أبو رمان وأبو هنية يوقعان كتابهما "تنظيم الدولة الإسلامية"

المشاركون في حفل إطلاق كتاب الزميلين الدكتور محمد أبو رمان وحسن أبو هنية "تنظيم الدولة الإسلامية" أمس.-(تصوير: محمد مغايضة)
المشاركون في حفل إطلاق كتاب الزميلين الدكتور محمد أبو رمان وحسن أبو هنية "تنظيم الدولة الإسلامية" أمس.-(تصوير: محمد مغايضة)

عمان -الغد - بحضور حشد من السياسيين والإعلاميين والباحثين، وقع أمس الزميلان الدكتور محمد أبو رمان وحسن ابو هنية كتابهما "تنظيم الدولة الإسلامية: الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية"، الذي صدر عن مؤسسة فريدريش أيبرت الألمانية في عمان.اضافة اعلان
وقدم للكتاب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر والكاتب والباحث السعودي والمهتم بالفكر السياسي والحركات الإسلامية مدير الشبكة العربية للأبحاث والنشر نواف القديمي.
ويعتبر الكتاب، محاولة لمناقشة ونقد المقاربات الاستشراقية والثقافوية في فهم صعود الجهادية العالمية عموما، وتنظيم الدولة الإسلامية خصوصا، وذلك من خلال الكشف عن الأسباب والشروط والظروف الموضوعية التي أدت إلى تنامي الظاهرة، باعتبارها نتاجا طبيعيا للسياسات الدولية والإقليمية من جهة، والدكتاتورية، التي اعتمدت منطقا طائفياً هوياتيا من جهة أخرى.
من جهته اعتبر نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر خلال تقديمه بأن كتاب الزميلين ابو رمان وابو هنية، هو من أهم الكتب التي تحدثت عن تطور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة وعلاقتهما بتنظيم القاعدة.
وأكد المعشر في كلمته بالحفل على أن أهمية الكتاب تنبع من منهجية "التوثيق غير المسبوقة، والتي اتبعها الكاتبان"، مضيفا أن "الكتاب وإن اعتمد على مصادر توثيقية مهمة، فإنه استقى معلوماته من مصادر متنوعة".
ولفت الى أهمية الكتاب من ناحية عرضه للفوارق العامة بين ما بات يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة، وعلاقة كل منهما بتنظيم القاعدة، وشرحه لجوانب مهمة حول تطوير البنية العسكرية والمالية والأمنية والاقتصادية، ومراحل التطور الذي مر فيها فكر التنظيمين وأطرهما.
وأضاف المعشر أن "الكتاب خصص في جانب مهم وصفا لحالة تطور التنظيم وأسباب ذلك التطور، وصولا لاقتراح معالجات لمواجهته فكريا وثقافيا، بعد التعرف على الثوابت والمرجعيات التي نشأ عبرها فكر التنظيمين، سواء "داعش" أو "النصرة".
وركز في كلمته على أسباب توسع وانتشار التنظيم لأسباب تتعلق بالأزمة السياسية داخل السنة، وبسبب الأزمة السلطوية لدى الأنظمة العربية.
وأكد على أن الكتاب "لم يتحدث بشكل طائفي عن فشل الدولة القطرية في الدمج السياسي لجميع مكوناتها". مشيرا إلى أن عدم إشراك كافة مكونات المجتمع في العملية السياسية والديمقراطية، يؤدي الى تطور النماذج المتطرفة.
ونوه الى أن انهيار الدولة القطرية، تسبب في حالة صعود للمليشيات ذات الطابع الطائفي.
وشدد المعشر على أن صعود تنظيم "داعش" الإرهابي لم يأت على نحو طارئ، بل أخذ فترة زمنية طويلة، مشيرا إلى أن هزيمته تتجاوز الحرب الأمنية والعسكرية، لتصل لحدود المواجهة الفكرية وتحديث الأطر السياسية في المجتمعات العربية.
وأضاف إن "الحكومات العربية ما تزال ترفض الاعتراف بأزمة سلطويتها"، مشيرا إلى أن تغليف السياسات الحالية وتجميلها، أوصلنا لهذه الحالة من المواجهة مع التنظيمات الإرهابية بعموميتها، و"داعش" و"النصرة" بشكل خاص.
من جهته، أكد القديمي في تقديمه على أن قيمة الكتاب جاءت عبر تركيزه على موضوع البحث والتي وصفها بـ"الاسترخاء البحثي" بعيدا عن الاستعجال في عرض المعلومات وتحليلها.
ووصف الكتاب بـ"الاستثنائي" جراء عملية جمع المعلومات الموثقة التي تضمنها، ولبعده عن العملية التجارية في الكتابة والنشر.
