يوسف شاهين: هاملت اسكندراني دشن سينما الحرية والجنون والانعتاق

يوسف شاهين: هاملت اسكندراني دشن سينما الحرية والجنون والانعتاق
يوسف شاهين: هاملت اسكندراني دشن سينما الحرية والجنون والانعتاق

بيروت تحتفل بمخرج شاب على أعتاب ربيعه الثمانين

 

مريم نصر

عمّان – بمناسبة مرور ثمانين عاما على ميلاده كرمت بيروت المخرج يوسف شاهين الذي سلمته الفنانة نضال الأشقر مفتاح مدينة بيروت، فعقب يوسف شاهين:

"دا المفتاح يمكن افتح بيه البنوك، اي بنك في المدينة أخش وافتحه، الله يخليك وكل اللي اجو يحتفلوا بيّ". وفي المسرح الذي حضر وقائع تكريم شاهين عدد من الفنانين والمثقفين اللبنانيين تليت كلمات وصفت شاهين بـ"هاملت الاسكندراني الذي بنى عالمه السينمائي حول معادلة(اكون او لا اكون)".

وقالت الأشقر التي تناولت بلغة شاعرية دفاقة بالذكريات أهم المحطات في تجربة شاهين: "سكوت.. حنكرم يوسف شاهين

إذا قلنا المدينة المشرّعة

نقول الاسكندرية..

وإذا قلنا الاسكندرية،

نقول مكتبتها ومنارتها.

وإذا قلنا منارتها

نقول.... يوسف شاهين

وإذا قلنا يوسف شاهين

نقول مصر الإبداع

وإذا قلنا الإبداع

نقول سينما الحرية والجنون والفنون والانعتاق

سينما يوسف شاهين

عملاق أنتَ يا يوسف شاهين".

وأضافت الأشقر، وفق صحيفة(المستقبل) اللبنانية، مخاطبة شاهين"تحدّيت وتتحدّى كل ما هو تقليدي وبائد ومتعصّب، كل ما هو عنصري ومتخلّف، تتحدّى كل القوالب، حتى تكسرها، ثم تنثرها في أفلامك براعم للمستقبل المبدع الخلاق.

أنتَ ابن الاسكندرية عروس البحر المتوسط. أنت ابن المكان المفتوح على الآفاق والحضارات والثقافات والاحتمالات، أنتَ ابن المدينة التي جسّدت عبر التاريخ التناغم بين الأعراق والأديان في حوار مع الآخر.. لا ينقطع..

ليست صدفة ان تحتفل بيروت بك ومسرح المدينة بثمانينك البهية المشرقة..

أنتَ أيها العبقري تشبه بيروت بحيويتها ومقاومتها وجنونها وكسرها المحرمات، وتخطيها المحن والمؤامرات".

ويعد شاهين من أكبر صنّاع الأفلام في تاريخ السينما المصرية والعربية وأهم مخرجيها، فأفلامه تثير أصداء كثيرة من الجدل. ورغم الثمانين الا أنه يواصل عمله بكل حيوية ونشاط فهو يستعد حاليا لتصوير فيلمه الجديد "هي فوضى" الذي كتبه بمشاركة ناصر عبد الرحمن ورشح لبطولته منة شلبي وخالد صالح، ومن المنتظر أن يعمل معظم تلاميذ شاهين مساعدين له في هذا الفيلم رغم أنهم استقلوا بأنفسهم منذ فترة وعلى رأسهم خالد يوسف ويسري نصر الله ومنال الصيفي، تقديراً لأستاذهم الكبير.

ولد المخرج يوسف جبريل شاهين بمدينة الاسكندرية في العام 1926 وبدأ دراسته في مدرسة سان مارك، لينتقل بعدها الى الكلية الإنجليزية ويحصل على الشهادة المدرسية الثانوية. ثم انتقل شاهين الى الولايات المتحدة وأمضى عامين في معهد باسادينا المسرحي يدرس صناعة الأفلام والفنون الدرامية.

وكان لالتقاء شاهين مع المصور السينمائي الفيس اورفانيلي نقطة التحول في مسيرته الفنية فهو الذي ساعده بالدخول الى عالم صناعة الافلام. أخرج يوسف شاهين خلال مسيرته الفنية 37 فيلما، ففي العام 1950 صنع شاهين فيلمه الاول"بابا أمين" ثم توالت أعماله الناجحة واحدا تلو الآخر، ومن أبرزها "الناصر صلاح الدين" وثلاثية سيرته الذاتية "إسكندرية ليه" و"حدوتة مصرية" و"إسكندرية كمان وكمان". في العام 1970 حصل شاهين على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاج.

