ورقة موقف: قطاع الطاقة المتجددة يحكمه التخبط وضبابية الاستراتيجيات تهدد وجوده

عمان-الغد- أكدت ورقة موقف نشرتها جمعية شركات الطاقة المتجددة، أن الوضع القائم في القطاع يحكمه التخبط في التشريعات وغياب وضوح الاستراتيجيات أو عدم وجودها في بعض الأحيان.اضافة اعلان
وبينت الورقة أن هذا الوضع يرجح فشل أي أهداف أو خطط على المستوى الوطني تمكن من الريادة في هذا القطاع، وهو ما لا يتماشى مع توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني، على حد وصفها.
وقالت الورقة "عطفاً على تصريحات مدير عام شركة الكهرباء الوطنية "نبكو" م.أمجد الرواشدة التي ترمي إلى فرض رسوم وضرائب جديدة على المنشآت التي تمتلك مشاريع طاقة شمسية، بادعاء أن هذه الطاقة الكهربائية يتم تخزينها نهاراً في الشبكة الكهربائية واستخدامها ليلاً من قبل المستهلك، وعطفاً على تأييد وزيرة الطاقة والثروة المعدنية م.هالة زواتي لقيام المستهلك بدفع "بدل كلفة تخزين"، تعرب جمعية الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة عن خيبة أملها فيما وصل اليه قطاع الطاقة المتجددة في الأردن، وتود أن تلقي الضوء وتوضح بعض النقاط".
وأوضحت الورقة أنه من الناحية الفنية، ما تم ذكره بخصوص تخزين الطاقة الكهربائية في الشبكة الكهربائية، فإنه غير صحيح وغير دقيق؛ إذ إن الطاقة الكهربائية يتم استهلاكها بشكل لحظي في وقت الذروة النهارية من قبل المستهلكين الآخرين المجاورين.
وزادت الورقة إيضاحا "هذا لا يشكل أي ضرر أبداً للشبكة الكهربائية، بل على العكس من ذلك فإن نسبة الفاقد الكهربائي تقل بشكل كبير مقارنة بالفواقد الناشئة عن نقل الطاقة الكهربائية من محطات التوليد البعيدة (والتي تقدرها الحكومة بـ11-16 %) من خلال شبكة النقل وشبكة التوزيع وصولاً الى المستهلك النهائي".
وبينت الورقة أن كثيرا من أنظمة الطاقة المتجددة التي تم تركيبها أو المزمع تركيبها تخص قطاعات المنزلي والصناعي والتجاري ودور العبادة، وهذه الشرائح فواتيرها من الكهرباء مدعومة وتشكل عبئا هائلا على ميزانية الحكومة السنوية بناءً على تصريحات المسؤولين.
وأشارت الورقة إلى أنه إذا أراد أي من هذه الفئات الاستثمار في الطاقة المتجددة وإعفاء الحكومة من الدعم المقدم له فليس من المنطق والعقل منعه من ذلك.
وأفادت الورقة أن الادعاء بوجود فائض من الطاقة المنتجة لا يتم حله بإيقاف إنتاج الطاقة من المصادر المحلية المتجددة الرخيصة جدا، بل يستوجب على الحكومة البحث عن طرق أخرى لتخفيض الإنتاج من الطاقة التقليدية التي تكلف الحكومة عشرة أضعاف الطاقة المتجددة أو البحث عن طرق اقتصادية لتصريف هذا الفائض سواء بالتصدير أو تشجيع استعمال هذه الطاقة مثل تسهيل دخول السيارات الكهربائية وخاصة لوسائل النقل العام أو تشجيع المصانع على استخدام الكهرباء بديلا عن مصادر الطاقة الأخرى ما أمكن.
وبينت أن الموافقة على تركيب أي نظام طاقة متجددة لا يتم إلا بعد إتمام "دراسة أثر الربط الكهربائي" التي تتضمن ضمان استهلاك الطاقة الكهربائية الفائضة على استهلاك المنشأة نهاراً من قبل المستهلكين الآخرين المجاورين، مع العلم بأنه حسب التعليمات الصادرة عن هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، فإنه لا يسمح بتجاوز نسبة 15 % من سعة المحول في المنطقة ذاتها التي يتم تركيب نظام الطاقة المتجددة بها؛ أي أنه يستحيل أن يكون هناك أي أثر سلبي على الشبكة الكهربائية.
ولفتت إلى أن مجموع ما تم تركيبه من أنظمة الطاقة المتجددة، حسب تشريعات "صافي القياس"، يشكل فقط 5 % من المجموع الكلي للطاقة المنتجة والمنقولة سنويا عبر الشبكات، وذلك لا يشمل العروض المباشرة المحمية باتفاقيات دولية تحول دون تعديل تعرفة الشراء أو فرض رسوم أو ضرائب جديدة.
وقالت الورقة "من غير العدل أن تحمل هذه الفئة من المستهلكين التي تشكل في غالبيتها الأفراد والمصانع والفنادق والشركات عبء الطاقة الفائضة المزعومة، مع التأكيد أن هذه القطاعات الاقتصادية استثمرت في الطاقة المتجددة لتوفير الكلفة العالية للطاقة لتستطيع المنافسة والاستمرار في العمل؛ حيث إن إغلاقها يعني كارثة اقتصادية واجتماعية في الأردن".
