وزارة الصحة بين الواقع والطموح

د. أحمد العرموطي *

تلعب وزارة الصحة دوراً أساسياً ومهماً بتقديم الخدمة الصحية بدرجاتها المختلفة لكل سكان الأردن، سواءً أكانوا مشمولين بالتأمين الصحي أم لا، حيث تملك 33 مستشفى و700 مركز صحي على امتداد المملكة، وهي تغطي نحو 70 ٪ من السكان بينما تغطي الخدمات الطبية الملكية ما بين 10- 15 ٪ والجامعات بمستشفياتها تغطي نحو 5 ٪ والباقي يتم تغطيته من القطاع الخاص.اضافة اعلان
وحتى تستطيع الوزارة القيام بمهامها على أفضل وجه، لا بد أن يتوفر لها المكان المناسب (مستشفيات ومراكز طبية) وكادر طبي مؤهل متعدد الاختصاصات، وآخر تمريضي مؤهل وتخصصات مختلفة، وأن تتوفر لها الأجهزة والمعدات الطبية المناسبة لكل درجة من درجات الخدمة الطبية.
من ناحية المكان فمنذ فترة طويلة لم يتم تطوير وتحديث مباني المستشفيات الحكومية إلا بالسنوات الأخيرة. ومن باب التذكير فإن مستشفى الجامعة الأردنية كان يجب أن يكون لوزارة الصحة لكنه أعطي للجامعة، كما أن مستشفى الملكة علياء العسكري فاوضت وزارة الصحة لشرائه فتم بيعه للخدمات الطبية الملكية، وحتى مستشفى الأمير حمزة ليس تابعاً بالكامل للوزارة وإنما يحكمه نظام خاص، لذلك كان يجب تطوير مستشفيات الوزارة وزيادة عدد الأسرة فيها منذ عشرات السنين، لكن للأسف تم التعامل مع مستشفيات الصحة وكأنها بطريقها للخصخصة أو حصر عملها على الرعاية الصحية الأولية.
أما من حيث الكوادر الطبية، فمجموع الأطباء الاختصاصيين يبلغ 997 طبيباً بمختلف التخصصات، مطلوب منهم تغطية كل المملكة من شمالها لجنوبها، ومن شرقها الى غربها، وإذا قسمنا مجموع الاختصاصيين على المستشفيات بالتساوي نجد أن كل مستشفى له ثلاثون اختصاصياً فقط سواء أكان مستشفى صغيرا كالمستشفيات الطرفية أو مستشفى كبيرا كالبشير، وهذا غير كاف على الإطلاق.
وإذا نظرنا إلى أعداد هؤلاء الأطباء وتخصصاتهم الفرعية نجد أن عدد الأطباء كالتالي: جراحة تجميل وترميم 3 فقط، اختصاص الجراحة العامة 115، امراض القلب والشرايين 3، اختصاص قلب وشرايين 2، أمراض الجهاز الهضمي 3، جراحة كبد وبنكرياس 2، أمراض كلى ومسالك بولية 7، جراحة أطفال 3، خداج وحديثي الولادة 1، جراحة دماغ وأعصاب 3، أمراض دماغ وأعصاب 1، جراحة أوعية دموية 1، أمراض غدد صماء 6، جراحة صدر 3، أمراض صدرية 5، أمومة وطفولة 1، أمراض سرطان 1 ، صحة مهنية 1، أمراض دم 2، أشعة علاجية 1، أنف وأذن وحنجرة 11، أمراض روماتزم 2، إسعاف وطوارئ 11، تخدير وإنعاش 54.
وبدراسة هذه الأرقام نجد أن هناك نقصاً حاداً وشديداً فيها، ولا تلبي احتياجات مستشفى واحدا رئيسياً كمستشفى البشير، وباقي المستشفيات لا يوجد فيها من هذه الاختصاصات أي طبيب.
كما أن عدد أطباء التخدير يبلغ 54 طبيباً فقط، يشرفون على 136 غرفة عمليات، أما عدد أطباء الجهاز الهضمي والكبد فهو ثلاثة أطباء فقط واختصاص أمراض السرطان طبيب واحد واختصاصي أمراض الروماتزم فعددهم اثنان على مستوى المملكة.
وأيضا اختصاصي جراحة الصدر3 فقط واختصاصي جراحة التجميل والترميم بما فيها الاشراف على الحروق فهو 3.
