وضاح هريشات يتفنن بإعادة تحويل "قصاقيص" الخشب لمفردات جمالية

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- قطع خشبية أصبحت في مرحلة الإتلاف، وبات التخلص منها في المناجر سائدا، إلا أن صالح هريشات استوقفه الأمر، ولم يقف مكتوف اليدين، جراء شعوره بالمسؤولية في إعادة تدوير الخامات، وخصوصا "الخشب" الأقرب لنفسه؛ إذ قام بتجميع القطع الزائدة، وإعادة تصنيعها وتحويلها لقطع فنية وألعاب تناسب الصغار.اضافة اعلان
"إعادة الروح للخشب المستهلك" وحماية البيئة من المخلفات، هي الوصف الأقرب لما يقوم به الحرفي هريشات الذي يقيم في محافظة الطفيلة، متقاعداً من القطاع العام، لديه موهبة إعادة التدوير منذ سنوات.
تولد شغف هريشات بالخشب من عشقه وقربه للأشجار، فيصفها "هي روح يجب أن تبقى ولا تفنى"، لذا يسعى لابتكار أفكار جميلة وبأشكال مميزة يمكن أن يقوم بتصنيعها من إعادة تدوير القطع، ليخرج في نهاية المطاف بالعديد من المفردات الفنية التي يحتفي بها، وتحظى بإعجاب الآخرين.
وعلى الرغم من حالات "الإحباط" التي قد تخفض من نسبة الشغف في العمل الفني في إعادة تدوير الخشب، إلا أن هريشات يعود مجدداً مع كل عبارات الدعم من البعض إلى العمل مرة أخرى في خلق قطع خشبية فنية بأحجام مختلفة، والتي تسمى "قصاقيص"، كما في صناعة مجسمات السيارات أو بيوت ألعاب الأطفال التي تزين الغرف، وجميعها تنفذ من قطع الخشب الصغيرة، والكرتون المقوى الذي يتم أيضاً إعادة تدويره من الصناديق الفارغة للمحلات التجارية. ويقول هريشات "بعد حالة الجمود والإحباط التي مررت بها، تحديت نفسي، وقررت أن أدخل في مرحلة جديدة من العمل الإبداعي، ولحبي حرفة إعادة تدوير الخشب بالذات، قمت بالعمل لمدة شهرين متتابعين، وقضيت ساعات طويلة في إنجاز تصميم جديد هو "القرية السياحية ضانا" وبتفاصيلها الدقيقة، وشوارعها وأعمدتها".
تولدت هذه الفكرة جراء عشق هريشات لهذا المكان، الذي يعد معلما سياحيا في محافظة الطفيلة، وقام بتجهيز قطع الخشب التي جمعها، وبقايا ألواح التربولاين وتجميعها لعمل المجسم الفني.
حاول هريشات أن ينفذ المجسم الخشبي بشكل دقيق؛ حيث وضع الأعمدة التي تتوزع في شوارعه، وقام بوضع مادة لتحديد ألوان الشوارع، كما قام بإحضار تراب من قرية ضانا بالتحديد، وتم استخدامها للمباني الخشبية الصغيرة، لإضفاء صورة طبيعية للمجسم؛ حيث قام بعمل "الطين منه"، ومن ثم وضعه على الخشب، ليكون صورة مطابقة لقرية ضانا، وينتظر أن ترى النور وتخرج للعلن، لتكون صورة إبداعية من المواهب الموجودة في المحافظات، بحسب وصفه.
الأفكار الإبداعية تحتاج إلى إعادة تنشيط ما بين الحين والآخر، غير أن وجود الدعم للمواهب أمر في غاية الأهمية، ويمكن أن يساعد "الشخص الموهوب" على أن يحول موهبته إلى حرفة، وأحياناً مصدر عمل ورزق، إلا أن هريشات قد يعاني من عدم وجود الدعم الكافي لتسويق منتجاته من إعادة التدوير، والتي يرى البعض أنها يمكن أن تتحول إلى "سمة سياحية للمنطقة"، بحيث تصبح إعادة تدوير الخشب جزءا من المسار السياحي لمدينة الطفيلة أو ضانا تحديداً التي تستقبل آلاف الزوار سنوياً.
ويقول "لعل عدم وجود بازارات أو مشاريع تسويقية في منطقتي، وتكثيفها في العاصمة، على سبيل المثال، قد يكون سبباً في النقص في تطوير هذه الحرفة، التي تعد من الطرق الجديدة لإعادة التدوير، خاصة أنها غير مكلفة، ومن السهل تشكيلها، وتصميم مفردات جمالية جديدة؛ إذ يمكن استغلالها في الزينة المنزلية أو المدارس والنوادي، ويمكن تسويقها كقطع صغيرة تمثل البيئة الأردنية بتفاصيلها البسيطة، وبيوتها التراثية".
هريشات يشعر بسعادة غامرة عند الانتهاء من تنفيذ القطع الفنية، ويحتفظ بجزء كبير منها، كما ينتظر أن يراها يوماً تزين رفوف المحلات التجارية، أو يتسنى له المشاركة بالبازارات التراثية التي تنظم بين الحين والآخر وفي أماكن عدة، لتصبح مصدر رزق له، وفي الوقت ذاته، تفريغ للطاقة الفنية الإبداعية التي يمتلكها، ليقبل على تنفيذ أفكار جديدة غير تقليدية تصنع من الخشب.
إحدى الدراسات العلمية التي تم إطلاقها في بريطانيا، أظهرت أن "ما نسبته 10 % من الخشب المستخدم تصل إلى 15 %‏ ينتهي به المطاف في عملية إعادة التدوير أو صناديق النفايات"، وهذا يعني أن نسبة كبيرة من الخشب الذي يتولد من قطع الأشجار يذهب في النفايات في العالم، ويحتاج إلى سنوات طويلة للتحلل.
بالإضافة إلى ذلك، يقوم هريشات بتصميم المجسم أو الشكل الذي يتم طلبه من الزبائن وفق آرائهم، مثل تنفيذ أقفاص العصافير من الخشب، بدلاً من أقفاص الحديد؛ إذ يتم عمل القفص وتجهيزه بشكل يضمن عدم تلفه لمدة طويلة، والمحافظة على هيكله، كما يقوم بتجهيز مجسمات للأكواخ الخشبية بطريقة احترافية كبيرة، بحيث يتم تزيينها بالإضاءة، وطلاؤها "قصاقيص الخشب" بألوان زاهية.
ويتمنى هريشات أن يجد فرصته في التطوير والتسويق للمنتج الذي يقدمه، ليحاكي تراث وبيئة محافظة الطفيلة، وأن يصل تسويق أعماله الفنية إلى جميع المحافظات، ما يعني استمرارية العمل الحرفي الذي يعني له الكثير؛ إذ يشبع رغبته في تشكيل وابتكار مفردات جمالية جديدة.

جانب من أعمال وضاح هريشات في إعادة تدوير الخشب -(من المصدر)