وأكد على أن قيمة الكتاب تأتي في عرضه لمعلومات تنشر لأول مرة عن تنظيمي "داعش" و"النصرة"، وحدود الفوارق بين أطرهما الفكرية ومرجعياتهم السلفية، والخصائص الاجتماعية لكل منهما.
وشدد القديمي على أهمية الكتاب في قدرته على الوصول والاعتماد على مصادر داخلية من التنظيم نفسه، وهو أمر وصفه بـ"صعب جدا" على الباحثين.
وأوضح أن أهمية دراسة تنظيمي "داعش" و"النصرة" من الداخل قد تساعد المهتمين والباحثين على فهم المعادلة التي يتعامل معها التنظيمان بين التشدد الديني من جهة، والبراغماتية السياسية من جهة أخرى.
من جهته، أوضح الزميل حسن أبو هنية أن الكتاب جاء كمحاولة للإجابة عن "جملة أسئلة وإشكالات وتساؤلات رئيسة عن تنظيم الدولة الإسلامية أولاً، وعلاقته بتنظيم القاعدة وجبهة النصرة ثانياً، فهو يجيب على تساؤلات حول، ما هي المعالم الرئيسة لأيديولوجيا هذا التنظيم؟ وكيف نفسر صعوده السريع وتحقيقه لانتصارات عسكرية سريعة في كل من العراق وسورية، قبل أن يتشكّل التحالف الدولي والإقليمي لمواجهته؟".
وتساءل "هل أسباب صعود التنظيم مرتبطة بشبكة علاقاته، وتكمن بمصالح إقليمية متوارية وراء المشهد، أم بعوامل ذاتية، أم بشروط واقعية موضوعية أخرى، أم بأسباب مركّبة ومتعددة؟".
كما يجيب الكتاب عن تساؤلات حول "هل الخلافات بين تنظيم الدولة والقاعدة المركزية، مرتبطة بالصراع على النفوذ والقوة والسيطرة؟ أم أن هنالك فوارق أيديولوجية وسياسية حقيقية بين ما يطرحه التنظيمان؟".
وأضاف أبو هنية "ما هي طبيعة التركيبة الداخلية لتنظيم الدولة الإسلامية؟ وهل تملك خبرة عسكرية أو إدارية في التعامل مع التحديات الكبيرة التي تواجه التنظيم؟ وما هي التوقعات النسبية لحجم التنظيم؟، وما هي الاحتمالات والمؤشرات المتوقعة حول مستقبل التنظيم وخياراته في المرحلة المقبلة في مواجهة التحالف الدولي والإقليمي ضده؟".
وأكد ابو هنية أن الكتاب "حاول الإجابة عن تلك الأسئلة عبر تفكيك هالة الغموض ومواجهة القراءات المتضاربة حول تنظيم الدولة الإسلامية، أو حتى استنطاق المساحات المشتركة والخلافات بينه وبين تنظيم القاعدة المركزية".
وأضاف أن "الفصول الأولى من الكتاب تحلل مسار تطور تنظيم الدولة الإسلامية والمراحل والتحولات التي مرّ بها، والأسباب التي أدت لتراجعه في الأعوام الماضية، قبل صعوده الثاني الأخير منذ العام 2011، وصولاً إلى إعلان الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام ولاحقاً الخلافة".
كما بين أن الكتاب "يتناول جبهة النصرة في المشهد السوري، ويقف على الخلافات الداخلية بينها وبين تنظيم الدولة الإسلامية، التي أدت لانشطار القاعدة والصراع بين التيارين".
ولفت ابو هنية الى محاولة الكتاب "تمييز البناء الأيديولوجي لتنظيم الدولة، مقارنة بجبهة النصرة وبالسلفية الجهادية عموما، بينما يتطرق الفصل الأخير للبنية الداخلية والهيكلية لتنظيم الدولة الإسلامية، وكيف تطور عبر الأعوام الماضية من جماعة بسيطة إلى محاكاة نظام الدولة المعاصرة، ومزاوجة ذلك بالميراث الفقهي الإسلامي".
من جهته، أكد ابو رمان أن "الهدف الرئيس من الكتاب جاء بعد الانتشار الواسع لموضوع الدولة الإسلامية عربيا ودوليا"، واصفا الموضوع بـ"المعقد والمتشابك، وأن من الخطأ اختزاله، خصوصا وأن كثيرا من الآراء الإعلامية المتداولة، تسطح الموضوع، ويختلط عليها كثير من تفاصيل التنظيم الداخلية، ومرجعياته الفكرية".
