أبو علبة: قانون الانتخاب الحالي لا يمكنه إفراز حكومات برلمانية والحل باعتماد التمثيل النسبي

أمين عام حزب "حشد" ترى أن إقرار "الأحزاب" و"الانتخاب" الحاليين تراجع عن الإصلاح السياسي

عمان –الغد- ترى الأمين العام الأول لحزب الشعب الديمقراطي "حشد" النائب عبلة أبو علبة، أن إضافة قائمة وطنية إلى قانون الانتخاب، بواقع 27 مقعدا، "ليس كافيا"، وان القانون الحالي "لا يمكن أن يؤدي إلى إفراز حكومات برلمانية"، وأن هناك إشكالية ومفارقات في الخطاب السياسي الرسمي.
وتقول أبو علبة، في حوار أجراه مركز "هوية" لصالح مؤسسة "فريدريش آيبريت"، وبالتعاون مع "الغد"، إن عدم وجود صيغة ملزمة لمخرجات لجنة الحوار الوطني، هو أمر "يؤدي للإحباط".
 وتشير الى أن مشاهداتها، من خلال تجربتها البرلمانية، "أثبتت وجود تغول واضح للسلطة التنفيذية على التشريعية". وتلفت إلى أن إقرار قانون الأحزاب، بصيغته الحالية، ومن بعده قانون الانتخاب الحالي، "يشكلان علامة فارقة سلبية جدا على التوجّه الرسمي نحو التراجع عن الاصلاح السياسي".
إلى ذلك، تعتبر أبو علبة أن هناك "ضرورة" لإعادة النظر في كل الاتفاقيات، التي "فرضت" بغير وجه حق على الدولة الأردنية، و"فرضت معها واقعا غير متوزان، خاصة في ظل الربيع العربي، وضرورة صياغة جديدة للعلاقات الاستراتيجية، وفق المتغيرات الجديدة في المنطقة".
وعن الاتهامات الموجهة لحزب "حشد"، بأنه مرتبط بتنظيم خارجي، تقول ابو علبة إنه حزب أردني، تأسس على برنامج اردني ديموقراطي معروف ومعلن منذ اوائل السبعينيات، وأن "له علاقات كفاحية، منصوصا عليها في وثيقة مكتوبة، قدمت للجهات الرسمية، عند الحصول على الترخيص، تحت عنوان العلاقة الاردنية الفلسطينية".
وفيما يلي نص الحوار:

اضافة اعلان

• نبدأ من الانتخابات، كأحزاب معارضة، وحزب حشد، ما تزالون تعتبرون أننا لم نغادر مساحة الصوت الواحد، ماذا تقولين في ذلك؟
- ثمة جهود كبيرة بذلتها الاحزاب والقوى الاجتماعية لتعديل قانون الصوت الواحد، واذا كان شعار الاصلاح السياسي هو "المشاركة الشعبية"، فإن ترجمة ذلك تعني ضرورة ايجاد قانون يشكّل ارضية وقاعدة رئيسية لتوسيع حجم المشاركة السياسية والاجتماعية، في البرلمان. هذا برأيي لن يتحقق الا من خلال وجود قانون، يقوم على التمثيل النسبي على مستوى الوطن، هذه هي القاعدة الذهبية الديموقراطية التي يمكن ان تنصف الجميع. كل ما اضيف على القانون، من قائمة وطنية، بـ 27 مقعدا، ليس كافيا ابدا، ولا يلبي حاجة توسيع المشاركة الشعبية، لأن الصوت الواحد سيفرز حوالي 85 % من مجموع اعضاء البرلمان.
"المشاركة الشعبية" شعار بات يتبناه، ليس فقط الاحزاب، وانما الخطاب الرسمي ايضا. والترجمة العملية للشعار هو قانون ديمقراطي، يؤدي الى مثل هذه المشاركة، بما في ذلك حكومات برلمانية، وقانون الصوت الواحد الذي يمكن ان نختصر منه فقط قائمة من 27 لا يمكن ان يؤدي الى حكومات برلمانية.