عند النظر لحجم العمل المطلوب من الوزارة نجد انها بحاجة ماسة الى ما لا يقل عن ألف طبيب اختصاصي متفرغ جديد، الان وبشكل مستعجل بتخصصات مختلفة، حتى يتم القيام بالمهام المطلوبة منها، اضافة الى اعداد كبيرة من التمريض.
كما نجد أن موضوع التدريب والاقامة بمستشفيات الوزارة امامه معيقات عديدة، منها عدم وجود كادر متفرغ للتدريب، وعدم توفر برنامج تدريبي واضح الملامح، وصعوبة شروط عقود الأطباء المقيمين، حيث تضع الوزارة عليهم شروطاً تعجيزية ومعقدة من حيث المدة التي يجب أن يقضيها الطبيب بدل تدريبه، او المبالغ المترتبة عليه والتي تتراوح ما بين 70-90 الف دينار، اذا ما ترك الوزارة بعد الاختصاص، كما تقوم بحجز شهادة الاختصاص ولا تمنحه شهادة مزاولة المهنة.
ما هي الخطوات المطلوبة للانقاذ والتطوير؟
اولاً: إعداد خطة انقاذ للوزارة على مدة 3- 5 سنوات من حيث تحديث المباني وتجهيزها بالمستلزمات والأجهزة الطبية.
ثانياً: وضع برنامج للاختصاص متطور في كل المجالات المتاحة بالاتفاق مع المجلس الطبي الأردني والجامعات والخدمات الطبية الملكية تحت اشراف المجلس الطبي بكل مراحله.
ثالثاً: وضع نظام خاص للرواتب والعلامات خارج نظام الخدمة العامة.
رابعاً: وضع نظام حوافز جديد لزيادة دخل الأطباء والعاملين في الصحة.
خامساً: إعادة هيكلة الوزارة والمراكز الطبية واعتماد أغلب المراكز الصحية الشاملة كمراكز 24 ساعة ومراكز اسعاف وتحديد العلاقة مع المستشفيات الحكومية القريبة منها.
سادساً: دمج المراكز الطبية الأولية القريبة من بعضها البعض وتحسين مستوى الخدمات المقدمة منها.
سابعاً: تحويل مستشفى الأمير حمزة ليصبح مستشفى حكومياً تابعاً لوزارة الصحة.
ثامناً: زيادة موازنة الصحة لتصل إلى ما لا يقل عن 20 ٪ من الموازنة العامة.
تاسعاً: بناء مراكز لمعالجة السرطان في وزارة الصحة لتصبح على الأقل ثلاثة مراكز متقدمة بكوادرها وأجهزتها، مركز في عمان وآخر بالشمال ومركز في الجنوب.
عاشراً: بناء مراكز قلب للتشخيص والمعالجة وإجراء عمليات قلب مفتوح في البشير، وتوفير ما تحتاجه من امكانيات بشرية وطبية وتشخيصية في عمان وفي الشمال والجنوب.
احد عشر: استقطاب الكوادر الطبية من الاختصاص للعمل في وزارة الصحة من خلال وضع نظام رواتب يوازي الجهد المبذول من خلال النظام الخاص للوزارة مع مساواتهم مع دخل العاملين بالقطاعات الطبية الأخرى.
ثاني عشر: إنشاء أقسام للحروق في الجنوب والشمال والشرق.
ثالث عشر: فتح مراكز لغسيل الكلى في المناطق الرئيسية للتسهيل على المرضى.
رابع عشر: تحديد العلاقة ما بين القطاعات الاخرى/ الخدمات/ الجامعة والقطاع الخاص.
خامس عشر: فتح أقسام للخداج في الشمال والجنوب، بما لا يقل عن خمسين سريراً لكل قسم، وزيادة قدرة قسم الخداج في البشير.
وبالنتيجة نجد أن العامل البشري هو المهم فبدون زيادة عدد الكوادر الطبية والتمريضية والكوادر الادارية وتزويدها بالمعدات والاجهزة الطبية المتطورة واللازمة ووضع برامج تدريبية ودورات تعليمية داخلية وخارجية ضمن اسس واضحة وشفافة وزيادة دخل الاطباء والممرضين لا يمكن تطوير خدمات الوزارة المقدمة للمواطنين والقيام بالواجبات الملقاة عليها.

  • نقيب الأطباء الأسبق