أبو داود وأسرته يفطرون متأخرين بانتظار بقايا طعام الجيران

حنان الكسواني – بحزن شديد يعبر الخمسيني أبو داود عن ابتلائه بمرض عضال نال من جسده، أقعده عن العمل منذ 5 أعوام، شاكيا بعبارات يخنقها الحزن: “والله الخبز الناشف ببلله بمي وباكله أنا وأولادي في رمضان”.

يحدث كل ذلك في حي الكرامة بمخيم البقعة في محافظة البلقاء، حيث تنطلق تنهدات عميقة من بيت فؤاد أبو داود مخترقة عنان السماء، مستنجدا “برب العباد قبل العباد بأن يفك كربه” على حد تعبيره. ولا يتجاوز ما يتقاضاه أبو داود من صندوق المعونة الوطنية، مبلغ 45 دينارا شهريا، لا يمكنه من شراء قوت أسرته المكونة من ستة أفراد ينتظرون بفارغ الصبر ما يجود عليهم به الآخرون. ومن واقع دعواته بأن يتحسن وضعه المعيشي، باتت أمنيته أن يلاقي “وجه ربه الكريم” لعله ينهي فصول مأساة عاشها منذ أن تكالب عليه المرض والفقر والجوع. أما الرطوبة فتعشعش على جدران غرف منزله، ومناهل الصرف الصحي تفيض باستمرار، تاركة وراءها روائح كريهة في كل مكان بدلا من رائحة الطعام التي تغيب عن مائدتهم لعدة أيام، وفق قوله لـ”الغد. وفي إحدى الزوايا يجثم كيس أسود يحتوي تقارير أبو داود الطبية المتراكمة له ولزوجته وابنه البكر، فيما يشير أحدث تقرير صدر الشهر الماضي، إلى أن “المريض يعاني من ارتفاع ضغط الدم، وتسارع في ضربات القلب، وارتفاع في سكري الدم أيضا مما يؤثر على العيون، بالإضافة الى التهاب في المفاصل… وهو بحاجة الى المساعدة من قبل الآخرين”. أما الطقوس الرمضانية فقد ضلت طريقها إلى بيت أبو داود، حيث فتات الطعام في الفطور والسحور، ويقول: “يا ريت نفطر مع الناس وقت آذان المغرب، كل يوم نستنى ما يفيض من أكل الجيران، وأحيانا يرسلون لنا من طعامهم الطازج، الرحمة ما تزال في قلوب الناس بخاصة في رمضان”. ووسط غياب أي مظهر من مظاهر الحياة عن منزل ابو داود، تحسب البيت وأنت في داخله كأنه كهف مهجور بلا أدوات كهربائية، علما بأن إيجاره الشهري 85 دينارا، وحتى ثلاجتة التي تبرع بها فاعل خير قبل عامين، استولى عليها صاحب البيت لاسترداد جزء من ديونه المتراكمة على أبو داود. كما يضطر أبو داود إلى الاستعانة بجيرانه كلما احتاج إلى تخزين ادويته في ثلاجاتهم، ولا يقتصر الوضع على ذلك بل بات يتهرب من صاحب البقالة مع تراكم ديونه، إلا اذا تحقق حلمه بـ”كشك صغير” أو “بسطة خضار” أو حتى “بسطة أدوات منزلية” في مخيم البقعة، يعتاش وأسرته منها. وما تزال أسرة أبو داود تنتظر من يبث الأمل في نفوسها، ويحقق أحلامها بـ”كسرة خبز وطرد خير”، قبل ان ينتهي الشهر الفضيل، وإلا فإنها مضطرة للانتظار إلى رمضان المقبل لعل وعسى أن تتحقق أمنيتها من جمعيات خيرية وأصحاب أياد بيضاء.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان