أجندة الإصلاح في مهب الريح

تدخل الدورة البرلمانية شهرها الثالث بدون أن تنجز أيا من قوانين الإصلاح السياسي.
قبل شهر تقريبا، تسلم مجلس النواب مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، لكنه ما يزال في مرحلة المناقشات التمهيدية في اللجنة القانونية، ولا يعرف حتى الآن موعد المناقشة العامة تحت القبة. وقانون البلديات المعدل الذي يفترض أن تجرى الانتخابات البلدية على أساسه قبل منتصف العام الحالي، لم يحظ بعد بفرصة لإقراره، رغم أن التعديلات التي أجرتها الحكومة عليه طفيفة وشكلية.اضافة اعلان
لا يقف الأمر عند هذا الحد؛ فمشروع قانون الموازنة العامة الذي تتوقف عليه مصالح الدولة والمجتمع، معلق حتى اللحظة بانتظار تعديلات جوهرية طالبت بها "مالية النواب".
لقد منحت الأغلبية النيابية الثقة للحكومة على أساس برنامجها الذي يعطي أولوية لأجندة الإصلاح السياسي، والتي هي في الأساس محصلة عمل الدولة في العام الماضي. لكن كلا الطرفين، الحكومة والنواب، لم يظهرا حتى الآن الالتزام المطلوب بتنفيذ ما توافقا عليه في برنامج الحكومة.
مجلس النواب غارق في لجان التحقيق، بعد أن سجل رقما قياسيا في تشكيل اللجان، وما من نائب اليوم لا يتمتع بعضوية لجنة تحقيق، بينما لا تستطيع لجان المجلس الدائمة توفير النصاب اللازم لاجتماعاتها.
الحكومة لا تبدو قلقة من مماطلة النواب، ولا تبذل أي جهد لتسريع مناقشة مشاريع القوانين في اللجان؛ فهي الأخرى منشغلة في روتين العمل الحكومي، ومعالجة المتاعب اليومية الطارئة.
لا أميل إلى الاعتقاد بأن هناك تواطؤا منظما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لتأخير إنجاز قانوني الهيئة المستقلة والانتخاب اللذين لم يتم إعدادهما حتى الآن، لكن استمرار العمل بهذا "الرتم" البطيء سيضع الدولة بعد أشهر في موقف محرج؛ فقد أعلن الملك أكثر من مرة أن الانتخابات ستجرى قبل نهاية العام الحالي. السؤال المقلق: ماذا لو اكتشفنا أن الوقت سرقنا وأننا لسنا قادرين على إجراء الانتخابات قبل نهاية العام؟!
لتجنب هكذا موقف، يتعين التفكير بطريقة جديدة تضمن إنجاز التشريعات في الوقت المناسب، وعدم إهدار الوقت في قضايا ثانوية.
الطريقة الوحيدة للتغلب على النهج المتثاقل في العمل، هي تشكيل خلية عمل تضم رؤساء الحكومة والأعيان والنواب، إلى جانب كبار رجال الدولة، يقودها الملك مباشرة، تتولى الإشراف على إنجاز التشريعات في البرلمان، وتذليل العقبات التي تعيق العمل، وتسريع إقرار التشريعات -"دون الإخلال بجودتها"- وخلق مناخ سياسي عام جديد في البلاد يضمن أجواء صحية للانتخابات.
إن خطة تسريع الإصلاحات السياسية تتطلب آليات عمل غير تلك المتبعة حاليا. وبخلاف ذلك، فإن الوقت سيمضي وتتبخر وعود الإصلاح وجداوله الزمنية، كما تبخرت من قبل وعود كثيرة.
عملية الإصلاح السياسي التي انطلقت العام الماضي لم تحقق حتى الآن أي إنجاز ملموس؛ أليس من حق المشككين أن يشككوا؟!

[email protected]