أحلامنا التي كالسراب.. ونظل نسعى وراءها

كم مرة حاولنا أن نكتب لأساتذة اللغة العربية والإنجليزية عن أحلامنا وآمالنا، وما نحب أن نكون عليه؟ فهل ساعدتنا تلك القصص على معرفة ما نريد؟.. ذات يوم، عندما بلغت الثلاثين من العمر، وجدت أنه لم يعد لدي حلم منذ سنوات طويلة، عندما اعتبرت أحلامي ملكا للجماعة التي أنتمي إليها. ولكن ذلك جعلني بلا حلم ولا دليل، وأدركت أن الجماعة التي أنتمي إليها لا تملك حلما، وحاولت أن أجد طريقي.. ولكني بقيت عشر سنوات أخرى أبحث عن طريقي، أدور حول نفسي غير قادر على تعلم ما كان يجب تعلمه قبل سنوات طويلة. واكتشفت عندما بلغت الأربعين أنني بحاجة لأن أتعلم كيف أحلم، ولأجل ذلك يجب أن أنسى السنوات الخمس والعشرين الأخيرة من عمري، وأن أسائل نفسي وأعلمها وأخطط وأفكر كما لو أني في الخامسة عشرة.. واليوم وقد بلغت الخمسين أو كدت، أسائل نفسي عن أحلامي وما أنجزت وما بقي.اضافة اعلان
وجدت أني بحاجة لأن أحلم لنفسي وأسرتي ومجتمعي والعالم أجمع بحياة أفضل وارتقاء دائم بالحياة والرفاه.. كان هذا اكتشافا عظيما وصلت إليه بعد الأربعين!
وأنظر وأراجع نفسي باستمرار فيما حققته لنفسي وأسرتي ومجتمعي والعالم، فأشعر دائما بضآلة ما أنجزت، ولكني أشعر بقدر من الرضا عن وعيي وإدراكي لما أريد أن أحققه بالفعل. جميل هذا الوعي برغم ألمه، وعلى مستوى تطبيقي وواقعي أن أدرك الفرق بين ما حققته وما أريد أن أحققه بالفعل.
وأحسب اليوم أن هذا هو الربيع العربي، وأننا (العرب) لم نكن ندرك أحلامنا؛ فالربيع العربي هو اكتشافنا لحلمنا، ثم للفرق والتيه والغبن، وأننا كنا كمن "زين له سوء عمله فرآه حسنا" ولم نكن نفرّق بين الحلم والكابوس!
كنت مثل معظم/ كل أبناء جيلي نشعر بالإحباط وفقدان الجدوى والمعنى.. وعندما تفتح الربيع وجدنا أن الحياة أجمل مما نظن، ووجدت أن لدي مشروعات وأفكارا كثيرة يمكن العمل على تحقيقها، وأنني كنت قد أنجزت أشياء كثيرة جعلها الإحباط عديمة القيمة.
صحيح أنني أسير أبطأ مما أريد، وتعاندني ظروف العمل والحياة وتصرفني عن إنجازها ولا أملك وقتا كافيا للعمل عليها، ولكني عندما أنظر ورائي أجد قدرا من الإنجاز، وعندما أنظر أمامي أجد فضاءً واسعا لا نهائيا ينتظر أن نخوضه، فآسف على اللحظات التي أهدرناها، وأخشى أن تمر الحياة ولم نلحق بما ندرك ونعي ضرورته وجماله. ولكني أشعر بالأسى والحسرة عندما أكتشف أن ما بذلت من أجله لم يكن جديرا بالوقت والجهد والمال الذي بذل لأجله، وكان أولى لو سلكت في مجال آخر، أو سعيت لأهداف أخرى.
وللأسف الشديد، فإن العمر لا يتسع للتجارب وملاحظة الخطأ وتصحيحه، ولكنا نحتاج للإدراك والتقدير والخيال الذي يساعدنا من غير تجربة.

[email protected]