•  ثمة من يطرح تخوّفات من اعتماد القائمة النسبية على مستوى الوطن وتدور حول سؤال الهوية؟ 
- اريد ان اتناول هذا الموضوع من زاوية محددة وهي الديموقراطية السياسية، فعندما تسود الديموقراطية السياسية، بمعنى العدالة والمساواة والحريات العامة، حينئذ سيشعر كل مواطن بأن حقوقه الدستورية والانسانية محفوظة، والعكس تماما هو الصحيح، فالانتقاص من الحقوق الديموقراطية هو الذي يبرز الى السطح سؤال الهوية.
اخشى في التكرار حول سؤال الهوية ان يختلط هذا الموضوع، عن قصد او عن غير قصد، بموضوع الإصلاح السياسي، أي أن يتم التذرّع بموضوع الهوية والحفاظ عليها للتراجع عن مستحقات الاصلاح. نريد ان يشكّل الاصلاح قاعدة اساسية من اجل وحدة وكرامة الهوية الوطنية، والتي لا يمكن ان تتحقق، الا من خلال تطبيق الديموقراطية السياسية والاجتماعية.
• لكن الا تلاحظين تهرّبا حكوميا من حسم هذه المسألة؟
- هناك واقع سياسي متداخل جدا، فرضه الاحتلال، ليس فقط على الاردن، بل على العالم العربي والدول المحيطة بفلسطين المحتلة تحديداً، لا ذنب للشعب الاردني ولا للشعب الفلسطيني به. هذه الإشكالية ستبقى قائمة، وسنبقى نتعامل معها في الاردن الى ان يزول الاحتلال، وتتحقق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم. علينا ان ندرك نحن، في الاحزاب الوطنية الاردنية، ان هنالك نضالا مركبا، فرض علينا، اولاً النضال من اجل الديموقراطية، الذي يجب ان يشارك به الجميع دون استثناء ودون تمييز، وثانياً النضال من اجل العودة لفلسطين، وهذه مصلحة وطنية اردنية كما هي مصلحة وطنية فلسطينية. ووجود نظام ديموقراطي وقوانين ديموقراطية في الاردن تصب ايضا في خدمة القضية الوطنية الفلسطينية ومساراتها النضالية. الهوية الوطنية حاميها وحارسها هو الديموقراطية والسيادة والاستقلال وعدم الخضوع للأجنبي.
• لجنة الحوار الوطني، استطاعت التوافق على اساسيات الإصلاح في الاردن. ما هي نظرتكم لمخرجاتها وتوصياتها؟
- تشكيل لجنة الحوار كان بادرة ايجابية. الحوار الوطني بين جميع المكونات السياسية وبأشكاله المختلفة وتحديدا في ظل الأزمة التي نعيشها يجب ان يبقى قائما، وان يستمر كآلية للعلاقة بين المختلفين وبين المتفقين ايضا، وعلى قاعدة المصلحة الوطنية الثابتة.
مخرجات لجنة الحوار شكّلت خطوة الى الامام، في سبيل الخروج من المأزق، ووضعت اساسا ضروريا من اجل الانطلاق الى ما هو افضل، مخرجات اللجنة المتعلقة بموضوع العلاقة الاردنية الفلسطينية، وبموضوع قانون الاحزاب، وقانون الانتخاب تعتبر خطوة الى الامام. استمرار آلية الحوار المؤسسي بين جميع الاطياف هي الآلية التي يمكن ان تقودنا الى نقطة التوافق، او نقطة التوازن الطبيعي. بمعنى، ليس في المنظور القريب ان تستطيع اي جهة فرض اجندتها.
•  ولكن بتغييب المخرجات التوافقية، هل يكون الحوار من اجل الحوار فقط؟
- انت محق تماما بهذا السؤال. يجب ان يكون الحوار مؤسسيا، له نظام عمل وصيغة إلزامية للجهات التنفيذية، وان يكون معتمدا لدى الجهات التنفيذية كواحد من العناصر المقررة للسياسة العامة في البلاد، لأن هذا الهدر الهائل في الوقت والمال دون وجود صيغة ملزمة لمخرجات الحوار تؤدي الى الاحباط، وهدر الآمال التي يبني عليها الاردنيون احلامهم بمستقبل افضل.
