يوم التضامن مع القرآن الكريم

اليوم السابع والعشرون من ايار يوم عالمي دعت اليه فئات واسعة من المسلمين في ارجاء العالم تضامنا مع القرآن الكريم، في مواجهة محاولات الاساءة اليه، وبخاصة في القصة التي لم يزد نفيها والتردد فيها الا تثبيتا لها، والخاصة بما جرى في معتقل غوانتانامو الاميركي من اساءة للقرآن وتدنيسه في دورات المياه.

اضافة اعلان

والتضامن سيترجم في دول وعواصم كثيرة، بمسيرات شعبية، تهتف بقداسة القرآن الكريم، وتندد بأي اجراء او ممارسة تسيء الى هذا الكتاب المقدس، الذي يمثل المرجعية لكل المسلمين في العالم، في قاراته المختلفة.

والتضامن اليوم عنوان سياسي لموقف تجاه سياسة الولايات المتحدة، التي استطاعت ان تكسب عداء متزايدا لها ولسياساتها بين شعوب العالمين العربي والاسلامي، بل ولدى كل الشعوب المستضعفة، التي ذاقت البؤس والظلم على نتيجة سياسات الولايات المتحدة، او شاهدت اثارها وسوءها على شعوب اخرى. وهذا العداء المتزايد اصبح احد هواجس الادارة الاميركية، التي تبحث عن وسائل لتحسين صورتها، لكنها تنسى ان اول خطوات تحسين الصورة وتبديد الكراهية ان تتوقف اسبابها وتزول مصادرها، وهذا لا يتوفر حتى الان في سياسات اميركا في فلسطين والعراق، وادارة ملفات حقوق الانسان في البلدين. حتى ان كرزاي، رئيس افغانستان، يبدي احتجاجا على انتهاك حقوق الانسان في السجون الاميركية المقامة للافغانيين في بلادهم!

ورغم ان قضية الاساءة للقرآن تمت متابعتها بنفي من المجلة الاميركية التي نشرت الخبر، الا ان النفي لم يكن قاطعا، فهو تحدث عن غياب الادلة، لكن مصدر الخبر، وهو مسؤول اميركي لم يذكر اسمه، ومصادر اخرى لم تنف ما قالته. بل ان ما تبع نفي المجلة، من انباء تؤكد، يشير الى ان الامر ممكن جدا. ومن الواضح ان المسلمين لم يصدقوا محاولات النفي. وما لدى الناس من موقف سلبي من السياسات الاميركية، وما تمارسه من احتلال؛ بكل ما يعنيه من قتل ونهب للمقدرات ومصادر للسيادة، كل هذا يجعل النفي عبثا. فالتضامن اليوم ليس مع القرآن الكريم، بما تعرض له من اساءة، وانما تضامن مع حالة الضعف والهوان التي تذوقها شعوب عربية ومسلمة من السياسات الاميركية، التي اتسعت دائرتها الى ساحات عالمية كثيرة، بما في ذلك التهديد والوعيد بعصا الاصلاح والديمقراطية!

لغة الخطاب الاميركي، القائمة على العنجهية والاوامر العسكرية للدول، كفيلة ليس فقط بزيادة العداء لسياساتها، بل وبتحويل هذه الكراهية الى حقد. فقبل ايام قليلة عززت اميركا خطابها التصعيدي ضد دول وشعوب العرب، عندما "امرت" وزيرة الخارجية، رايس، الدول العربية بوقف حالة التحريض ضد اسرائيل في العالم العربي، وطالبت الدول بتطبيع العلاقات مع اسرائيل. وتصدر هذه التعليمات من اجتماعات منظمة يهودية-اميركية، دون ان تطالب، ولو نظريا، اسرائيل بوقف عدوانها.

مشكلة اميركا مع الشعوب العربية والاسلامية لن تحل بإجبار الانظمة على اجراء انتخابات، او ما يسمى بالاصلاح السياسي، فأميركا تعلم ان الديمقراطية الحقيقية ستجلب للسلطة في عالم العرب من يعادون سياستها، لكنها تريد عمليات سياسية تمارس من شكليات الديمقراطية ما يعطي للنخب المؤمنة بالمشروع الاميركي فرص الوصول الى السلطة، وهذا سيعمق مأزق اميركا وخياراتها. وربما يأتي يوم تحتاج فيه اميركا إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع سياساتها ونخبها، عندما تصبح هذه المجموعات والسياسات حالات معزولة امام مواقف الشعوب وعامة الناس.