ومن الحب ما قتل.. كيف يتحول العاشق إلى قاتل؟

ومن الحب ما قتل.. كيف يتحول العاشق إلى قاتل؟
ومن الحب ما قتل.. كيف يتحول العاشق إلى قاتل؟

يعد الحب عاطفة صحية تنمو بين شخصين بمجرد استثمارهما الوقت والطاقة في التعرف على بعضهما البعض، على عكس ما يعرف بالهوس العاطفي، وهو اضطراب نفسي يترجم على أنه مشاعر غير صحية تضيق على خناق الطرف الآخر مع مرور الوقت. عندما يقع شخصان في الحب، فإنهما يحافظان على هويتهما وتفردهما، لا يتعرض أي منهما للتهديد من قبل الآخر، خاصةً عندما يختار أحدهما قضاء بعض الوقت مع العائلة أو الأصدقاء دون تضمين الآخر معهم دائماً. مع الهوس العاطفي، يصبح من المستحيل أن يتحمل الشخص بقاءه وحيداً دون شريكه ولو لبرهة قصيرة؛ حيث يشعر المهووس بالحاجة الجسدية بأن يكون “جوهر حياة” شريكه بطريقة غير منطقية. حينها تبدأ المشاعر السلبية والبارانويا في التسلل إلى العلاقة وتدميرها.

اضافة اعلان

 

الهوس العاطفي.. إساءات لفظية وجسدية

 

في كثير من الأحيان، يمكن للشخص المهووس أن يصبح مسيئاً لفظياً وجسدياً للطرف الآخر، وقد يُعبر بعد ذلك عن قدر كبير من الندم، إلا أنه دائماً مايلوم شريكه على جلب الإساءة لنفسه. وبمرور الوقت، يختزل المهووس شريكه ليحوله إلى فرد عاجز وضعيف. يمكن للشخص الذي ينخرط بعلاقة مع شخص مهووس أن ينضج كفاية ليدرك مايتعرض له من خنق وذعر، لكن غالباً مايكون ذلك بعد أن تخرج العلاقة عن نطاق السيطرة، عندها يصبح من الصعب إخراج الذات من العلاقة، خاصةً دون الشعور بكثير من الندم، وكثير من الخوف والخطر أيضاً. في الحالات القصوى من الهوس العاطفي، قد يعرض الشخص المهووس شريكه للإيذاء اللفظي أو الجسدي، الاغتصاب، المطاردة، أو حتى القتل.

 

التفسيرات السائدة لقتل الرجل شريكته

 

يدعي جميع القتلة الرجال أنهم ارتكبوا جرائمهم بحق شريكاتهم بدافع الحب، فالقتل بالنسبة لهم ماهو إلا نتاج الحب المفرط. في كتاب “باسم الحب: الأيديولوجيا الرومانسية وضحاياها”، يقترح روهافا غوسينسكي نهجاً معيناً لفهم هذه الظاهرة المفزعة، حيث تشترك التفسيرات المختلفة لإقدام الرجل على قتل شريكته بفرضيتين شائعتين: – أن القتل ينبع من “السلطة الذكورية”، كما أن الغيرة والغضب هما شعوران أساسيان يثيران ذلك. – القتل هو ذروة تاريخ العنف الذي سبقه. ومع ذلك، يرى كثيرون أن شرح القتل بالإشارة إلى “امتلاك السلطة الذكورية” ما هو إلا شرح تبسيطي ومجتزأ؛ فعلى الرغم من أن الذكورية تلعب دوراً في مجموعة كاملة من العوامل التي تخلق استعداداً كاملاً لقتل الشريكة، إلا أنه يجب النظر دائماً إلى دافع القتل من حيث الظروف المؤاتية لتطور العنف، فهناك ظروف معقدة من المخاطر وكثير منها جزء لا يتجزأ من الآيديولوجية الرومانسية.

 

دافع قتل الشريكة بالنسبة للرجال:

 

– يرى الرجل أن المرأة هي عالمه كله، لذلك يشعر أن أي انفصال عنها ينطوي على فقدان هويته. – تفتقر حياة الرجل إلى مصادر أخرى”للمعنى وأسباب العيش”. – إن تصور الرجل السطحي عن الرجولة والذي يفرض أنه يتمتع بكامل القوة والسيطرة، يتعارض تماماً مع اعتماد حياته على شريكته، مما يجعل هذا الاعتماد يبدد دليلاً دامغاً على ضعفه وإذلاله وإهانته لنفسه. – السلوك الشخصي للرجل يتسم بالعند والصلابة. عندما تجتمع في الرجل جميع الشروط المذكورة أعلاه، يزداد خطر قتل المرأة بشكل كبير، وغالباً ما تنتاب الرجل تلك الأفكار حين تهدده شريكته بالانفصال عنه.