وأضاف أن الكتاب "محاولة جادة على طريق توضيح الكثير من الأسئلة التي اختلطت على المتابعين والمهتمين، وأنها تأتي من منطلق الفهم والتحليل والتفسير".
وأكد ابو رمان أن "ما بات يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هو الابن الشرعي لأزمة السلطوية العربية"، وذلك بعد شرح المسار الداخلي لتوضيح حدود الفرق بين تنظيمي "داعش" و"النصرة".
وشدد على أن ما يطرحه الكتاب "هو قراءة تحليلية للتنظيم، ومساره وتحولاته ودور الشروط الموضوعية الواقعية في تفسير انبثاق هذا الكيان الشرس، وكشف أسباب صعوده مؤخرا".
وأضاف ابو رمان "لأنّ التنظيم في جذوره ومساره اشتبك مع التيار السلفي الجهادي العالمي، وارتبط بتنظيم القاعدة المركزي، فإن انقلاب تلك العلاقة من الوحدة والأخوة إلى الخصام والشقاق والصراع الأيديولوجي والمسلح، سواء مع القاعدة نفسها أم مع جبهة النصرة، شكل صدمة أخرى لأبناء التيار السلفي الجهادي عموماً، الذين كانوا يرون أي حديث عن الخلافات داخل التيار من زاوية الحرب النفسية والدعاية المضادة، حتى دخلوا هم أنفسهم في حالة الاستقطاب الحادّ في أوساط التيار، بين مؤيد لتنظيم الدولة الإسلامية وخليفته أبي بكر البغدادي، أو للقاعدة المركزية بقيادة الظواهري وجبهة النصرة بزعامة الجولاني".
واعتبر ابو رمان هذا "الصراع الذي امتدّ وتمدّد إلى مختلف المناطق والمجتمعات التي ينتشر فيها أبناء التيار، ليشعل حرباً أخرى داخلية، في أوساطه، بعد انشطار القاعدة نفسها، بين اتجاهين يكفّران ويبدّعان بعضهما ويقتتلان بشراسة وقوة مميتة".
و أن تلك "التطورات الداخلية تقود إلى فرضية ثانية، يسعى الكتاب إلى تفكيكها ومناقشتها، وتتمثل في القول إنّ الخلافات بين تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة، لها جذور ممتدة إلى مرحلة أبي مصعب الزرقاوي، الأب الفعلي والروحي المؤسس لهذا التنظيم".
ثم يلفت الى أن المراحل التالية تطورت بصورة متدرجة "بالرغم من بقائها غير معلنة، إلى أن انفجرت مع رفض أبي محمد الجولاني، مسؤول جبهة النصرة إعلان أبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، عن دمج التنظيمين في تنظيم واحد باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام في نيسان (إبريل) 2014".
وشدد ابو رمان "على أنه وبالرغم من الكم الكبير من المواد الإعلامية والمؤتمرات والندوات والنقاشات السياسية والفكرية المتعلقة بالتنظيم، إلاّ أنّه ما يزال يحظى بهالة من الغموض، تضفي طابعاً سحرياً على التحليلات والتفسيرات الشعبية وربما النخبوية عنه".
وأضاف أن "المثقف العربي وقع في مصيدة  نظرية المؤامرة، فولدت التحليلات والتفسيرات المتضاربة التي تربط صعود هذا التنظيم وأعماله بأجندات دولية وإقليمية، فبعضهم يتحدث عنه بوصفه أداة إيرانية، ومنهم يُجهد نفسه بوضع تحليلات وقراءات تضعه في سياق أجندة أميركية، تهدف إلى تقسيم المنطقة على أسس طائفية- دينية- عرقية".
ورفض ابو رمان في الكتاب "الكثير من التفسيرات التي أصرّت على ربط التنظيم بما هو خارج السياق المجتمعي أو السياسي العربي الراهن، أكان ذلك في العراق أم في سورية".
ولفت الى أن المثقفين والوعّاظ والسياسيين والتيار العام في الشارع العربي نفضوا أيديهم من "هذا التيار المتوحّش"، بوصفه غريبًا عن البيئة العربية؛ "وكأنه ليس إنتاجًا للواقع الراهن، أو أنّه ليس مؤشّرًا موضوعيا للمدى الذي يمكن أن تصل إليه الانهيارات السياسية والأخلاقية والثقافية والمجتمعية، أو كأنّه كائن غريب عن مخرجات الأنظمة السلطوية الفاسدة من جهة، والسياقات الاجتماعية المتردية من جهة ثانية، وجمود المنظومة الفقهية والفكرية والاختلالات التي تعاني منها من جهة ثالثة".