وزير خارجية أميركي صديق لروسيا وقطر

جاء رجل الأعمال دونالد ترامب، المنتخب رئيساً أميركياً، برجل أعمال آخر، هو ريكس تيلرسون، رئيس شركة "إكسون موبيل"، وزيراً للخارجية الأميركية. وجزء مما يثير الاستغراب لدى المراقبين، أنّ الوزير الجديد يرتبط بعلاقات وثيقة مع الروس، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.اضافة اعلان
قبل أيام قليلة من هذا التعيين، نشرت الصحف الأميركية الكبرى، مثل "نيويورك تايمز"، تقارير نقلا عن وكالات الاستخبارات الأميركية، مفادها أنّ هناك ثقة عالية بأن روسيا سعت إلى التدخل في الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة، لتقليل حظوظ هيلاري كلينتون، ورفع فرص ترامب. ومن ضمن ما فعلته لهذا الغرض، المساعدة في التسريبات عن استخدام كلينتون بريدها الإلكتروني الشخصي، وأنه تم اقتحام شبكات كمبيوتر أميركية لمصلحة ترامب.
وتورد "نيويورك تايمز" قصة ذات دلالة، بشأن علاقات تيلرسون مع روسيا. فبداية، منحته موسكو، في العام 2012، وسام الصداقة، تقديرا لخدماته لها. وفي العام 2014، طلب الرئيس باراك أوباما من رجال الأعمال الأميركيين، وعلى خلفية أزمة القرم، ألا يشاركوا في اجتماع مقرر لرجال أعمال في موسكو، في شهر أيار (مايو). فاستجاب تيلرسون، ولكنه في الحقيقة أرسل مسؤولا رفيعا في شركته بدلا منه، وقع اتفاقيات تنقيب وتصدير للنفط والغاز الروسيين، وخصوصا التصدير إلى صربيا. وتبنى تيلرسون موقفاً ضد الحصار على روسيا.
يقول ديفيد غولدوين، خبير الطاقة في وزارة الخارجية الأميركية، أثناء الفترة الأولى لإدارة أوباما، إنّ ما يفعله ترامب، هو ربما عكس ما فعله الرئيس ريتشارد نيكسون (1969-1975)، الذي قام بالبحث عن قواسم مشتركة مع الصين، بينما يبحث ترامب عن المشترك مع روسيا في سورية وأوكرانيا.
الواقع أنّ ما فعله نيكسون أوجد مصالح مع الصين الشيوعية، ما تزال تزدهر حتى اليوم، وحولت الصين شريكا لواشنطن ضد موسكو أثناء الحرب الباردة، وإلى أهم شريك تجاري الآن. لكن ربما سينتبه المفكرون الاستراتيجيون سريعاً أن روسيا تختلف عن الصين؛ فالأخيرة ذات عقيدة عسكرية وسياسية محافظة، تريد الاهتمام بالشأن الذاتي مع القليل من الاهتمام بالتوسع الخارجي، خصوصاً عسكريا، وهذا مختلف عن روسيا. لكن ما قد يعوض ذلك، أن روسيا ضعيفة جدا اقتصاديا مقارنة بالصين والولايات المتحدة الأميركية.
هنا يجب أن نتذكر أن ترامب أدلى بتصريحات معادية للصين جدا أثناء حملته الانتخابية. وتقاربه مع موسكو، قد يشعل الضوء الأحمر في بكين.
بحسب الصحف الأميركية، لدى تيلرسون علاقات مع قادة خمسين دولة نفطية وغازيّة. وتوقفت الصحف عند العلاقة مع قطر أيضاً. ويقول السفير الأميركي السابق في الدوحة، تشيس أنترماير: "انطباعي عنه أنه دبلوماسي شركات من الدرجة الأولى". ويضيف: "في أيامي (في قطر) كان يأتي ويذهب باستمرار لمقابلة أعلى القيادات في البلد". والواقع أنه بالذهاب للصحف القطرية، قبل عشر سنوات مثلا، نجد مثلا أن "إكسون موبيل" تستثمر في التعليم والتدريب والبحث في قطر أيضاً، وليس في قطاع الطاقة فقط.
هناك، عدا عن خريطة صداقات وعلاقات وآراء ومصالح الوزير الجديد، التي تحتاج للمزيد من البحث، قضية خطرة يمكن افتراضها ومراقبتها. فـ"إكسون موبيل" لديها أيضاً شراهة ومشاريع للتنقيب عن البترول في مناطق محميات طبيعية، ما يتفق مع سياسات ترامب الرافضة لاتفاقيات مناخ دولية، منها اتفاقيات باريس للعام الماضي، التي يهدد ترامب بتركها. وهذا يمتد بالتالي إلى موقف سلبي من موضوع القانون والمنظمات الدولية؛ ما يعزز فرضية النية المحتملة لدى ترامب للعمل بالتنسيق مع دول مثل روسيا في قضايا مختلفة، من دون اهتمام بالأمم المتحدة والمفاوضات الدولية التعددية.
على الصعيد الإسرائيلي، بدأ المحللون الإسرائيليون بنشر تعليقاتهم على هذا الاختيار. وبحسب "تايمز أوف إسرائيل"، اصطدمت "إكسون موبيل" مع السياسة الإسرائيلية بشأن الحصار على إيران. ويخشى الإسرائيليون من قرب علاقاته مع دول عربية. لكن يتذكرون أنّ وزراء سابقين كان لهم مثل هذه العلاقات الحسنة، بسبب علاقات اقتصادية، مثل مسؤول شركة "بكتل" جورج شولتز (وزير الخارجية الأميركي 1982-1989)، لم تؤثر خلفيتهم الاقتصادية في مواقفهم لصالح إسرائيل.
تبلغ ثروة تيلرسون من أسهم "إكسون موبيل" 218 مليون دولار، ويتوقع أن يبلغ تقاعده 70 مليون دولار.