أبو قدورة.. أربعون عاما في مهنة العطارة

أحمد الشوابكة

مادبا- وسط عشرات الأجولة البلاستيكية والزجاجية التي تحتوي على مساحيق ناعمة وخشنة وأعشاب جافة ورطبة، يجلس الخمسيني مخلد أبو قدورة في دكانه الذي يتولى إدارته، ويساعده ابنه الكبير سامر، الذي امتهن مهنة العطارة منه منذ نعومة أظفاره، خشية من اندثار هذه المهنة في ظل الحداثة والتطور.اضافة اعلان
على امتداد مساحة الدكان الذي أسسه قبل ربع قرن، تمتلئ الرفوف الخشبية بمواد مكدسة، تثبت قطع ورق صغيرة مكتوب عليها أسماء الأصناف الأعشاب.
وتعد مهنة العطارة من أقدم المهن المعالجة للأمراض؛ حيث يمارسها العديد من الأشخاص سواء بالوراثة أو عن طريق التدرب عند أحد العطارين، وهي من المهن التي يحتاج من يمارسها للمعرفة التامة بأنواع الأعشاب المختلفة.
وسط شارع الملك عبد الله الثاني في مدينة مادبا يقع دكانه الذي تفوح منه روائح زكية تملأ أرجاءه؛ حيث تختلط نكهات الزعتر والتوابل بكل أنواع الزهورات، وصابون الغار مع كم من ألوان الأعشاب اليابسة المتناثرة في جوانب متشابهة الشكل والمضمون الشكل متناغمة مع تصميم المكان.
وتصطف مئات من التسميات لأنواع الأعشاب على الرفوف، بحسب أبو سامر الذي قضى نحو أربعة عقود في هذه المهنة التي بدأها في الثانية عشرة من عمره، عندما كان يعمل في عطارة العجة في سوق مادبا القديم.
على مدى العقود الأربعة التي عمل بها، منذ صغره وإمساكه أسرار الصنعة، إلا أنه يؤكد أن طب الأعشاب بحر واسع، ما يزال اكتشاف فوائده لا يتوقف ولا نهاية له.
ولا يخفي أبو سامر، تزايد الطلب على أصناف الأعشاب، بالقول "هناك إقبال من الزبائن على شراء الأعشاب ذات الفوائد الطبية، خصوصا في الآونة الأخيرة، لما لها من فائدة في معالجة الأمراض المزمنة المستعصية".
وأكد أن العطارة مهنة تحتاج للخبرة والدراية، أي شخص لا يمتلك الخبرة، لا يستطيع عمل الخلطات المناسبة للعلاج.
ويقول إن معظم الزبائن يقدمون على شراء الأعشاب الطبية المعالجة، منها "الزهورات" لوقف أوجاع المعدة أو الرئة والرشح والزكام وغيرها من أمراض فصل الشتاء، بدلا من دفع مبلغ مضاعف لعدد قليل من الحبوب المسكنة للآلام.
ويضيف أن الأعشاب التي أيضا يستخدمها الزبائن "القيصوم واليانسون والكمون والشومر ورجل الحمام والزعفران والزنجبيل"، إضافة إلى أنواع من الزيوت التي تتميز باستخداماتها المتنوعة.
ويقول "عملت في محل العطارة وأنا في سن الثانية عشرة من عمري، بعد أن تركت المدرسة، وكان العمل بسيطا والناس قليلون في ذلك الوقت، فبدأت أتعلم المهنة شيئا فشيئا، عن طريق صاحب محل العطارة في سوق مادبا القديم، وهو الحاج عبدالله العجة، حتى وصلت إلى المستوى المعرفي في مجال العطارة والأعشاب الطبية، وذلك في الثمانينيات من القرن المنصرم". وأضاف أبو سامر، أن دكان العطارة "بروزية"، عبارة عن صيدلية خاصة، لأنها تحتوي على الكثير من المواد ذات الفائدة الكبيرة، والتي يستخدمها الناس باستمرار لغايات العلاج من الأمراض الرشح والبطن، وخصوصا في فصل الشتاء الذي تكثر فيه هذه الأمراض.
وأكد أن مهنة العطارة، توسعت كثيرا في هذه الأيام، مقارنة بالأيام الماضية؛ حيث أصبح هناك العديد من محلات العطارة في الريف والبادية.
ويزيد، أنه يقوم بإعطاء خلطات الأعشاب الطبية للمرضى، مرشدا إياهم إلى أفضل أنواع الأعشاب الطبية، مبديا خشيته في الوقت نفسه من انقراض هذه المهنة التي تشكل جزءا مهما من التراث، قائلا "وعلى هذا الأساس علمت ابني البكري سامر هذه المهنة التي أصبح يتقنها، وبدأت أعتمد عليه في إدارة شؤون الدكان".