آثار مهربة عالقة في جامعة اليرموك

07
07

محمود الطراونة

عمان- ما تزال قطع أثرية مهمة عالقة في متحف جامعة اليرموك، بعد أن أدخلت إليه على سبيل الإعارة لفترة محدودة من قبل أحد الأشخاص لخمسة أعوام، كان أحضرها من دولة عربية مجاورة، فيما يعتقد بأنها أدخلت بطريقة "غير مشروعة".اضافة اعلان
يأتي ذلك في وقت تتركز فيه علامات الاستفهام حول كيف وافقت الجامعة، بداية، على قبول قطع أثرية مجهولة الهوية على وجه الإعارة وبدون موافقة حكومية؟، وهل يمكن للجامعة تسليمها دون موافقة رسمية من الدائرة المختصة وهي دائرة الآثار العامة؟.
ويشير النائب منصور مراد، الذي كشف عن ملابسات القضية، الى "مخاطبة رئيس الوزراء عمر الرزاز لوقف عملية نقلها وعبورها الى دولة اخرى والتحقيق في كيفية دخولها الى الاردن وعدم امتلاكها لشهادات منشأ حسب الأصول"، قائلا إن "الرئيس أوقف العمل بالموضوع الى حين التأكد من صحة الاجراءات وقانونيتها".
رئيس جامعة اليرموك الدكتور زيدان كفافي قال، في تصريح لـ"الغد"، ان القطع الأثرية "ما تزال موجودة في متحف الجامعة، التي لن تسلمها الى الشخص (المعير)، إلا بموافقة خطية من دائرة الآثار العامة، والتي رفضت بدورها تسليم الشخص القطع الأثرية".
وفيما أكد كفافي "التزام جامعته ببنود الاتفاقية، الموقعة مع الشخص (المعير)، غير انها محكومة بالقوانين والانظمة التي تسّير عملها".
ويكمن الخلاف بأن القطع الاثرية الموجودة بمتحف "آثار اليرموك" بلا رقم وطني، أي انها غير مسجلة أصوليا بـ"الآثار"، في حين يطالب الشخص "المعير"، المتحف بتلك القطع التي كان قدمها على سبيل الإعارة، وهو الأمر الذي يبدو أن إدارة المتحف والجامعة متفهمة له ولا توجد لديهما أي مشكلة في عملية التسليم.
ووفقا لخبير في مجال الآثار، طلب عدم نشر اسمه، "ان الاعارة تتم بين مؤسسات ومتاحف وجامعات لها صفة قانونية ولديها أيضا شهادات واعتراف دولي بامتلاكها للآثار"، مستغربا من "إعارة آثار من قبل شخص لا يُعرف كيف وصلت الآثار اليه، وهل هي من الاردن أم من خارجه وهي مخالفة صريحة للقوانين والانظمة".
وقال إن "على هذا الشخص إثبات كيف دخلت هذه الآثار إلى المملكة، وأن يبرز شهادة منشأ تثبت شرعية امتلاكه لها"، مضيفا "لا نعرف ما اذا حصل المتحف حينها على موافقة رئيس الوزراء و"الآثار"، قبل توقيع اتفاقية الإعارة".
واللافت ان "الشخص الذي كان يحوز القطع الاثرية يود اخراجها خارج البلاد" وفقا لمعلومات كشف عنها النائب مراد، وأن "سيدة خليجية اطلعت على القطع خلال زيارة لجامعة اليرموك وطلبت شراءها بمبلغ وصل الى 4 ملايين دينار".
واضاف مراد، انه خاطب رئيس الوزراء عمر الرزاز برسالة أكد فيها "عدم مشروعية نقل آثار تعود لدولة عربية مجاورة تم ادخالها بطريقة غير مشروعة، وكذلك عدم مشروعية اعارتها لجامعة رسمية بهدف إكسابها الشرعية ومن ثم بيعها ونقلها الى دولة أخرى"، مستهجنا الفتوى التي قدمها ديوان التشريع والرأي بـ "السماح للمواطن باستعادتها دون وجود شهادات منشأ او موافقات من الدولة التي نقلت منها".
وقال "لا نعرف كيف وافقت الحكومة لشخص يحوز قطعا اثرية غير معلومة المنشأ واعارتها واعادة حيازتها، ومن ثم نقلها الى خارج حدود المملكة".
وفي التفاصيل، وحسب المخاطبات والكتب الرسمية؛ فقد قام شخص بـ"إعارة متحف جامعة اليرموك قطعا أثرية بعد توقيع اتفاقية إعارة مع ادارة الجامعة، وهي آثار ذات مصدر ومنشأ غير اردني، ودون معرفة كيفية دخولها للأردن وتمت اعارتها بشكل مباشر الى متحف "آثار اليرموك"، أما الاتفاقية الموقعة بين الجامعة والشخص ومدتها خمسة أعوام فلم تحصل على موافقة رئيس الوزراء ولا دائرة الآثار العامة"، وفقا لمعلومات أكدها مراد.