• كيف ترون النظام الانتخابي الأمثل؟
- نحن والقوى الوطنية الاخرى، المتحالفون معها في لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة توافقنا على اعتماد نظام انتخابي، على اساس 50 % لقائمة نسبية مغلقة وبدون نسبة حسم، ومثلها لدوائر فردية. وطموحنا دائما قانون يعتمد قائمة وطنية كاملة على مستوى البلاد. كلما اقتربنا من نظام التمثيل النسبي على اساس قائمة مغلقة كلما اقتربنا من الحل الموضوعي للأزمة، لأن العدالة لا تغضب احدا، والتمثيل النسبي يجب أن لا يغضب احدا، لأنه اساس العدالة السياسية والاجتماعية، فكل يتمثل وفق حجمه ووزنه لا اكثر ولا أقل.
•كيف تنظرون لمجلس الأعيان ودوره؟
- إعادة النظر بأسس تشكيله هو الأهم. فمثلا لو انتخب مجلس الاعيان ايضا على اساس الدوائر الفردية؟ سيكون مجلسا مكرّرا عن النواب، فالأسس التي يتشكل عليها يمكن ان تتطوّر، بحيث تشمل تمثيل مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب والنقابات وفئات الشباب والمرأة، والفئات الاجتماعية المهمشة.
• وكأنك تنحازين ايجابيا لمن لم ينصفه قانون الانتخاب، او لم تنصفه الجغرافيا مثلا؟
- أطمح للاثنين معا، لقانون انتخاب ديموقراطي ينصف الجميع، لكنه لا يتحقق بسهولة، وفي ذات الوقت اطمح ان يكون هناك امكانية ان تشارك اوسع الفئات الاجتماعية والسياسية في هذه المرحلة الحرجة جدا في تاريخ الاردن والبلدان العربية في القرار. ليس من زاوية شكلية فقط، او من اجل ان تأتي وتحتل مقاعد، ولكن من اجل المشاركة بالقرار.
• يقال إن في الأردن عادة ثلاث حكومات، حكومة الديوان الملكي، واخرى للمخابرات، وحكومة يرأسها رئيس الوزراء. لو كنتم في السلطة كيف ستعالجون هذه الاختلالات؟
- اريد التركيز على مسألتين. الاولى الفصل بين السلطات، بحيث يترجم هذا نصوصاً واضحة جدا في الدستور، وعمليا في واقع الحال على الارض. وكل يأخذ دوره فيما هو مختص به. الثانية تتعلق بإرساء اسس الدولة المدنية، المستندة الى القانون والعدالة والمساواة. الاقتراب من اسس الدولة المدنية اكثر فأكثر والتنبّه الى ضرورة توفير شروطها الموضوعية والضرورية مسألة مهمة جدا وعلينا ان نكون يقظين تجاهها بدءا من القوانين المتعلقة بحياة ومعيشة الناس مثل ضريبة الدخل والمبيعات والاستثمار والمؤسسات المستقلة والمالكين والمستأجرين والضمان الاجتماعي والكثير غيرها، والقوانين التي تنظم العمل السياسي وعمل الأحزاب.
 لذلك، كل هذا الذي قيل حول موضوع تغوّل السلطة التنفيذية على التشريعية يعد مشكلة كبيرة، ومن خلال وجودي في البرلمان شاهدت بأم عيني كيف تغوّلت السلطة التنفيذية على البرلمان، في اكثر من محطة. سلطة التشريع يجب ان تبقى مستقلة وقادرة على تمثيل مصالح جميع فئات الشعب دون انحياز ولا تمييز.