 

الآيديولوجيا الرومانسية والقتل

 

في ضوء مركزية الحب في حياتنا، لا عجب أن الثقافات في جميع أنحاء العالم صورت شكلاً مثالياً من الحب الرومانسي الذي يفترض أننا جميعاً نسير نحوه. لقد اعتبرت العديد من الحضارات أن الحب أمر بالغ الأهمية لإتمام الذات، ومع ذلك فإن الحب هو عامل رئيسي يتسبب في بؤس الناس أيضاً؛ لأنه ينطوي على خيبات أمل كبيرة، فقد يكون الحب إحساساً رائعاً، لكنه يؤلمنا كثيراً، وقد يكون خطيراً لدرجة تكفي أن تقود البعض إلى ارتكاب أعمال عنيفة. وبالمثل، فإن الانتحار بسبب الحب ليس بقصة غير اعتيادية، حتى أن البعض يعتبره مظهراً مثالياً للحب الحقيقي. نتيجة للحب غير المتبادل، ينتحر الرجال 3 إلى 4 مرات أكثر من النساء، ويكاد يكون الرجال هم الذين يقتلون شريكاتهم عندما يقررن تركهم. وبهذا المعنى، تكون المرأة أكثر واقعية وأكثر تقبلاً لحقيقة أن الحب قد لا يستمر إلى الأبد.

 

الحب بالنسبة للقتلة

 

في معظم الحالات، يكون القتلة هم الشركاء الأكثر ضعفاً، خاصة عندما تكون المرأة مستقرة ومستقلة وقوية، ويكون الرجل هشاً يفتقر إلى السيطرة. هذا النوع من الرجال، الذين اعتادوا على التبعية، سيشعرون دائماً بالحاجة إلى انتزاع السلطة من قبضة المرأة. “هي كانت مصدر وجود بالنسبة لي لأنه لم يكن لدي أي شيء آخر لأعلن سيطرتي عليه، كان علي أن أسيطر عليها، كان علي أن أقتلها”، يقول أحد القتلة. فبالنسبة له، إن السيطرة على مصدر الوجود مثل التحكم في توريد الأكسجين إلى المريض الذي يحتاج إليه، ليضمن وجوده.

 

قتل الرجل شريكته ماهو إلا ضعف!

 

يقتل الرجل شريكته بدافع الضعف وليس بدافع القوة، فالشخص الذي لم يتبقى لديه ما يخسره مخول لارتكاب أفعال متهورة أكثر من شخص لديه أمل يتمسك به. وبهذا المعنى، فإن الشخص الذي فقد كل شيء يمتلك “امتيازاً” على الشخص الذي لا يزال لديه الكثير ليخسره. وبالتالي يصبح الضعف مصدر قوة بالنسبة للقاتل؛ فكلما كان اليأس أعمق، كانت القوة التي يولدها أكبر. من هذا المنظور، فإن الممارسة النهائية للقوة التي تصل حد القتل هي مجرد تعبير عن الضعف التام للرجل وخسارته. غني عن القول، أن شرح سلوك الرجل المروع على أنه نابع من الحب ليس بأي حال مبررا لأفعاله، لكن فهم الحالة الذهنية للرجل يمكن أن تمنع جرائم القتل في المستقبل، وبالتالي ينبغي أن ندرس سيكولوجية الرجل التي تدفعه إلى قتل شريكته.

 

دعوات مبطنة للقتل!

 

باسم الحب، تريد النساء ترك شركائهن وباسم الحب، يقتلهن هؤلاء الرجال. بالنسبة للقاتل، فإن المرأة هي عالمه كله وشرط لوجوده، لذا، إن كانت قدرة الرجل على الحفاظ على نظرته إلى نفسه كإنسان تعتمد على أن تكون المرأة جزءاً من حياته فكيف يمكنه تركها تذهب؟ هكذا، يحول الحب المرأة إلى رهينة، رهينة حياة الرجل، مما يعرض حياتها للخطر. قد لا تكون كلمات العديد من أغاني الحب أو المسلسلات والأفلام التي تفيض بعنف مغلف بطابع رومانسي سوى كليشيهات عن الحب الرومانسي، ولكن عندما يتم تبني هذه الكليشيهات بتفانٍ دون أدنى اهتمام بالواقع، يصبح حينها الحب كسلاح يحمل على الأكتاف. (وكالات)

 

اقرأ أيضاً: