أثر تطبيق مبادئ الحاكمية المؤسسية في المصارف التجارية على قرارات المستثمرين في بورصة عمان

عامر إبراهيم يوسف المعشر*

حظي مفهوم الحوكمة باهتمام كبير في السنوات الأخيرة نظراً لدوره في تحقيق الجودة والتميز في الأداء. وزاد الاهتمام بمفهوم الحاكمية المؤسسية (Corporate Governance) في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، وذلك إثر سلسلة من الأزمات المالية التي مر بها العالم، والتي ظهرت بداية في دول شرق آسيا وروسيا والولايات المتحدة في التسعينيات من القرن العشرين، وما شهده الاقتصاد الأميركي من تداعيات نتيجة الإنهيارات المالية والمحاسبية بعدد من أقطاب الشركات المالية والمحاسبية خلال العام 2002.اضافة اعلان
ووقف الفساد المالي والإداري وسوء الإدارة والفجوة الكبيرة بين مرتبات ومكافآت المديرين التنفيذيين في الشركات وبين الأداء المالي لتلك الشركات خلف تلك التطورات، والتي أدت إلى تكبيد الاقتصاد ككل، والمساهمين والمستثمرين بصورة خاصة، خسائر كبيرة، كما أدى الافراط الكبير بالمخاطرة التي قامت بها البنوك والمؤسسات المالية إلى انهيارات مماثلة العام 2008.
وعرفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) (Organization For Economic Cooperation and Development) "الحاكمية المؤسسية" على أنها "النظام الذي تستخدمه المنشأة في عملية الإشراف والرقابة على عملياتها، والتي تمثل النظام الذي يتم من خلاله توزيع الحقوق والمسؤوليات على مختلف الأطراف في المنشأة بما في ذلك مجلس الإدارة والمديرين وحملة الأسهم وأصحاب المصالح الأخرى، كما أنها تحدد القواعد والإجراءات الخاصة باتخاذ القرارات التي تتعلق بالمنشأة، ومن خلال ما سبق يتم التزود بالآلية التي تساعد على تحديد أهداف الشركة والوسائل التي تستخدم في تحقيق تلك الأهداف والرقابة عليها".
وجاءت هذه الدراسة لتوضح وتحلل مدى الأثر الذي تعكسه تطبيقات مبادئ الحاكمية المؤسسية في المصارف التجارية الأردنية المدرجة في بورصة عمان على قرارات المستشمرين.
ويلعب قطاع المصارف التجارية الأردني دورا مهما في الإقتصاد، حيث تشكل قيمته السوقية ما نسبته 35.13 % من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) كما في 30/4/2016، ويعتبر أهم قطاع في سوق رأس المال الأردني، ويمثل ما نسبته 55.67 % من القيمة السوقية لبورصة عمان كما في 30/4/2016 .
وتهدف الدراسة إلى التعرف على أثر تطبيق مبادئ الحاكمية المؤسسية بأبعادها (1- ضمان وجود أساس لإطار فعال للحاكمية المؤسسية، 2- حماية حقوق حملة الأسهم، 3- المعاملة المتساوية للمساهمين، 4- دور أصحاب المصالح، 5- الإفصاح والشفافية، 6- مسؤوليات مجلس الإدارة على قرارات المستثمرين بأبعادها (1- قرارات إدارية، 2- قرارات مالية).
وقد يكون مجتمع الدراسة من جميع العاملين في مجالس الإدارة والإدارة العليا في المصارف التجارية الأردنية والبالغ عددها (13) مصرفاً.
