أبو مازن ومشعل: إشارة تحذير

إسرائيل هيوم

الكسندر بلاي
10/1/2013
إن محاولة الرئيس المصري محمد مرسي من الاخوان المسلمين، ان يُقرب بين قادة السلطة الفلسطينية وفي مقدمتهم أبو مازن، وبين قادة حماس، خطوة اخرى في الجهد المصري للعودة الى موقع القيادة وإقرار مكانة النظام الجديد وسيطا في الصراعات العربية العامة. وبين يدي ذلك المصلحة المصرية التي تطورت منذ حل الاخوان محل نظام الضباط، وهي الاسهام في النضال ضد إسرائيل بكل وسيلة ممكنة وجعلها تلغي اتفاق السلام مع مصر وان تنشئ في نفس الوقت لنفسها صورة مسهمة في السلام والاستقرار في المنطقة بحيث لا ينقطع عنها الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري من الولايات المتحدة.اضافة اعلان
تتآلف الاجراءات المصرية الاخيرة في سلسلة مسارات في الصعيد الفلسطيني وهي: تقوية الحراك "الليّن" في يهودا والسامرة، والشعور بخيبة الأمل عند الجمهور الفلسطيني الذي لم يستفد شيئا من اجراء الاعتراف في الامم المتحدة، وانتقاض القيادة الميدانية الحماسية في قطاع غزة وكان من اسباب ذلك عملية "عمود السحاب".
أصبحت منطقة يهودا والسامرة في الاسابيع الاخيرة حلبة اخلال بالنظام "ليّن": فقد كثر رمي الحجارة وحالات ارهاب من أفراد ومجموعات صغيرة. ويحدث كل ذلك بموافقة السلطة الفلسطينية بصراحة أو ضمنا. ويقوي عدم وجود خطوات ما لمواجهة المسلحين شعور ان الحديث عن "تصعيد ليّن" ليس عرضيا. يعارض أبو مازن في حلقات معلنة العمل العنيف وهو مع ذلك لن يعارض انتفاضة "شعبية" لـ "الجماهير"، وإن كان يتحفظ الآن من انتفاضة مسلحة اخرى. وقد تضعضعت شرعية حكمه لأن موعد نهاية ولايته الرئاسية قد مر في 2010 ولا تُرى في الأفق انتخابات جديدة.
وتضعضعت مكانة أبو مازن على الارض ايضا كمكانتي منظمتيه الأمين: فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية فهما تفقدان على الدوام من وزنيهما قياسا بحماس التي تقوى والتي أخذ عرب يهودا والسامرة يرونها ايضا بديلا وإن يكن ذلك في تحفظ ايضا. وبازاء وضع أبو مازن يبدو ان تحفظه من جولة عنف اخرى هو نتاج خوف من ان تستغل حماس هذه الجولة لاسقاط السلطة الفلسطينية وتولي الحكم بالفعل في يهودا والسامرة ايضا.
وحماس من جهتها تعوزها قيادة مصوغة وفكرة مركزية واحدة تجذب الجماهير. ليس الجمهور الفلسطيني مسلما متطرفا في تصوراته العامة وقد أعطى حماس ثقته في انتخابات 2006 أملا في مستقبل أفضل لم يأت. وكذلك فان وضع قيادة حماس ليس حسنا لأنها لا تعتمد على قيادة ميدانية مقبولة، ويوجد بدل ذلك خليط من القيادات المحلية أو العائلية.
في اللقاء بين ممثلي الفصيلين الفلسطينيين الذي يتم في القاهرة في هذه الايام، ستطلب م.ت.ف كعادتها منذ سنوات ان تعترف حماس بقرارات الرباط (في تشرين الأول 1974) التي تُعرف م.ت.ف بأنها "الممثلة الشرعية الوحيدة للشعب الفلسطيني"، وان تنضم الى المجلس الوطني الفلسطيني – حيث يوجد لـ م.ت.ف تفوق مطلق – وان تقبل اتفاقات اوسلو، وان تلتزم بالكف عن الكفاح المسلح. واحتمالات ان تقبل حماس هذه الشروط صفر، فهي لم تقبلها في الماضي حينما كانت ضعيفة ومضعضعة ولا احتمال بأن تقبلها الآن وقد أصبحت مكانتها أفضل من مكانة خصمها (م.ت.ف/ السلطة الفلسطينية)، وفي وقت ما تزال فيه ذكريات "عمود السحاب" و"الصمود القوي" للمنظمة طرية في الذاكرة الجماعية الفلسطينية، وستطلب حماس من جهتها لزوم واحد من طريقين باعتبار ذلك نقطة انطلاق في التفاوض وهما: انتفاضة عنيفة مسلحة تهز يهودا والسامرة جميعا وتُقر أطرا تنظيمية جديدة، أو تنصيب خالد مشعل زعيم حماس مرشحا ايضا لانتخابات رئاسة السلطة في مواجهة أبو مازن، فاذا انتُخب فان انتخابه سيجعل كل مطالب م.ت.ف لا داعي اليها
ليست مواقف القيادة الفلسطينية بمركبيها م.ت.ف والسلطة، وحماس، مشكلة الى الآن لدعم انتفاضة عنيفة ثالثة. ومع ذلك فان شغل إسرائيل بعنف في الداخل سيُسهل على الدول العربية وفي مقدمتها مصر ان تعرضها بأنها "معتدية"، على الادارة الأميركية التي بدأت الآن مدة ولاية ثانية، وتصرفها عن الاستعداد للهجوم على إيران ويكون ذلك بيقين ذريعة مناسبة لحلف بين حماس وم.ت.ف لغرض ما.