وزارة الزراعة وحالة الجفاف في الجنوب

حسناً فعلت الحكومة في رفع أسعار شراء القمح والشعير من المزارعين بقيمة خمسين دينارا للطن الواحد بناءً على طلب وزير الزراعة للإكثار والمواني وذلك في سياق الرغبة على التخفيف على المزارعين خاصة بعد حالة الجفاف غير المسبوقة التي يعاني منها مزارعو المحاصيل الحقلية نتيجة تراجع الموسم المطري بشكل غير مسبوق خلال ما يقارب الخمسين عاما على الأقل كما يؤكد المزارعون أنفسهم والسجلات الرسمية.اضافة اعلان
الخطوة الحكومية جيدة ومقبولة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والعجز الذي تمر به الموازنة وتداعيات كورونا على الاقتصاد ولكن السؤال الذي فات وزارة الزراعة هل يوجد موسم حصاد في محافظات الجنوب الثلاث (الكرك والطفيلة ومعان) حتى يتم توريد محصول القمح والشعير وغيرها؛ معظم المزروعات لم تصل لمرحلة الحصاد نتيجة استخدامها اعلافا للمواشي لأنه من غير الممكن وغير المجدي القيام بحصادها؛ من الضروري التنبيه هنا لعدم استغلال ضعاف النفوس وتزويد مراكز الشراء من المحاصيل المستوردة.
المزارعون يطالبون بضرورة قيام الوزارة بإعلان حالة الجفاف في هذه المناطق والعمل على رصد الخسائر التي تقدر بالملايين وهي قيمة الحراثة والبذور والعمل على تعويضهم بالحد الأدنى إذ تشير التقديرات إلى أن ما يقارب من 250 ألف دونم في محافظة الكرك وحدها زرعت محاصيل حقلية هذا العام لن يتمكنوا من تحقيق ما نسبته 10 % من محصول العام الماضي حيث حصل خمسمائة مزارع على ما قيمته خمسة ملايين دينار كأثمان للمحاصيل التي تم توريدها لوزارة الزراعة في اغلبها لمحصول الشعير.
هذا يستدعي السؤال عن دور وزارة الزراعة في الأصل في توجيه المزارعين وإعادة احياء فكرة النمط الزراعي التي كانت سائدة في فترة الثمانينيات في توجيه المزارعين لزراعة محاصيل تتوافق مع طبيعة المنطقة ومستوى الموسم المطري فيها وتقديم حوافز تشجيعية لكل من يلتزم بذلك النمط من ناحية البذار والاسمدة المدعومة والحراثة المجانية وشراء المحاصيل بسعر عادل ومجزٍ والا تترك قضية الزراعة تسير وفق نظرية “معوض كريم” وهذا يجب ان ينسحب على مزروعات الخضار والفواكه أيضاً.
منذ سنوات تم إقرار صندوق للمخاطر الزراعية بغية تعويض المزارعين عن المخاطر والاضرار التي تلحق بهم سواء نتيجة الظروف الجوية كالثلوج والصقيع أو نتيجة انحباس الامطار والجفاف وحسب مفاهيم التأمين التكافلي بحيث يحصل المنتسبون للصندوق مقابل أقساط بسيطة ومدعومة حكومياً على تعويضات عادلة في حال تعرضهم لمخاطر مغطاة بموجب وثيقة التأمين ولكن يبدو أنه بقي دون تفعيل باستثناء استحداث مديرية متخصصة في وزارة الزراعة.
ما يحصل عليه الصندوق من الحكومة مبلغ ثلاثة ملايين بالإضافة للرسوم المستوفاة في أسواق الخضار وهو مبلغ مقبول إذا ما أضيفت له اشتراكات رمزية يساهم بها المزارعون وتوجيه جزء من أرباح مؤسسة الإقراض الزراعي للصندوق.
إذا كانت الرغبة الملكية استشرفت مبكراً أهمية أن يكون الأردن مركزا للأمن الغذائي والذي لا يمكن الحديث عنه دون إيلاء أهمية استثنائية للزراعة ودعم المزارعين فمن المهم أيضا أن تلتقط وزارة الزراعة والقائمون على اعداد الاستراتيجية الزراعية هذا الأمر والخروج من طريقة التعاطي التاريخي مع هذا القطاع الذي نملك فيه ميزة نسبية إذا ما احسنت ادارته قد تساهم برفع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي والتي ما تزال في أدنى مساهمات القطاعات إذا لم تتجاوز نسبة الخمسة بالمائة.