• هل ستسمحون بتأسيس الأحزاب على مبدأ ان الاصل في الامور هو الإباحة؟
- الاصل هو الإباحة نعم، مع ذلك انا لست ضد وجود قانون ينظّم عمل الاحزاب وصلتها بالنظام السياسي، الذي جرى مؤخرا كان خارج توقعاتنا تماما، فقد اخذت اللجنة القانونية بمعظم مقترحات الاحزاب، لكن عندما ذهبنا الى مجلس النواب جوبهنا بكتلة تصويتية كبيرة، وقفت ضد التعديلات المتقدمة.
يوجد نص في قانون الاحزاب حول المشاركة في الحياة السياسية، وليس هناك نص على تداول السلطة، ومع ذلك لم تطرح الأحزاب هذه المسألة، كانت طروحاتنا واقعية وتتعلق بعدد المؤسسين والمرجعية الرسمية للأحزاب، وفصل العقوبات وإحالة موادها الى قانون العقوبات، وحتى عندما اقر مجلس النواب ان عدد المؤسسين 250 ، عاد من مجلس الاعيان اقتراح بأن يكون 500، وعاد مرة اخرى للنواب بأغلبيته مع اغلبية الاعيان ليقر أنه 500! هذا مؤشر على ما هو اخطر عندما اقر قانون الاحزاب بصيغته الحالية، فقد كانت علامة فارقة سلبية جدا على التوجّه الرسمي نحو التراجع عن الاصلاح السياسي، وبعدها حصل ما حصل في قانون الانتخابات.
• في الملف الاقتصادي، هناك نهج اقتصادي يسود منذ اكثر من عقدين، وهو برأي الكثيرين من سبّب هذه المشاكل وصولا الى ازمات متلاحقة برغم تطبيق الأردن لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين بحذافيرها، اين المشكلة؟
- العلّة الرئيسية في تعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين، والعلّة الأكبر في استجابتنا لهذه التعليمات حرفيا، لأن النهج الاقتصادي سبّب ازمات وخرابا كبيرين، ليس بالأردن فقط وإنما في بلدان عربية خضعت لهذه التعليمات ايضا، واكبر شاهد ما وقع في مصر وتونس والمغرب واليمن.
اساس هذا النهج هو رفع الدعم عن السلع الاساسية، ورفع يد الدولة المركزية عن الخدمات الاساسية والضمانات الضرورية للمواطنين، هذا كلّه كان على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة، وتنمية الاقتصاد الوطني، فضعفت كل عناصره، وتضخّمت لحدود كبيرة فئة ما نسميه الكمبرادور التجاري، أي الوكلاء التجاريين، وثرواتها واموالها الهائلة في علاقتها مع الشركات العابرة للقارات، وعلاقتها مع الرأسمال الاجنبي على حساب تنمية الاقتصاد الوطني، وهذا تسبّب بوجود شرائح فقيرة واسعة في البلاد، وانهيار كثير من شرائح الطبقة الوسطى، رافقته زيادة في نسب البطالة بشكل هائل بمناطق محدّدة بعينها، كما انخفضت قيمة الاجور كثيرا قياسا بمستوى الغلاء المتصاعد.
ومن الطبيعي في هذه الحالة ان تحدث انفجارات اجتماعية، واذا استمر هذا النهج فستبقى البلاد مرشّحة لمزيد من الانفجارات الاجتماعية غير المنظّمة كما حدث سنة 89 و96.
• لكن كيف السبيل لمعالجة اختلالات الموازنة مثل المديونية؟
- طرحنا مثل هذا الموضوع امام كل الحكومات التي دعينا للحوار معها، وفي موضوع الاقتصاد الوطني بدءا من المؤسسات المستقلة وضرورة اختصارها ودمجها تدريجيا، وتعديل قانون ضريبة الدخل، وضريبة المبيعات التي تشتمل على ضرائب مرئية وغير مرئية، منصوص عليها وغير منصوص عليها، تصل الى 30 %، رغم ان المنصوص عليها في القانون 16 % .