من جهتها، خاطبت جامعة اليرموك، "الآثار" للحصول على موافقتها لتسليم القطع الأثرية لذلك الشخص، والسماح له بنقلها الى خارج البلاد، الا ان مدير "الآثار" بالوكالة يزيد عليان أكد، في كتاب بتاريخ الاول من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ردّا على كتاب رئيس جامعة اليرموك، المتضمن طلب (مالك الآثار) استرداد القطع الموجودة في متحف الجامعة، "وجود اشكالية بموضوع حركة هذه القطع الأثرية وقانون الآثار الأردني والاتفاقيات الدولية"، طالبا "إبقاء الوضع على ما هو عليه وعدم اتخاذ أي اجراءات لحين توفر أي بينات تتوافق والتشريعات المتعلقة بمثل هذه القضية، وضرورة وجود شهادات منشأ لكلّ قطعة من هذه القطع".
وفي المقابل، أبدى كفافي في كتاب بتاريخ 12 من الشهر نفسه "جاهزية الجامعة لتسليم القطع إلى الشخص، شريطة موافقة دائرة الآثار العامة وتسمية مندوب من الدائرة حسب الأصول، وحسبما يقتضيه قانون الآثار العامة المعمول به في الأردن"، إلا أن عليان وفي ردّه على الجامعة، أكد في كتاب جديد بتاريخ 19 الشهر نفسه على مضمون كتابه السابق "إبقاء الوضع على ما هو عليه وعدم اتخاذ أي إجراءات لحين ايجاد صيغة للتعامل مع هذا الموضوع".
وقال عليان إن "الموضوع يتعلق بمواد قانون الآثار رقم 21 لسنة 1988 وتعديلاته والتي تختص بمثل هذه الحالة، وأن هناك اجراءات يجب اتباعها قبل اتخاذ أي قرارات بهذا الشأن".
وفي الـ28 من كانون الثاني (يناير) الماضي، أرسل عليان كتابا آخر الى كفافي، استنادا إلى كتاب لرئيس الوزراء بتاريخ 24 من الشهر نفسه، والمعطوف على كتاب رئيس ديوان التشريع والرأي بتاريخ 16 من الشهر ذاته، قال فيه "لا مانع من تسليم (المعير) القطع الأثرية المعارة من قبله بموجب الاتفاقية المبرمة معه، مع عدم وجود أي مانع قانوني بإخراج هذه القطع إلى خارج حدود المملكة، وبحضور مندوبين عن الدائرة".
الا أن النائب مراد أكد "أنه خاطب رئيس الوزراء مجددا حول القضية، حيث قرر الأخير تجميد كل الإجراءات المتعلقة بعملية تسليم الآثار، وهو الأمر القائم حتى تاريخه".
"الغد" حاولت الاتصال بعليان للحصول على تعليق رسمي حول القضية، الا ان هاتفه لا يجيب رغم المحاولات المتكررة للاتصال، فيما يؤكد النائب مراد ان بنود الاتفاقية "كانت تحتاج الى تفسير وتم ارسالها الى ديوان الرأي والتشريع للحصول على رأي قانوني رسمي (وهو غير ملزم)".
وتمنع بنود قانون الآثار ساري المفعول "مرور أو امتلاك قطع اثرية الا بوجود شهادة منشأ من الدولة التي احضرت منها القطع الاثرية وموافقتها على إخراجها وغير ذلك يتم مصادرتها، وأي قطعة يتم العثور عليها حديثا يجب أن تسلم للدولة".
كما تنصّ المادة الخامسة في الفقرة (أ) من القانون نفسه على أنه "تنحصر في الدولة ملكية الآثار غير المنقولة، ولا يجوز لأي جهة أخرى تملّك هذه الآثار بأي وسيلة من وسائل التملك، أو دفع حقّ الدولة في ذلك التملك بالتقادم أو غيره من الدفوع"، فيما تؤكد الفقرة (ب) أن "ملكية الآثار المنقولة وحيازتها والتصرف بها خاضعة لأحكام هذا القانون".
أما الفقرة (ج) من المادة الخامسة فتقول إنه "يحقّ للهواة بموافقة الدائرة تملّك الآثار أو جمعها من خارج المملكة بهدف الاقتناء إذا أجازت ذلك تشريعات بلد المنشأ، شريطة تبليغ المراكز الجمركية في الحدود عند ادخالها إلى المملكة لتقوم بدورها بتسليمها إلى الدائرة بواسطة أحد موظفي الجمارك وبحضور صاحب العلاقة لتسجيلها وتوثيقها حسب الأصول القانونية خلال سبعة أيام من تاريخ تسلمها لها"، وتؤكد الفقرة (ز) من المادة الخامسة على أنه "لا يجوز ادخال أي أثر منقول إلى المملكة بقصد تصديره سواء برفقة شخص أو عن طريق الترانزيت ما لم يثبت خطيا أن حيازته لهذا الأثر مشروعة".