وهم أزرق أبيض

معاريف

عاموس غلبوع

اضافة اعلان

ان القول ان مناحيم بيغن ما كان سيقبل اليوم لليكود مشوق ويثير الفكر العميق. المشكلة هي انه مأخوذ من عالم الموتى - عالم الاحياء قد يكون اكثر سـأما ولكن لنا معه اتصال على الاقل بل وهو يرد أيضا. مثلا، الواقع في السنة الاخيرة في غلاف غزة. يدور الحديث عن موضوع امني من الدرجة الاولى، كل حكومة ستنتخب سيتعين عليها أن تتعاطى معه بشكل فوري. هذا ليس تهديدا شديدا، ولكنه شوكة في عجيزة الدولة.
حكومة إسرائيل، بدعم قوي من الجيش الإسرائيلي، اتخذت حتى الان استراتيجية حذرة للغاية، برأيي لم تتمكن من اعطاء جواب مناسب للتحدي الذي تشكله حماس، وبالتأكيد لم توفر حماية مناسبة للأراضي السيادية في غلاف غزة.
وبالتالي، فقد أثار اهتمامي على نحو خاص ذاك الجزء في برنامج حزب أزرق أبيض الذي يعنى بالسياسة تجاه حماس. وبالفعل، توجد عدة سطور في الموضوع: "إسرائيل ستبادر ولن تنجر، في غزة علينا أن نتخذ خطوة مزدوجة: من جهة، رد شديد على الاستفزازات واستخدام العنف تجاه اراضينا؛ ومن جهة اخرى خطوة مشتركة مع محافل اقليمية تعرض على سكان غزة امكانية الحياة الافضل، وتوضح لهم بان ما يقف بينه وبين هذه الحياة هو عدوان حماس تجاه إسرائيل.
القاعدة الاولى للحرب ضد الارهاب هي دق اسفين بين السكان والمنظمة الارهابية لتي تعيش في اوساطهم، وهذا لن يحصل الا اذا نفذت سياسة مبادرة على المستويين: العسكري والسياسي – الاقتصادي".
وبالفعل مقبول انه ينبغي الرد بشدة على استفزازات حماس. ولكن فكرة دق اسفين بين السكان والحركة في عالم الاوهام. فحماس ليست منظمة ارهابية تعيش بين السكان المدنيين في قطاع غزة. هذا الوصف جميل لمنظمة ماركسية، مثلا، تعمل ضد حكومة في دولة جنوب اميركية وتعتمد على السكان المدنيين. اما في قطاع غزة فالوضع مختلف تماما: حماس هي جزء لا يتجزأ من السكان. فقد ولدت هناك. وهي مدروسة عميقا بين السكان، والسكان مغروسون عميقا فيها. هي ليست منظمة وهمية، هي الحكومة، وهي التي فازت في الانتخابات.
وكل هذا دون الحديث بعد عن أن هذه منظمة لا تتردد في استخدام القوة ضد سكانها أنفسهم، مثلما هو متبع في الانظمة في الدول العربية. ما الذي يأملون به هنا؟ أن يثور السكان؟ ان يزوغ بصرهم من الحياة الرائعة المرتقبة لهم بدون حماس؟
لقد علمنا التاريخ ان الاغراء الاقتصادي لا ينجح مع حماس. فايديولوجيتها تمنع ذلك. تفضيلها الاعلى، والذي هو سبب وجودها، هو الكفاح المسلح ضد إسرائيل. وبالتالي فإنه حتى لو اعطي لها كل خير، بما في ذلك ميناء ومطار، فإن الموقف منا لن يتغير والحرص على السكان المدنيين سيبقى في المكان الثاني. بعد حملات مختلفة في غزة عقدت مؤتمرات اقليمية ودولية ووعد بمليارات الدولارات للبناء المدني للقطاع. ولكن حماس، كما تقول القصيدة، ما تزال تفضل "المدافع بدلا من الجراب".
من برنامج الحزب مع ثلاثة رؤساء اركان في الاحتياط كان يمكن لنا أن نتوقع أكثر من ذلك.