وفي العام 1978 حصل على جائزة الدب الفضي في برلين عن فيلمه إسكندرية... ليه؟ وهو الفيلم الأول من أربعة تروى عن حياته الشخصية، الأفلام الثلاثة الأخرى هي: حدوتة مصرية (1982)، إسكندرية كمان وكمان (1990) و- إسكندرية-نيويورك (2004).

في العام نفسه بدأ شاهين بكتابة "المهاجر" القصة المستوحاة من الشخصية التوراتية يوسف ابن يعقوب التي تمنى دائما صنع هذا العمل وقد تحققت أمنيته في 1994.

في 1997، وبعد 46 عاما و5 دعوات سابقة، حصل شاهين على جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان في عيده ال50 عن فيلمه المصير

(1997).

ويعرف عن شاهين بأنه ينقل الى أفلامه وشخصيات اعماله نبض الشارع المصري وواقعه وهو يحضر الآن للبدء بتصوير فيلم جديد بعنوان

 "هي فوضى".

تدور قصة الفيلم حول أحد القصور القديمة التي يتم تحويلها إلى قسم للشرطة، ويتناول من خلال الأحداث أحوال المجتمع المصري من خلال (أمين شرطة) الذي يتعامل مع جميع طبقات المجتمع حيث لا نظام ولا حقوق ولا واجبات بل فوضى كبيرة تنتزع من كل الأشياء معانيها وتتجلى أكثر مما تتجلى في قسم الشرطة.

وقد وقع اختيار يوسف شاهين على الفنان خالد صالح لتجسيد شخصية أمين الشرطة التي ستعد أول بطولة مطلقة له، فيما ستجسد منة شلبي دور البطولة النسائية.

وألقى المخرج السينمائي جان شمعون كلمة السينمائيين اللبنانيين في الاحتفال قال فيها إن شاهين"امتاز بأسلوبه الواقعي، ونهايات افلامه المعبّرة عن الاستمرارية في الصراع المفتوح بين الانسان والمعوقات الاجتماعية والسياسية التي ينصبها المجتمع امامه.

تتجذر أصالة وشفافية يوسف شاهين الانسان والسينمائي الفنان، بهواجسه واحلامه، من طموحات التحرر الوطني الى الاستقلال الذاتي.

حاول ان ينوّع ويغني في اتجاهاته السينمائية، مع الحفاظ على اسلوبه".

وأضاف شمعون أن "يوسف شاهين انسان يعرف تماماً كيف يرى ويستمع الى نبضات ورؤية من حوله. وكيف يريد ان يعبر عن احاسيسه من خلال اسلوبه السينمائي، ويعرف تماماً كيف ينتقل من عمل الى آخر ومن مرحلة الى اخرى في تاريخ مجتمعه، بأسلوب سينمائي خاص ومميز.

يوسف شاهين علامة فارقة وشخصية سينمائية تعرف جيداً كيف تعبر وكيف تفرض وجودها السينمائي عربياً وعالمياً".

وأصبح شاهين مؤسس وصاحب مدرسة سينمائية، وبخاصة على الصعيدين العربي والعالمي وأسس شركة لإنتاج الأفلام هي شركة "مصر العالمية" للأفلام، وبعيدا عن الفن فإن ليوسف شاهين دورا اجتماعيا بارزا، فهو يتولى حاليا الدفاع عن الفلاحين المهددين بمصادرة أراضيهم في جزيرة الذهب جنوب القاهرة، وحول ذلك يؤكد شاهين عزمه تصوير فيلم يندد"بجميع الذين يسمحون برمي الناس خارج منازلهم"  سواء أحببت ما يقدمه أم لم تحبه، تفهمته أو لم تفهمه؛ فإنك لا تملك إلا تقدير فنه.

وتخلل الحفل لحظات حلوة وطيبة ورقيقة عبرت عن مشاعر الحب ليوسف شاهين بصوت قوي لعبد الكريم الشعار في اغنية "اي شيء في العيد أهدي اليك يا ملاكي" والميجانا والعتابا. وتقاطع صوته مع الصوت الميجانا والاغنية الميلادية بصوت الشحرورة صباح. وكان مسك الختام "سنة حلوة يوسف شاهين" مع ماجدة الرومي على المسرح الكبير في ألقها الودي الرصين.

اضافة اعلان