وبعد أن اقنعوه انها السبيل الوحيد لسد المديونية، وحين وجدوه يمشي تائها وجائعا طلبوا منه ان يدخل الى موقع حكومي ليسجل اسمه وما يملك حتى يحصل على دعم الخبز تعويضا له، وحين يخرج من الموقع ويستكمل الاجراءات ويذهب لاستلام الدعم سيجد ان الدعم لن يكفي خبزات قلاية بندورة بعد الرفع!
توصيات اللجنة المالية في مجلس النواب لإقرار الموازنة باهتة، وكان بإمكانها أن ترفع من سقفها لتفاوض الحكومة تحت القبة وتحصل على بعض المكاسب لصالح المواطن.
يبدو أن اللجنة غنت  للحكومة: فصلوا ونحن سنلبس، وما لفت انتباهي ان اللجنة في ظل ما يعيشه المواطن من ظروف معيشية صعبة أعطت الاولوية لدعم مجمع اللغة العربية.
اللجنة تريد دعم الضمة والفتحة والشدّة لتكون في مكانها الصحيح في اللغة، بينما تناست شدّة الفقر والجوع في قرانا وبوادينا، اللجنة همها الآن الفاعل والمفعول به، ولم يخطر ببالها ان ما فعلته الحكومات بالمواطن جعل بعض العائلات تستدين الخبز، اللجنة اعطت الاولوية لدعم الضمير المستتر، فاين ضميرها عن أرقام البطالة والفقر ومديونية المواطنين للبنوك .
تريد دعم الجارّ والمجرور، وتوصياتها لن تجرنا الا لتجريد ملابسنا؟!