أبو مازن يحطم الأواني

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في رام الله.-(أرشيفية)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في رام الله.-(أرشيفية)

معاريف

تشيلو روزنبرغ

3/4/2014


قرار أبو مازن تحطيم الأواني والتوقيع على انضمام السلطة الفلسطينية الى 15 ميثاق دولي هو خطأ فادح. تذكير بالاخطاء التاريخية لزعامة عرب اسرائيل منذئذ وحتى اليوم. فبهراء وبخطوة عديمة الحكمة أعطى أبو مازن ريح اسناد أيضا لمعارضي المسيرة السياسية في اسرائيل ممن فعلوا كل ما في وسعهم لاحباطها.اضافة اعلان
ينضم ابو مازن الى سلسلة غير محترمة من الزعماء الفلسطينيين الذين سيذكرون بسمعة سيئة أبدا. غير أن أثر السخافة السياسية لابو مازن سيشعر به الناس في اسرائيل جيدا. فرافضو المسيرة السياسية في اسرائيل يمكنهم أن يفرحوا في ضوء فشل المفاوضات إذ أن حلمهم تحقق. فهل هذا جيد لإسرائيل؟ ستنبؤنا الايام.
لقد أخرجت الولايات المتحدة يدها من المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين منذ زمن بعيد. ومحاولات كيري تنفيذ تنفس اصطناعي للمسيرة والذي لم يكن له فرصة منذ البداية فشلت. فمن كانت أُذنه منصتة على وسائل الاعلام الأميركية في الفترة الاخيرة يعرف بسهولة كم كان قاسيا الانتقاد الموجه لكيري.
تسريبات متكررة من البيت الابيض وحتى من وزارة الخارجية انتقدت بشدة استمرار مساعي كيري كانت عمل يوميا. ومن شدة يأسه، حاول كيري اخراج أرنب من القبعة في شكل بولارد. وحتى هذا، بالنسبة لمحافل أميركية مغفلة تقتبسها وسائل الاعلام، فان كيري لم يتمكن من الفهم بان بولارد هو مثابة ضريبة شفوية تدفعها اسرائيل ليس الا.
أحد في اسرائيل لم يسقط من كرسيه حين سمع بان الأميركيين مستعدون لهذه البادرة الطيبة المتمثلة بتحرير بولارد. في اختبار النتيجة، حتى الان، الحق مع المتذمرين من كيري. غير ان الولايات المتحدة ليست كيري فقط. فاوباما توصل الى الاستنتاجات اللازمة منذ زمن بعيد وسحب يده من المفاوضات. قد فهم الرئيس الأميركي بان تربيع هذه الدائرة متعذر. ومن تابع تصريحات اوباما يعرف أنه لا يصنع جميلا لاسرائيل فيلقي بالمسؤولية بكاملها على الفلسطينيين. العكس هو الصحيح.
ومن أجل الاستقامة الفكرية والنزاهة، ينبغي الاعتراف بان المذنبين المركزيين هم الفلسطينيون وأبو مازن على رأسهم. فمن اعتقد بان أحدا ما في أوساط القيادة الفلسطينية سيتخلى عن الرواية الفلسطينية المعروفة جدا والمستندة الى حق العودة، شرقي القدس كلها كالعاصمة الفلسطينية وازالة كل المستوطنات حتى حدود 67، على الاقل، فقد اخطأ خطأ مريرا. وموضوع السجناء هو الاخر جزء لا يتجزأ من الفكرة الفلسطينية التي لن يتخلى الفلسطينيون عنها. ومن يوهم نفسه بان هكذا سيحصل، ليس واقعيا.
بعد أن أشرنا الى العامل الاساس في فشل المفاوضات، يجدر التمسك بذات الاستقامة الفكرية والقول على رؤوس الاشهاد: في أوساط القيادة الاسرائيلية الحالية التي تمثل الاغلبية في الجمهور اليهودي في اسرائيل، يوجد تنفس للصعداء كبير على انهيار المفاوضات.
يحتمل أن يكون نتنياهو مستعدا لتنازلات بعيدة الاثر كي يصل الى تسوية، وإن كان هذا الحسم موضع شك، فليس في داخل حزبه وليس في أوساط شركائه الائتلافيين، أغلبية لخطوة تاريخية. ومن ينظر بدقة الى الواقع السياسي الاسرائيلي يفهم بان تسوية سياسية مع الفلسطينيين متعذرة. من ساعد نتنياهو وكل المعارضين المتشددين لكل مسيرة مهما كانت مع الفلسطينيين ليس سوى ابو مازن بعظمته. هذا خطأ جسيم سيسجل في التاريخ كسخافة فظيعة اخرى.
الاسئلة بالنسبة للمستقبل كثيرة ومعقدة. والاجوبة أكثر من ذلك بكثير. المؤكد هو أن بانتظارنا أحداث محملة بالمصير. أولها هو موضوع مستقبل اسرائيل. واضح للجميع بان اسرائيل تقترب بخطوات هائلة نحو واقع من شأن الدولة القومية اليهودية فيه أن تتحول الى دولة ثنائية القومية، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى. معقول الافتراض بان انصراف ابو مازن من الساحة السياسية الفلسطينية في يهودا والسامرة سيؤدي الى سيطرة محافل متطرفة أكثير بكثير.
لن يتبقى في يد اسرائيل غير اعادة احتلال المنطقة، بما فيها غزة، وهكذا الدفن دفنة عالمية لاتفاقات اوسلو. الويل كم من الناس يتمنى ذلك! اسألوا يعلون، دانون، لفين، ليبرمان، بينيت وكل شركائهم، ويحتمل حتى نتنياهو.
كثيرون من الاسرائيليين واثقون بانه يمكن تدبر الحال حتى دون الولايات المتحدة. وقد صنع لهم ابو مازن جميلا وتسبب في أن يكون يتعين على اسرائيل أن تتصدى وحدها للمشكلة الفلسطينية، على الاقل في السنوات القريبة المقبلة. كل ما تبقى لنا هو أن نتبين اذا كان هذا ما سيتحقق أم لا.