آراء نقدية تعزو أسباب تأخر ولادة الرواية النسوية الفلسطينية للبنية التقليدية وكارثة النكبة

 في كتاب صدر أخيرا

 

عمان-الغد - ترى الباحثة د. حفيظة أحمد أن الرواية النسائية الفلسطينية تأخرت في الظهور كثيرا, مقارنة بالرواية النسائية في اقطار عربية اخرى, لأنها  نشأت متأخرة على يد "خليل بيدس" من خلال روايته "الوارث" التي نشرها في العام 1920.

اضافة اعلان

وتشير الباحثة في كتابها "بنية الخطاب في الرواية النسائية الفلسطينية" الصادر عن مركز أوغاريت الثقافي الى أن الرواية, في الاقطار العربية, لم تعرف في زمن واحد, بل في ازمان متباينة ومتباعدة نتيجة للظروف الاجتماعية والثقافية التي يعيشها كل قطر عربي.

وتبين الباحثة بأن ظهور الرواية في مصر, ولبنان, وسورية, قبل غيرها من بقية الاقطار العربية, "هو المسؤول عن اتجاه المرأة فيها الى المشاركة في كتابة الرواية التي مارسها الكتاب الرجال قبلها, ومن هنا, كانت البدايات الاولى للرواية النسائية العربية قد ظهرت على يد الكاتبات المصريات, واللبنانيات, والسوريات, من امثال عائشة التيمورية, وأليس بطرس البستاني, وزينب فواز, ولبيبة هاشم, ولبيبة ميخائيل صويا, وفريدة عطية, وجميلة العلايلي".

وتؤكد الباحثة ان الرواية النسائية العربية عرفت منذ عصر النهضة, في منتصف العقد الثاني لظهور الرواية في الادب العربي الحديث, في حين ان الرواية النسائية الفلسطينية تشكلت على مدى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين بظهور بعض النماذج التي تسمى رواية تجاوزا, وهي نصوص "صوت الملاجئ" لهدى حنا, و"فتاة النكبة" لمريم مشعل, و"سيناء بلا حدود" لسميرة عزام.

وتتطرق الباحثة الى الوضع الثقافي الذي افرز جيل رائدات الرواية الفلسطينية, واثر في كتاباتهن الروائية, بمرحلة ما بعد النكبة الكبرى التي احدثت تغييرا اقتصاديا واجتماعيا قسريا في المجتمع الفلسطيني لافتة الى ان هذا الوضع  "كان له الدور الاول في الاتجاه المتزايد نحو تعليم المرأة ودخولها ميدان العمل, ما اسهم في تصدع البنيات التقليدية, الذهنية منها والسلوكية للمجتمع الفلسطيني, باعتبار ما نجم عن كل من التعليم والعمل من تحول في وضع المرأة وما تنجزه من ادوار داخل المجتمع, بالاضافة الى ان كارثة النكبة عمقت احساس المرأة ووعيها بالوطن ومأساته, وخلقت معها روح المقاومة والتضحية والمشاركة في الاحزاب السياسية والتنظيمات الثورية".

وتقول الباحثة ان الرواية النسائية الفلسطينية تعد حديثة العهد ضمن تقاليد الكتابة الادبية التي تمارسها الكاتبة الفلسطينية, في حين اتجهت الكاتبة الفلسطينية الى كتابة القصة القصيرة, والقصيدة منذ الثلاثينيات من القرن العشرين, كما كتبت مبكرة في اجناس ادبية اخرى مثل المقالة.

وترى الباحثة أن السبب في ذلك يعود, في الاساس, الى طبيعة الرواية كعمل ادبي, فالرواية "لا تكتفي بانتقاء اللحظة او الحدث لرصدهما والتعبير عنهما, كما في القصة او القصيدة, بل ان الرواية بحاجة الى رصد مجمل التغيرات ثم التعبير عنها, وهذا, بالطبع يتطلب الى جانب الموهبة, والتعليم, والدربة والمران, تفرغا, واستقرارا , وتجربة حياتية غنية, قد لا تتطلبها كتابة القصة او القصيدة".

وتلفت الباحثة الى أن الكاتبة الفلسطينية تعاني من شرطين: اولهما: الشرط الانثوي الخاص بالكاتبات عامة اللاتي غالبا ما تتوزعهن مهام متعددة خاصة منها الالتزام الاسري الذي قد يؤدي الى الانقطاع او تعثر الاستمرارية في الكتابة, وبالتالي يحد من كتابة الرواية الطويلة, وثانيهما: الشرط التاريخي الخاص الذي عرفته فلسطين, الذي ادى الى احتلالها وتشريد ابنائها في المنافي والمخيمات والشتات, وهي اماكن لا تهيئ لكتابة روائية طويلة, وهذا ما يزيد من الحد من امكانات المبدع "رجلا وامرأة" ويحول دون تفجير طاقاته الابداعية".

وتشير الباحثة الى ان مرت الرواية النسائية الفلسطينية بثلاث مراحل زمنية: هي الريادة "البدايات" في منتصف الخمسينيات والستينيات. ومرحلة التأسيس في فترة السبعينيات. ومرحلة التكوين والنضج في فترة الثمانينات والتسعينيات معتبرة المراحل الثلاث ليست منفصلة تماما بل متداخلة, وقد ارتبطت الرواية النسائية الفلسطينية منذ نشأتها بالحركة النسائية, وهي جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية, فالحركة النسائية والرواية النسائية تتأثران بتصاعد الحركة الوطنية وتراجعها, فمنذ انطلاقة الحركة النسائية في بداية العشرينات وحتى بعد قيام اتحاد المرأة الفلسطينية, بوصفه قاعدة من قواعد التنظيم في منظمة التحرير الفلسطينية, في العام 1965 والرسالة الاولى للحركة النسائية تحددت في مناقشة القضايا الوطنية.

وتعود الباحثة الى اختلاف الباحثين حول الرواية النسائية الفلسطينية الرائدة وتقول "رأى كمال فحماوي ان "صوت الملاجئ" هي اول محاولة روائية نسائية فلسطينية, أمان ايمان القاضي فذهبت الى ان "فتاة النكبة" هي الرواية النسائية الفلسطينية الرائدة, في حين ان وليد ابوبكر ذكر ان "سيناء بلا حدود" هي المحاولة النسائية الفلسطينية الاولى في تجربة الفن الروائي.

وتضيف الباحثة " اختلف الباحثون, ايضا حول تاريخ صدور تلك الروايات ونشرها, فقد حدد نزيه ابونضال العام 1957 زمنا لصدور "صوت الملاجئ" في حين لم يحدد كمال الفحماوي زمن صدور هذه الرواية, غير انه اشار الى انها من نتاج فترة الخمسينيات, استنادا الى ما جاء, في مقدمة الرواية,  اللجوء, وقد جاء في الطبعة الثانية للرواية الصادرة في العام 2000 عن الدار الوطنية ودار الاوائل في دمشق ان اول اصدار للرواية كان في العام 1951  ورأى محمد ابوصوفة انها صدرت في العام 1958.