ولتحقيق أهداف الدراسة قام الباحث بتطوير أداة الدراسة (الاستبانة)، حيث اشتملت على 46 فقرة لغايات جمع البيانات الأولية من مجتمع الدراسة، والذي يتكون من 340 فرداً، وقد تم إعتماد المسح الشامل لمجتمع الدراسة، وتم جمع البيانات وتحليلها واختبار الفرضيات باستخدام برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية (SPSS)، وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أبرزها:
يوجد أثر ذو دلالة إحصائية للحاكمية المؤسسية بدلالة ابعادها (ضمان وجود اساس لإطار فعال للحاكمية المؤسسية، حماية حقوق حملة الاسهم، المعاملة المتساوية للمساهمين، دور اصحاب المصالح، الإفصاح والشفافية، مسؤوليات مجلس الادارة) على قرارات المستثمرين في المصارف التجارية الأردنية.
كما توصلت إلى أنه يوجد أثر ذو دلالة إحصائية للحاكمية المؤسسية بدلالة ابعادها مجتمعة على قرارات المستثمرين (قرارات إدارية، قرارات مالية) في المصارف التجارية الأردنية.
كما انتهت إلى أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في قرارات المستثمرين يعزى للمتغيرات الديمغرافية ( الجنس، العمر، عدد سنوات الخبرة، والمؤهل التعليمي).
وأوصت الدراسة على ضوء النتائج السابقة إلى عدد من التوصيات من اهمها: أهمية تعاون الجهات الرقابية والتشريعية في اصدار القوانين والتعليمات الموحدة والخاصة بالحاكمية المؤسسية والزامية تطبيقاتها، ووضع الطرق الخاصة بمراقبة تطبيقها بالصورة الصحيحة من قبل أشخاص متخصصين، وضرورة العمل على اختيار أعضاء مجالس إدارة المصارف بشكل مهني متسق مع مبادئ الحاكمية المؤسسية، وذلك للدور الجوهري الذي يلعبه أعضاء مجلس الإدارة  في تطبيق الحاكمية من خلال وضعهم للاستراتيجيات والأهداف والخطط والرقابة عليها، وأثر ذلك على الأداء.
وأوصت الدراسة بزيادة وعي العاملين بالمصارف وأعضاء مجالس الإدارة والمستثمرين (المساهمين) وأصحاب المصالح بمبادئ الحاكمية المؤسسية وتطبيقاتها من خلال عقد الندوات المتخصصة من قبل الجهات الرقابية وابراز دورالحاكمية في تحسين الأداء الإداري والمالي وحماية حقوق المساهمين واصحاب المصالح وإنعكاس ذلك على القيمة السوقية وقرارات المستثمرين.
وكذلك تحسين ممارسة مبدأ الافصاح والشفافية وخاصة عن الأحداث والمخاطر المتوقعة والتي تؤثر بشكل مباشر على البيانات المالية، وذلك بالوقت المناسب لجميع المستثمرين مما يعزز الثقة للمستثمرين عن اتخاذ قرارهم الاستثماري.
وزيادة الاهتمام باجتماعات الهيئات العامة من قبل مجلس الإدارة والإدارة العليا من خلال الشفافية والوضوح في الرد على استفسارات واسئلة المساهمين، والتواصل معهم لحضور اجتماعات الهيئات العامة.
كما أوصت بزيادة اهتمام إدارة المصارف باصحاب المصالح وزيادة ثقتهم بالمصرف من خلال إعلامهم بحقوقهم والتزاماتهم، وتمكينهم من الحصول على المعلومات اللازمة، واشراكهم في الخطط المستقبلية وتقييم الأداء، ووضع الآليات المناسبة التي تضمن مساءلة ومحاسبة أعضاء مجلس الإدارة من قبل المساهمين واصحاب المصالح.
ونوصي الجهات الرقابية والمؤسسات ذات العلاقة بتطوير مؤشر لقياس مدى تطبيق  الحاكمية المؤسسية في المصارف بصورة خاصة والشركات المدرجة بصورة عامة، وذلك لمساعدة المستثمر في اتخاذ قراراته الاستثمارية بصورة ملائمة.

*دكتوراه الفلسفة في إدارة الأعمال
جامعة العلوم الإسلامية العالمية