وصفة طبيب: "اليهودية وقبول الآخر"

حاصل على جائزة افضل طبيب غدد صُمّ في العالم من الجمعبة الاميركية للغدد الصم لهذا العام. لكنه اختار ان يقدم للجمهور كتابا سياسيا بنكهة عقائدية، على ارضية من المعلومات الدينية ليست من الاسلام، لكن من الديانة اليهودية وممارسات الكيان الصهيوني.

اضافة اعلان

"اليهودية وقبول الاخر" كتاب جديد للدكتور كامل العجلوني الذي عرفه الاردنيون رئيسا للجامعة ووزيرا واستاذا في الطب، كتاب اسمه حمل علامة سؤال، لكن الكاتب لم يصبر اكثر من صفحة واحدة قبل ان يقدم الاجابة التي لا نختلف عليها وهي ان الصهيونية، كفكر وممارسة وارضية عقائدية، لا تقبل الاخر، وترك اكثر من 300 صفحة ليعزز بها قناعاته ويثبتها للقارئ.

بذات الاندفاع والحماس، وفي سطور الاهداء، قدم الكاتب موقفه السياسي من التسوية والمفاوضات. وأهدى الكتاب لمن اسماهم سعاة السلام "لكي يتبينوا خطاهم ويجلوا فكرهم ويعرفوا لغة عدوهم"، ثم عاد في سطور الاهداء القليلة ذاتها ليقول: "والى الذين ما زالوا يظنون ان اميركا واسرائيل ستقدمان للفلسطينيين اي شيء مهما كان الا اذا ارغموا"، وهذا التأكيد اشارة الى جزء من شخصية الكاتب المتحمسة ولرغبته ان يصل بالقارئ حتى قبل ان يقرأ الكتاب الى قناعة بأن السلام غير ممكن، وأن المحتل لا يقبل الآخر بالمطلق مهما كان موقفه السياسي، لأن المشكلة في عقيدة وفكر المحتل، وليست في مواقف الأغيار اي غير اليهود وهذه حقيقة مؤكدة.

ولعل صدق الكاتب وحماسه لموقفه وايمانه بسوء العدو جعلته اشبه بصاحب البيت السخي الذي يريد ان يكرم ضيوفه بكل ما لديه في البيت من طعام وشراب وحلوى وفاكهة واثاث جميل وصابون، واحيانا يقدم الفاكهة قبل ان ينهي الضيف طعامه!

الكتاب مكتظ بالمعلومات والصور والاقتباسات والنصوص التي يريد صاحب الكتاب ان تصل بسرعة الى وجدان وعقل القارئ. والهدف ان يصل القارئ الى قناعة الكاتب؛ بأن هذا الطرف المحتل لا يقبل الاخر ولا يصلح لتعايش ولا لسلام او تفاوض. وهي قناعة صحيحة ربما لا تحتاج من الأمة الى كبير عناء لأن التاريخ الطويل من الصراع مع هذا الطرف الصهيوني تزرع هذه القناعة، لمن يتعامل بأدنى درجات الموضوعية مع العقود الماضية. ولهذا كان لجوء الكاتب الى التذكير بمجازر ومحافل إجرام ومنها ما قد يكون يسمع عنه بعضنا للمرة الاولى.

الفكرة الاساسية للكتاب ان يكون قراءة للعقيدة اليهودية الصهيونية، وللممارسات الصهيونية باعتبارها ممارسات عقائدية. الكاتب ومن فرط حرصه على ان يقدم للقارئ كل ما لديه من معلومات وقناعات كان يخرج من القراءة العقائدية للفكر الصهيوني الى السياسة والاحداث الجارية والصور والتوثيق ثم يعود ثانية الى العقيدة اليهودية الصهيونية، لكنه لم يستطع ان يتجاوز الموضوع السياسي الآني فقدم قناعاته بمدى امكانية تجسيد فكرة الدولتين بل يرى ان فكرة الدولة الفلسطينية: خديعة يهودية تلمودية تروج لها المسيحية الصهيونية فهي اصلا قبول واعتراف بحق اليهود في فلسطين من دون اعتراف حقيقي بحقوق الفلسطينيين.

د. العجلوني يقدم كتابه بعقائدية واضحة وبموقف سياسي لا يثق بمبدأ الحلول التفاوضية مع المحتل، لكنه يريد القول ان اصل البلاء في كل هذا ان هذا العدو لا يقبل الآخر ويملك عقيدة تجعله يمارس كل انواع الإجرام من دون تردد.

الكتاب وصفة من طبيب لمرضى "الغدد الصُمّ"! بما يجب ان تكون طريقا للتعامل مع المحتل. وهي وصفة تتجاوز المسار الحالي الذي تمارسه الدول. لهذا، تحديداً، ختم الكتاب بالقول: "افيقوا ايها الناس فلن تنفعكم مدريد ولا شيء بعد مدريد"!

[email protected]