علينا ان ننتصر للمواطن واحتياجاته الرئيسية في الصحة والتعليم والسكن والعمل حتى لا تتفاقم اعداد العاطلين عن العمل، وان تكون المخرجات التعليمية متوافقة مع مدخلات الاقتصاد، كثير من المقترحات الملموسة قدّمت ضمن اوراق عمل، قبل الاحتجاجات كان هناك مؤتمر اقتصادي في شباط 2010 نظّمته قوى المعارضة الوطنية وقدّمت اوراق عمل. في هذا المجال نكرر ضرورة الاخذ بعين الاعتبار تطبيق مبدأ التشاركية.
• ما الطريقة الأمثل للتعامل مع مسألة المؤسسات المستقلة؟
- الموضوع طرح على كل الحكومات التي توالت على البرلمان الحالي، وتوصّلت إحداها الى ضرورة دمج معظمها وفق خطّة اقتصادية محدّدة، ثم اتت حكومة اخرى التفتت الى اولويات اخرى وتركت هذا الشأن جانبا.
اعتقد ان وجود 62 مؤسسة مستقلة موازية هو عنوان اقتصادي خاطئ، إذ ترافقت هذه الظاهرة مع سياسة خصخصة القطاع العام، ووجودها من شأنه ان يحدث مزيدا من الازمات في الاقتصاد.
• في موضوع الضريبة، الدستور ينص صراحة على تصاعدية الضريبة، إلا ان الاردني يدفع كثيراً من الضرائب غير المرئية. فما عدالة ذلك؟
- من الضروري ان تتوجّه الحكومة فورا الى تعديل قانوني ضريبة الدخل والمبيعات. بما يؤمّن العدالة الاجتماعية تحديدا للفئات الوسطى والفقيرة.
• ما الطريقة الأمثل للتعامل مع موضوع الفساد؟
- أي معتد على الحق العام يجب ان يحاسب، وإذا ما تمّ إلغاء المحاسبة الآن فسيأتي زمن وعهد آخر يحاسب فيه الذين اعتدوا على المال العام، هذا ابتداء، وثانيا، ظاهرة الفساد تطوّرت وتنامت مترافقة تماما مع نهج خصخصة القطاع العام وبيع اصول الدولة بأثمان بخسة، اعتقد ان هذه كانت الانعطافة السلبية للاستراتيجية الاوسع والاخطر في حياة البلاد، وخير دليل ما وقع بخصوص الفوسفات والبوتاس والاسمنت والاتصالات، كل لها ملفها الخاص وارقامها الخاصة يجب ان تعود الاصول الى الشعب، هذا عنوان اساس في تصويب العلاقة بين الحاكم والمحكوم و بين الشعب والسلطات التنفيذية والرسمية المختلفة.
• هذا يقودنا للحديث عن هيئة مكافحة الفساد، هل تعتقدون انها الجهة المناسبة التي يجب ان تناط بها مكافحة الفساد؟ وكيف تقيّمون اداءها؟
- من خلال وجودي في البرلمان تواصلت مع هيئة مكافحة الفساد واعتقد ان وجودها ضروري، الأصل ان لا يكون هناك فساد، وان تكون هناك عملية اصلاح شاملة للقوانين حتى لا يحدث، لكن الفساد واقع فيما نحن فيه الآن والهيئة في ادائها قامت بأدوار مهمة جدا، اتصوّر ان عملها في مثل هذه المرحلة ضروري، لكن على المستوى الاستراتيجي الفساد لا يقاوم بوجود هيئة، وإنما من خلال تصويب القوانين الاقتصادية نفسها ووجود آلية رقابية ومحاسبية ثابتة ودائمة على مخرجات الاقتصاد ومن خلال سيادة العدالة الاجتماعية ومحاسبة الفاسدين.
• هل بإمكان الدولة الاردنية تأمين نظام تأمين صحي شامل؟
- ولم لا؟ عندما تستعرض الموازنة العامة تلاحظ ان موازنتي وزارتي الصحة والتعليم  قليلة جدا، علينا ان نعيد النظر في بنود الموازنة بما يؤمّن التركيز على خدمات الصحة والتعليم بشكل اساسي وصولا لتعليم وتأمين صحي افضل وارقى ايضا.
