وضع معيشي جديد

أصبح العمال والموظفون أول ضحايا تداعيات كورونا وأن كرة الثلج تتدحرج بشكل اسرع من المتوقع، وان الوضع المعيشي لأسر وعائلات الموظفين والعمالة بشكل عام باتت تحت ضغط اقتصادي ومالي غير مسبوق لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأسرية، ما يشكل بكل تأكيد وجدية تهديدا للاستقرار والأمن المجتمعي في الاردن الذي لا يتحمل وضعه الاقتصادي والمالي تأمين المال اللازم لتغطية العجز الحاد في انخفاض دخل الأسر او فاقدي الوظائف والذي من المتوقع ان يرفع نسب البطالة الى اكثر من 25 ٪ يضاف الى ذلك عودة متوقعة لأردنيين من الخارج انهيت عقود عملهم في الدول التي يقيمون ويعملون فيها، بالإضافة الى قرار الدفاع الذي أوقف التعيينات وخفض رواتب الموظفين حتى نهاية العام 2020 في القطاع العام بشكل كامل.اضافة اعلان
أما القطاع الخاص الذي يقوم باستخدام الموظفين والعمالة على مبدأ حجم المنفعة المتحققة من العامل للإبقاء عليه في وظيفته، فإنه بشكل عام يعاني من الحالة الاقتصادية التي خلفتها الجائحة ولكن بنسب متفاوتة بين المؤسسات والشركات والتي قامت جميعها بإجراءات علاجية لوقف خسائرها الفادحة وبعضها إجراءات تحفظية اما بتخفيض الرواتب او بتسريح العاملين، في حين أعلنت بعضها بأنها ستتوقف بشكل كامل عن نشاطاتها.
وهذه الإجراءات بالمفاهيم الاقتصادية مبررة الى حد ما، لكن وفق ضوابط قانونية أهمها المحافظة على حقوق العاملين المالية والتقاعدية والتأمين الصحي وغيرها من الحقوق.
أما الأسوأ من ذلك فهو ابتزاز بعض مؤسسات القطاع الخاص للوضع الاستثنائي الذي خلقته الجائحة بالرغم من أوضاعها المالية الجيدة ولم تتأثر بالجائحة او كان تأثرها المالي محدودا جدا وذلك بطلبها من بعض العاملين تقديم استقالاتهم والانكفاء عن العمل لاستبدالهم بعاملين برواتب قليلة جدا استغلالا للبطالة والحاجة الماسة للعمل بأي راتب وبالحد الأدنى للأجور او اقل من ذلك من خلال التلاعب بالعقود الصورية من ارباب الاعمال مع هؤلاء العاملين، في حين يتطلب الامر المحافظة على العمالة حسب الطاقة الاستيعابية المتاحة لديها في بوتقة الجهد الوطني العام لمواجهة آثار الجائحة والتغلب عليها.
الحكومة الحالية وسابقاتها من الحكومات الاردنية تشكو دائما قبل وبعد الأزمات وجائحة كورونا اهم هذه الأزمات، ثقلا وعبء المسؤولية وسوء الأوضاع الاقتصادية وقلة الدعم من الدول المانحة للأردن وتراجع الاستثمار وسوء الأوضاع الإقليمية وارتفاع فواتير الدعم للطاقة والخبز والشؤون الاجتماعية، تتناسى تلك الحكومات ان سياساتها الاقتصادية هي التي فاقمت وما تزال الانعكاسات الاقتصادية السلبية على المواطنين من الأزمات المباغتة كأزمة كورونا.
السؤال الأهم هل ستنجح الحكومة الاردنية الحالية عن سابقاتها من الحكومات بتغيير نهج ادارة الملف الاقتصادي بتطوير الاقتصاد وحماية مستقبل المواطنين الأردنيين ومعيشتهم وتوضح بشكل جلي الإجراءات التي ستتخذ من اجل حماية الاقتصاد كما هو مأمول من جلالة الملك خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء بالأمس، كل الأردنيين سيرفعون القبعات لهذه الحكومة ان هي نجحت في ذلك.