آدم ابن السنين الثلاث ضد دولة إسرائيل

figuur-i
figuur-i

هآرتس

بقلم: تانيا هاري

اضافة اعلان

آدم حمو كان فقط عمره ثلاث سنوات ونصف عندما تم تقديم التماس باسمه في المحكمة العليا. في الالتماس طلب من المحكمة السماح له بالانتقال من قطاع غزة الى الضفة الغربية مع والدته واخوته الاربعة. والدته واخوته مسجلون في سجل السكان الفلسطيني الذي تتحكم به إسرائيل كـ "سكان الضفة الغربية". وحسب معايير إسرائيل بالنسبة للانتقال، هم يحق لهم طلب الذهاب الى الضفة الغربية، لكن آدم كان مسجل كـ "مواطن غزي".
53 سنة من الاحتلال، 27 سنة منذ اتفاق اوسلو و15 سنة منذ الانفصال عن غزة، وإسرائيل ما زالت تتولى القوة الحصرية للتقرير من الذي يعتبر من سكان غزة ومن الذي يعتبر من سكان الضفة. سكان غزة ما زالوا بحاجة الى مصادقة إسرائيل من اجل الاقامة في الضفة. وبدون هذه المصادقة هم يعتبرون "ماكثين غير قانونيين" هناك، حتى الأطفال في جيل الثلاث سنوات.
السيطرة المتواصلة لإسرائيل على سجل السكان الفلسطيني والسيطرة على الحركة تمنحها القوة لتقرر مصير ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة والقطاع، في جميع المجالات، بدء من المجالات الصغيرة جدا وحتى المجالات الكبيرة جدا. القدرة على الحركة تؤثر على جميع المجالات: من الذي مسموح لنا أن نحبه، وأين سنسكن، وأي السلع ستصل الى رفوف البقالات المحلية، وأي المشاريع ستزدهر. معظم العالم المحجوز بسبب الوباء يعرف ذلك الآن بصورة ملموسة اكثر. سواء تحول الضم الواقعي في الضفة الى ضم قانوني، أو تم تبني خطة ترامب، فان سيطرة إسرائيل ستستمر في الوجود على حركة الفلسطينيين.
في العقدين الاخيرين بالاساس استخدمت إسرائيل هذا التحكم من اجل عزل غزة وفصلها عن الضفة. وفي السنوات الاخيرة اطلق اسم على هذه السياسة وهو "سياسة التفريق". وبدون اعطاء أي تفسير رسمي لها وبدون نشر اهدافها، فان ممثلي الدولة يدافعون عنها بحماسة في المحاكم مرة تلو الاخرى، مثلما في حالة الطفل آدم. ذريعة الأمن الكاسحة والمؤيدة لتقليص العلاقات والحركة بين المناطق الفلسطينية لمنع "نقل بنى تحتية مقاومة" يتم افراغها من المضمون عندما يكون مقدم الالتماس هو طفل عمره ثلاث سنوات وعندما يدور الحديث عن منع ارسال الكعك من غزة الى الضفة.
قصة آدم تشبه قصص كثيرة اخرى تتعلق بالنزاع، تفاصيلها غير منطقية تماما الى درجة أنه يصعب التصديق بأي قدر حالته نموذجية. والدة آدم، كوثر، هي في الأصل من الضفة، انتقلت الى غزة في العام 2000 في اعقاب زواجها من أحد سكان القطاع. وفي العام 2012 نجحت في تسجيل اولادها كسكان في الضفة مثلها. وابنها الصغير، آدم، الذي ولد في 2013، رفضت إسرائيل تسجيله كأحد سكان الضفة، الامر الذي وضعها امام خيارين لا مناص منهما، إما تركه في القطاع، الامر الذي يمكنها من اعطاء اولادها الكبار فرصة حياة افضل في الضفة. وإما أن تتخلص من الفقر الشديد ومن العمليات العسكرية المتكررة. أو بدلا من ذلك، الحفاظ على وحدة العائلة في غزة.
هذا ما حصل. في العام 2017 اصبح آدم أحد اصغر الملتمسين في المحكمة العليا في إسرائيل. وبعد نضال قانوني استمر لأكثر من سنتين واهتمام أعضاء كنيست ورجال اعلام، وافقت إسرائيل أخيرا على السماح له بالانتقال إلى الضفة مع والدته واخوته قبل بضعة أسابيع من عيد ميلاده السادس.
الاحتلال مستمر منذ فترة طويلة جدا، الى درجة أن البيروقراطية التي اوجدها اصبح لها حياة ومنطق خاص بها. ومن يواصلون البحث عن مبررات أمنية سيجدون صعوبة في العثور عليها. فلن تجدوا أي مبرر أمني يمنع طفل ابن ثلاث سنوات من الانتقال من غزة الى الضفة الغربية. بل نظام يصمم على تقليص عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية. المطامع الجغرافية لإسرائيل في الضفة الغربية، أهدافها الآن واضحة أكثر من أي وقت مضى. المستوطنات لا تنتشر في الضفة لاحتياجات أمنية، بل لأن جزءا معينا من المجتمع، الذي لديه قوة غير متناسبة، يعتقد أنه يحق له السيطرة على البلاد بدون تداعيات وبدون التزامات تجاه الفلسطينيين الذين يعيشون إلى جانبهم بدون حقوق متساوية. المستوطنون وشركاؤهم لا يختبئون الآن وراء البقرة المقدسة للأمن، وهم يستثمرون الجهود في تثبيت حقائق مثل "فرق تسد" على الفلسطينيين لفترة غير محدودة من اجل استمرار الوضع الراهن الذي يعمل لصالحهم. وقد حان الوقت للاستيقاظ والفهم بأن عزل قطاع غزة والمعاناة غير المنتهية التي يخلقها، يتم تحريكهما في المقام الأول بسبب نفس الأهداف التي تتمثل بالسيطرة الجغرافية على الضفة، التي يجب انهاؤها.