يؤخذ في الحسبان

معاريف

ألون بن دافيد  19/6/2015

أعلنت حماس هذا الأسبوع أنها تدرس اقتراح وقف إطلاق النار بعيد المدى في القطاع. في إسرائيل لم يتطرقوا لذلك تقريبا، لكن الحديث هنا عن تغيير دراماتيكي يحدث في القطاع ويمكنه توفير الهدوء لسكان الجنوب لبضع سنوات. قطر هي التي تدعم هذا الاقتراح وتتحدث عن اقامة ميناء عائم أمام شواطئ غزة وإسرائيل لا ترفض هذا الاقتراح، لكنها لا تحاول السير في هذا بالفعل.اضافة اعلان
لقد حدث تحول مفاجئ في العلاقات بين مصر وحماس في الأسابيع الأخيرة. فقد تحولت الحركة الفلسطينية من عدو في نظر المصريين إلى من يمكن التعاون معها في الصراع ضد الد الأعداء: داعش. هذا لا يعني أن مصر السيسي تؤيد حماس، لكنها مستعدة لتحمل وجودها. وهنا أيضا كانت قطر وراء هذه المصالحة الجزئية.
الحديث هنا عن خشبة انقاذ لحركة حماس، التي رأت أنه منذ عملية الجرف الصامد كيف بدأ ينهار ما قامت ببنائه بسبب الحصار المصري والإسرائيلي. هذه المنظمة، التي تعتبر نفسها السد الأخير لحركة الاخوان المسلمين المتبقي في المنطقة، تصر على الحفاظ على ما يسمى "المشروع": منطقة جغرافية مستقلة في القطاع. حماس لن تتنازل عن الشعارات الكلامية للصراع ضد إسرائيل، لكنها مهيأة لوضع الجهاد جانبا والتركيز على تعزيز سلطتها.
وفي إسرائيل من يفسر وجود قوات حماس على طول الحدود على أنه تهديد. المعنى الحقيقي هو عكس ذلك تماما. فهذه القوة موجودة من اجل منع أي اطلاق باتجاه إسرائيل أو الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي. لم تتوقف حماس عن انتاج الصواريخ أو حفر الانفاق، رغم أنها تشدد في الوقت الحالي على عدم تجاوز الحدود مع إسرائيل، لكن الامر الاخير الذي تريده الآن هو مواجهة اخرى مع إسرائيل.
في النخبة الأمنية عندنا لا يعتبرون الموافقة على اقامة الميناء في غزة تهديدا – فهم يجدون في ذلك ميّزات كثيرة. هذا المشروع سيشغل الغزيين عشر سنوات وسيكونون معنيين بالحفاظ على الهدوء مع إسرائيل. لا تستطيع حماس ضمان عدم اطلاق أي صاروخ من غزة، لكنها تستطيع بالفعل فرض الهدوء النسبي كما كان في السنة الأخيرة.
هذا المشروع سيوفر لهم ما يمكن أن يخسرونه. عند الانتهاء من الميناء ستشدد إسرائيل على الترتيبات الأمنية والرقابة على تهريب السلاح. لكن ميناء في قلب البحر يبقى دائما قابلا للغرق من خلال فصله عن اليابسة خلال دقيقتين. في ظل غياب حل للصراع بيننا وبين الفلسطينيين في غزة، فانه مفروض علينا إدارة الصراع. الموافقة على اقامة الميناء ستمنحنا سنين طويلة من الهدوء وترفع عنا مسؤولية إطعام القطاع.
قبل سنة، عشية الحرب، تم اعتبار حكومة المصالحة بين فتح وحماس تهديد على إسرائيل. وفي هذا الأسبوع تبين أنها ستُحل نهائيا. هذه أنباء جيدة لإسرائيل. الفصل بين غزة والضفة الغربية يخدم إسرائيل، الحديث هنا عن نوعين من السكان يختلفان في الجوهر ويطالبان بمطالب سياسية مختلفة.
تدير إسرائيل صراعا عنيفا مع غزة منذ 67 سنة. ويمكن أن يواصل أبناؤنا وأحفادنا هذا الصراع. هناك من يتذكر وجودنا في "غوش قطيف" (التكتل الاستيطاني السابق في قطاع غزة- تحرير الترجمة) ولا يتذكر الثمن: 39 مواطنا إسرائيليا و87 جنديا قتلوا في غزة في السنوات الخمس، في أعقاب الانتفاضة الثانية حتى الانفصال (2000 – 2005). نحن نحب أن ننسى إلى أي حد كان هذا غير ممكن. الدفاع عن نتساريم المحاصرة والسفر في قوافل مثلما في لبنان من اجل الوصول إلى كفار دروم. كم كان هاذيا وضع جنود على الحزام الدقيق لخط فيلادلفيا، بينما يتم حفر مئات الانفاق تحتهم.
لقد ذهبت كثيرا إلى غزة في الانتفاضة الاولى والثانية. وكنت في أزقة الشاطئ وجباليا ودير البلح والنصيرات. واذا اعتقد أحد ما أن ارسال جنودنا إلى تلك المخيمات سيساهم في أمن إسرائيل، فليتحدث مع من خدموا هناك. ثمن السيطرة في غزة باهظ جدا من ناحية حياة الناس واستثمار المصادر العسكرية، هذا قبل التحدث عن الشرعية.
لم يخلُ الانفصال من الأخطاء، لكن هل يريد أحد بالفعل العودة والتضحية بـ 25 إسرائيليا كل سنة من اجل اقامة مستوطنة لثمانية آلاف شخص في قلب 1,8 ملايين فلسطيني؟ لم يسبق أن سيطرنا فعليا على القطاع، وآمل أن لا نضطر إلى ذلك.
الضفة الغربية توجد في مكان مختلف تماما. فالسكان يختلفون عن سكان غزة، وتوجد فيها طبقة متوسطة ومتعلمة أكثر وقوى ابداعية قادرة على أن تؤدي إلى النماء والتطور. وقد قام الجيش هذا الاسبوع بإجراء لعبة حرب تناولت سؤال تأثير ادانة إسرائيل من منظمة دولية. الجواب الحكيم لمن لعب دور الفلسطيني في اللعبة كان: لا يهمني العنف، المسار الدبلوماسي يخدمني أكثر.
لا يعمل الجيش الإسرائيلي فقط على فهم العدو، بل يعمل أيضا على فهم السياسة الجديدة للحكومة. ماذا يعني اسكان الكثير من الإسرائيليين خارج الكتل الاستيطانية، وفي البؤر المعزولة؟ وما هو الدفاع المطلوب من اجل توسيع المناطق القريبة من المدن الفلسطينية؟.
الجيش الإسرائيلي يحاول بصوت منخفض ومؤدب التوضيح للمسؤولين أن أي قرار كهذا له ثمن. الوضع القائم أصبح وراءنا. الانفصال عن غزة منح إسرائيل الاعتراف الامريكي بالكتل الاستيطانية الكبيرة في يهودا والسامرة. ولكن توسيع الاستيطان خارج الكتل سيكون له ثمن، وسيتم تقديم فاتورة الحساب لنا قريبا.