• هل هناك اختلالات في اولويات الموازنة؟
- اختلال الاولويات يتحدد بالضبط في موضوع الموازنات للجهات والوزارات التي تقوم بخدمات اساسية للمواطنين، مثل التعليم والصحة، واعتقد ان الجهات الرسمية يجب ان تستمع جيدا الى صوت الشعب والنداءات المخلصة التي طالبت بضرورة الرقابة على كل مدخلات ومخرجات الموازنة بما يؤمّن استقرارا اجتماعيا وثقة اكبر بالسلطات التنفيذية.
• تعتمد نسبة كبيرة من قيمة الايرادات على المنح والمساعدات الخارجية تحديدا، لو كنتم بالسلطة هل ستقبلون ام سترفضون تلقي هذه المساعدات؟
- اشد ما يقلقنا هو اعتماد الاقتصاد الاردني على منح ومساعدات مشروطة وكثير منها في الموازنة تحت بند واردات دون ان تكون مصادرها معروفة او مؤمنة، الاعتماد على الاقتصاد الوطني يجب ان يبقى هو الاساس، الاقتصاد العالمي متداخل ومتشابك، لا نستطيع الاستغناء عن هذه المنح تماما لكننا نستطيع ان نؤسس لتنمية منهجية ودائمة لمقدراتنا الوطنية.
• بالانتقال الى محور السياسة الخارجية، هل من إمكانية لإلغاء معاهدة وادي عربة؟
- هذا ليس جارا مزعجا وإنما هو عدو عنصري، علينا ان نقاومه ونسعى الى مقاومته ما حيينا، وفي موضوع العلاقات الخارجية هناك مستويان، الأول يكمن في علاقة الاردن مع المتغيرات العربية التي وقعت، ولا بد من ان تعاد دراسة استراتيجية العلاقات الخارجية بين الاردن والبلدان العربية وفق القواعد الجديدة التي فرضتها المتغيرات العربية، والقاعدة الأهم هي سعي هذه الشعوب نحو الديموقراطية السياسية والديموقراطية الاجتماعية، علينا ان نتكيّف ونعيد تموضع قوانا ومكانتنا كأردن بين الشعوب العربية على هذا الاساس.
المستوى الثاني فيما يتعلق بدولة العدو، اعتقد ان ما يجري من تحوّلات بالبلدان العربية، يتجه جميعه نحو الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، هذا بالضرورة، وموضوعيا هو ضد وجود دولة عنصرية مثل اسرائيل، وجنبا الى جنب يجب ان يعاد النظر بالاتفاقيات التي فرضت على غير وجه حق وفرضت معها واقعاً غير متوازن او علاقات غير متوازنة بيننا وبين دولة الاحتلال.
سأعطيك مثالاً، سمعنا من برلمانيين اسرائيليين وشخصيات عنصرية اخرى بالوطن البديل للفلسطينيين بالأردن وإنكار حق العودة للفلسطينيين الى وطنهم وديارهم، وهذا يجب ان يلقى ردا مناسبا لأنه يشكل خرقاً ضد السيادة الوطنية في البلاد، ومثل هذا الخرق من جانب اسرائيل يتم التعامل معه بغض النظر!! بينما مثلا اذا كان هناك تصريح ما لأي مسؤول تجاه السياسة العدوانية التي تمثلها اسرائيل فإن اسرائيل تقوم قيامتها ولا تقعد، وهذا لا يجوز ويؤدي لحالة اختلالات كبيرة في العلاقات مع هذا العدو، وفي كل الاحوال اعتقد انه ستتضح الامور اكثر فأكثر في السنوات القادمة عندما يندمج النضال ضد الاحتلال مع النضال من اجل الديموقراطية.
• من خلال حديثكم حول الثورات العربية تبدون متفائلون جدا بما سيحصل. هل انتم مع تسمية ربيع عربي مثلا؟
- اود التذكير بأن تسميه الربيع العربي هي صناعة اعلامية غربية، وافضل تسمية سياسية محددة اخرى تشير لطبيعة الثورات من حيث اهدافها بتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، وطبيعة القوى المشاركة فيها.
