علاء الدين أبو زينة
«شيّع الأهالي في مدينة جنين 3 شهداء قتلوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى اقتحامها مخيم جنين شمالي الضفة الغربية فجر يوم الجمعة، 17 حزيران (يونيو) 2022».
وكان الشهداء الثلاثة الذين ارتقوا يوم الجمعة هم يوسف ناصر صلاح، (شقيق الشهيد سعد صلاح)؛ وبراء كمال لحلوح؛ وليث صلاح أبو سرور، (شقيق الشهيد علاء أبو سرور).
هكذا جاءت الأخبار من فلسطين في الذكرى 92 لارتقاء شهداء «الثلاثاء الحمراء»، محمد جمجوم، وفؤادي حجازي وعطا الزير.
وقضى الأبطال الثلاثة على مشانق الاستعمار البريطاني الوحشي في صباح 17 حزيران (يونيو) 1930. وكان قدر شهداء الثلاثاء الحمراء أن يُخلَّدوا في القصائد والأغاني، وأن تكون تضحيتهم رمزاً ونجماً هادياً يُلهم الأجيال الفلسطينية المناضلة.
ويحفظ الفلسطينيون أسماءهم من رائعة إبراهيم طوقان الخالدة، «الثلاثاء الحمراء»، وقصيدة إبراهيم نوح (الذي استشهد هو أيضاً في العام 1938 بعمر 25 عاماً) «من سجن عكا طلعت جنازة».
لكن أسماء آلاف الشهداء لم يقدّر لها أن تُحفظ بنفس الطريقة، وتنتظِرُ أن تُكتب على حائط ذكرى في فلسطين حرة.
كانت لكل واحد من شهداء «الثلاثاء الحمراء» وصيته الخاصة، وكانت لهم أيضاً وصيتهم المشتركة.
ومما جاء فيها: «… رجاؤنا إلى الأمة العربية في فلسطين أن لا تنسى دماءنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة، وأن تذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر أنفسنا وجماجمنا لتكون أساساً لبناء استقلال أمتنا وحريتها… ولنا في آخر ساعات حياتنا رجاء إلى أمراء وملوك العرب والمسلمين في سائر أنحاء المعمورة أن لا يثقوا بالأجانب وسياسييهم، وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى: «ويروغ منك كما يروغ الثعلب». وعلى العرب في كل البلدان العربية والمسلمين أن ينقذوا فلسطين مما هي فيه من الآلام وأن يساعدوها بكل قواهم…».
غني عن القول أن رجاء الشهداء الثلاثة للزعماء والبلدان العربية والمسلمين لم يصل إلى الآذان والقلوب التي قصدوها بعد.
لكن رجاءهم للفلسطينيين كان نافلة قول في الحقيقة: ينطوي الفلسطينيون، طبيعياً، على توق الشعوب المستعمرة إلى الحرية – نفس حافز الشهداء الثلاثة.
وقبل يوم استشهادهم، وبعده وحتى يوم التحرير، تتواصل مواكب شهداء من أجل الحرية.
كان من الملفت في أشهر هذا العام وحده عدد المرات التي ارتقى فيها ثلاثة شهداء في يوم واحد، وفي أيام ثلاثاء، إلى جانب الذين ارتقوا أزواجاً وفرادى في كل الأيام.
ويقول ذلك أن دماء عطا ومحمد وفؤاد لم تذهب هدراً، وأن شعبهم حفظ وصيتهم ولن يفرط بها حتى دحر المستعمرين واستعادة الأرض والكرامة.
كان من الأخبار عن فلسطين في الأشهر الماضية: «قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن القوات الإسرائيلية قتلت، أمس الأحد، 10 نيسان (أبريل)، امرأتين فلسطينيتين بعد أن ركضت الأولى صوب جنود وطعنت الأخرى جندياً، وشاباً فلسطينياً في ثلاثة حوادث منفصلة بالضفة الغربية المحتلة.
«استشهد 3 فلسطينيين… برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي وسط الضفة الغربية، بعد اندلاع مواجهات كبيرة بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين في بلدات عدة، أبرزها سلواد في رام الله. 14 نيسان (أبريل).
«أعدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، 3 مواطنين، واعتقلت آخر، عقب إطلاق النار على مركبتهم بمدينة نابلس. 8 شباط (فبراير).
«استشهد ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الثلاثاء، 15 آذار (مارس)، برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي في القدس ونابلس والسبع».
«قتلت القوات الإسرائيلية السبت، 2 نيسان (أبريل)، 3 فلسطينيين… خلال عملية في الضفة الغربية المحتلة، وسط تصعيد شهدته الأيام الماضية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل».
«ارتفع إلى 3 عدد الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا منذ الليلة الماضية برصاص الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية..». (2 حزيران/ يونيو).
وحشية النظام الاستعماري الاستيطاني الذي يحاول إخضاع الفلسطينيين باستهداف أرواحهم هو امتداد غير منقطع لوحشية المستعمر البريطاني الذي جلبه ومكّنه.
وهو يقوم يومياً بتنفيذ الإعدامات الميدانية في حق الفلسطينيين الذين لا يبخلون بالشهداء.
وما يزال كل شهيد يرتقي يردد نفس الوصية: «أنا إن سقطتُّ، فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح/ وانظر إلى شفتَيَّ أطبقتا على هوج الرياح/ أنا لم أمت! أنا لم أزل أدعوكَ من خلف الجراح».
لكنهم بالتأكيد حذفوا ذلك الرجاء للذين أعلنوا أنهم لا يهمهم الأمر.
المقال السابق للكاتب
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا