أثر "السكري" في الصيام

مسلمو باكستان يؤدن الصلاة في أحد مساجد إسلام أباد - (أ ف ب)
مسلمو باكستان يؤدن الصلاة في أحد مساجد إسلام أباد - (أ ف ب)

عمان- أجمع العلماء على إباحة الفطر للمريض في الجملة، والمرض المبيح للفطر عند جمهور الفقهاء هو الذي يؤثر في المريض، فيلحقه ضرر أو مشقة غير محتملة، أو زيادة العلة أو تأخر البرء، أو امتداد مدة المرض إذا صام. اضافة اعلان
والذي يُقَدِّر لمريض السكري أن الصيام يضره أو يؤثر فيه في هذه الحالة، هو الطبيب المعالج من أهل الإختصاص، فلا بد إذن من الرجوع إلى أهل الخبرة والإختصاص في هذا المجال، وهذا هو المقرر عند العلماء، قال الطرابلسي: "يجب الرجوع الى قول أهل البصر والمعرفة". أو من خلال التجربة والعادة بمعنى أن تكون المشقة حقيقية لا متوهمة، فمن ظن أنه غير قادر على الصوم من غير أن يجرب نفسه، فهذا لم يتبيَّن له عدم القدرة فعلاً، فالأولى أن يأخذ بالعزيمة وهي الصوم، حتى يظهر له حين التلبس بالفعل عدم القدرة. وإذا عدنا إلى الأطباء من أهل الإختصاص في مسألة صيام مرضى السكري سنجد أنهم قسموا مرضى السكري حسب تأثير الصيام فيهم وشدة الحالة وإمكانية السيطرة على السكر في الدم، وتحمل المريض إلى أربعة أصناف، على النحو التالي:
1 - الصنف الأول: المرضى ذوو الاحتمالات الكبيرة جداً للتعرض للمضاعفات الخطيرة، نتيجة الصيام، بصورة مؤكدة طبياً.
2 - الصنف الثاني: المرضى ذوو الإحتمالات الكبيرة نسبياً للتعرض للمضاعفات نتيجة الصيام، بصورة يغلب على الظن وقوعها طبياً.
3 - الصنف الثالث: المرضى ذوو الاحتمالات المتوسطة للتعرض للمضاعفات نتيجة الصيام.
4 - الصنف الرابع: المرضى ذوو الاحتمالات المنخفضة للتعرض للمضاعفات نتيجة الصيام.
فمرض السكري أنواع متعددة فلا يعطى حكماً واحداً في مسألة الصيام، فهناك مرضى يجب عليهم الصيام، وهناك من يجوز له الإفطار، وهناك حالات تتغير فيها الأحكام بتغير الظروف الأحوال، ويمكن توزيع حالات مرضى السكري، من حيث الصوم وأثره إلى مايلي:
1 - من يقدر على الصوم بلا مشقة، وهم الذين لا تأثير لمرض السكري فيهم، مثل أصحاب الحالات المستقرة، أو ممن يمكنهم السيطرة على السكر ، فهؤلاء الصيام بحقهم واجب، ولا حرج فيه.
2 - من يقدر على الصوم بمشقة محتملة، مثل أصحاب الحالات التي يمكن السيطرة على السكر لديهم، من خلال استخدام عقاقير خافضة للسكر، ولا يؤثر ذلك في مرضه، فهذا يجب عليه الصيام.
3 - من يقدر على الصوم بمشقة غير محتملة، وهم أصحاب الحالات غير المستقرة، وغالباً ما يستخدمون حقن الإنسولين، فهذا يجوز له الإفطار. بل يجب الإفطار وعدم الصيام لبعض المرضى إذا كان الصيام يؤثر سلباً عليهم وهذا التأثير السلبي يظهر بحدوث مضاعفات خطيرة مثل إنخفاض مستوى السكر الشديد، أو الزيادة في حموضة الدم، أو إرتفاع مستوى السكر في الدم، أو الجفاف الشديد وغيرها.
وقد  بحث هذا الموضوع مجمع الفقه الإسلامي الدولي، في دورته التاسعة عشرة في دولة الإمارات عام 2009، حيث جاء في قرار رقم 183(9/19) بشأن مرض السكري والصوم ما يلي:
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) من 1 الى 5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26-30 نيسان (ابريل) 2009، بناءً على وثيقة التعاون القائم بين المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، وذلك انطلاقاً من الإتفاقية الموقعة بين الجهتين، وبعد تكليف المجمع للمنظمة بالقيام بدراسة "مرض السكري وصيام رمضان"، وبناءً على معطيات الندوتين اللتين عقدتهما المنظمة بتاريخ 2 ربيع الآخر 1429هـ الموافق 3 تشؤين ثاني (نوفمبر) 2007، وتاريخ 8 نيسان (إبريل) 2008.

إعداد الدكتور رائد محمود الشوابكه
عضو جمعية رابطة علماء الأردن