مرحلة التحول نحو الديمقراطية: أرى ان هذا هو التعبير الأنسب خصوصاً اذا ما اخذنا بالاعتبار قوانين الصراع الداخلي الاجتماعي المختلفة بالضرورة عن قوانين الصراع الاخرى، علينا ان نعمل على توفير شروط نجاح الثورات المستندة لهذه الاهداف والمطالب المشروعة بإطلاق الحريات العامة والمساواة والعدالة الاجتماعية والاتجاه نحو تنمية وتطوير الاقتصاد الوطني المستقل، الثورات سيطول امدها وتتفاعل عناصرها مع تنامي الوعي العام بضرورة الانتقال الجاد نحو عالم جديد، يسوده العدالة والمساواة والمشاركة الشعبية والتعددية السياسية.
• كل الثورات حملت شعارات يسارية صرفة، ولكن في ظل ضعف الاحزاب اليسارية، فقد يجني ثمارها الآخرون، لماذا لا يتّفق اليساريون؟ ولماذا هذا الغياب لأحزاب اليسار العربي؟
 - الجميع يعرف ما عانته الاحزاب اليسارية والقومية في العقود الماضية، تسعى الآن جميع القوى السياسية والاجتماعية الحداثية والمنفتحة والديموقراطية ان تتوحد من اجل تكريس مبدأ المشاركة الشعبية، فقد فشل مبدأ حكم الحزب الواحد، وهذا النظام لا يمكن ان ينجح، مبدأ المشاركة الشعبية هو الاساس، وعلى الاحزاب التي تمكّنت بحكم عوامل تاريخية وسياسية عديدة وايديولوجية ايضا من السيطرة على سلطات تنفيذية او تشريعية ان تأخذ بعين الاعتبار هذه الحقائق.
• إذن لماذا نرى كل هذا الانقسام في الأردن حول الوضع في سورية تحديدا؟
- مع الأسف الصراع في سورية الشقيقة اخذ هذا المنحى الدموي، الشعب الاردني – كالشعوب العربية – اكتوى بنار الاحتلالات ويدرك تماماً خطورة التدخل الاجنبي في الصراع الجاري في أي من البلدان العربية، وفي نفس الوقت يؤيد المطالب الديمقراطية العادلة للشعب السوري، والتي تتماهى مع مطالب الشعوب العربية في كل مكان.
تبرز حدة الاختلافات في الرأي ايضا مع خطورة توجيه الصراع على اسس طائفية واثنية، ومخاطر حدوث تفتيت جدي للدولة الوطنية الواحدة الموحدة، الحل هو بالتمسك بالدولة الوطنية الواحدة الموحدة، ونظام تعددي يحترم الاطراف الوطنية، ويعمل على دمقرطة الحياة السياسية.
• تتهمون في "حشد" بأنكم فرع لمنظمة خارجية، كيف تطمئنون المواطن بأنكم حزب وطني اردني؟
- نحن حزب اردني تأسس على برنامج ديموقراطي معروف ومعلن منذ السبعينيات ولنا علاقات كفاحية منصوص عليها في وثيقة مكتوبة قدمت للجهات الرسمية عندما حصلنا على ترخيص الحزب، تحت عنوان العلاقة الاردنية الفلسطينية وتعاملنا مع هذا الموضوع ولا زلنا نتعامل بموضوعية تفرضها الحقائق القائمة على الارض، برنامجنا، سلوكنا السياسي والتنظيمي واضح وموازنتنا واضحة امام  الجهات الرسمية، يهمنا البرنامج الذي نستند اليه كقاعدة فكرية وسياسية واضحة تماما للجميع وليس لدينا اي اجندات مخفية مطلقا بعد هذا التاريخ الكفاحي الطويل في الحركة الوطنية الاردنية ومن اجل أردن وطني ديمقراطي.