ولفتت إلى أن الوضع الحالي للطاقة المتجددة في الأردن، بشكل عام، مترد للغاية، وذلك بسبب الصعوبة الشديدة في الحصول على موافقات تركيب أنظمة الطاقة المتجددة، وهذه الإجراءات والقرارات العشوائية المقترحة ستزيد الأمر سوءا؛ إذ إن هذه التدابير المقترحة، بفرض "ضريبة على الشمس"، جديدة علينا، وبالتأكيد ستهدد استمرارية ووجود قطاع الطاقة المتجددة في الأردن.
وقرر مجلس الوزراء بتاريخ 2019/1/13 إيقاف مشاريع الطاقة فوق 1 ميجاواط. وكان من المفترض أن يكون الإيقاف مؤقتاً، وكانت قد وعدت وزيرة الطاقة بتصحيح هذا الأمر والتوصل إلى استراتيجية جديدة خلال 6 أشهر، والتي انتهت بالفعل بدون أي قرارات أو مؤشرات إيجابية بهذا الشأن.
وعادت الورقة للتأكيد أن الجمعية تدرك تماما أن هنالك تحديات فنية لقدرة الشبكة الكهربائية على استيعاب كميات كبيرة من الطاقة المتجددة، كما أنها تدرك طبيعة التقطع لبعض مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، ولكن في الوقت نفسه ندعي بأن هناك العديد من الحلول الفنية أو التشريعية للتغلب على هذه التحديات التي لا تقتصر فقط على قطاع الطاقة المتجددة.
وأضافت "لا يجب أن يتحمل المستهلكون والمستثمرون في قطاع الطاقة المتجددة أي أخطاء سابقة ناشئة عن سوء التخطيط أو التوسع في مجالات أخرى غير الطاقة المتجددة، كما أنه بموجب قانون الكهرباء العام، فإنه يتوجب على شركات التوزيع تطوير وتحسين الشبكة الكهربائية، ومن المعلوم بأن زيادة نسبة الطاقة المتجددة تتطلب تحويل الشبكة الكهربائية الى شبكة ذكية يتم من خلالها استيعاب هذه الأنظمة والتغلب على التحديات الفنية التي تتخذ كذرائع غير مبررة للحد منها".
وفي حال الإصرار على تطبيق هكذا توجهات، ستتأثر الاستثمارات الأجنبية والمحلية بشكل كبير بسبب عدم الاستقرار في التشريعات. وهذا التأثير سيشمل ليس فقط قطاع الطاقة المتجددة، بل القطاعات الأخرى كافة؛ حيث ستتأثر بيئة الاستثمار بالكامل بشكل كارثي.
وأشارت إلى أن قلة الوظائف والبطالة تشكلان حالياً تحدياً رئيسياً للأردن، وخلال الأعوام الماضية، تم إنشاء العديد من الشركات التي تعمل حاليا في قطاع الطاقة المتجددة وهذه الشركات توظف عشرات الآلاف من الموظفين من مهندسين وفنيين وعمال، كما أنه يوجد الكثير من الطلاب على مقاعد الدراسة في الجامعات والمعاهد والكليات ومراكز التدريب المهني، وسيكون لهذه الإجراءات، في حال تطبيقها، آثار كارثية على الشركات وعلى الوظائف، مما سيؤدي حتماً الى انخفاض فرص العمل وانهيار هذا القطاع.
وبينت الورقة أن قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة الصادر العام 2012 والأنظمة المرافقة يحمي حق الأفراد أو المنشآت لتركيب نظام طاقة متجددة لتغطية الاستهلاك الكهربائي بالكامل، ويتوجب على جميع الأطراف الامتثال للقوانين وعدم مخالفتها وتشجيع تطبيقها؛ إذ إن هذا من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي للأفراد والمنشآت وبالتأكيد ليس من العدل "معاقبة" المستهلكين الذين يستثمرون في الطاقة المتجددة إذا تم تطبيق هذه الإجراءات، كما أنه لا يجوز فرض أي رسوم أو ضرائب يتم اتخاذها "بأثر رجعي" على "اتفاقيات ربط أنظمة الطاقة المتجددة" الموقعة بين المستهلكين وشركات توزيع الكهرباء.
وطالبت الجمعية بتكوين رؤية واضحة واستراتيجية طويلة الأجل لتحقيق الوصول الى تغطية 80 % من الطاقة المتجددة بحلول العام 2050. وبالتالي، يجب أن تتوافق جميع الأهداف والخطط والإجراءات وفقا لهذه الرؤية والاستراتيجية.
كذلك أوضحت الورقة أنه يجب أن نفهم جيدا أن الطاقة المتجددة توفر على البلاد مئات الملايين من الدنانير؛ مما يحافظ على العملة الأجنبية بداخل البلاد عوضا عن استنزافها لشراء الوقود التقليدي من المصادر الأجنبية، كما أنه من خلال التوجه للطاقة المتجددة، سيكون هناك آثار بيئية إيجابية من خلال الحد من مستويات التلوث وتجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير.
ودعت الجمعية، من خلال الورقة، وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والكيانات الحكومية الأخرى مثل وزارة المالية، لإشراك القطاع الخاص على نطاق واسع في صياغة الاستراتيجية واقتراح الحلول التقنية والفنية وإعادة هيكلة التعرفة الكهربائية بحيث يتم تخفيضها في أوقات معينة لتشجيع استهلاك هذه الطاقة الفائضة المزعومة، بالإضافة الى اتخاذ إجراءات من شأنها أن تحفز استهلاك الكهرباء مثل إلغاء الجمارك والرسوم والضرائب على السيارات الكهربائية لتشجيع المواطنين على اقتنائها.