أخبار مضيئة إبان العتمة والبرد

د. محمد حسين المومني مؤسف انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في عمان بالثلجة الأخيرة. لوث ذلك المشهد برمته بعد أن كانت غالبية الجهات الرسمية قد أبلت بلاء حسنا بالتعامل مع الأوضاع الاستثنائية للطقس. أن يحرم آلاف المواطنين من أهم احتياجاتهم في الشتاء القارس، ويبقون دون إنارة أو تدفئة لساعات طويلة، في مدينة تفاخر بعصريتها وتقدمها، أمر غير مقبول. شباب شركة الكهرباء ترفع لهم القبعات، فقد حاولوا بكل طاقاتهم الإحاطة بالكم الكبير من الشكاوى والأضرار، لكن واضح أن ثمة مشكلة فنية وإدارية على المستوى الكلي للشركة يجب التوقف عندها وحلها. في حال انقطاع الماء (غير المقبول وغير المبرر) كنا نستذكر أن الأردن ثاني أفقر دولة بالعالم بالماء فنصبر، ولكن ماذا نقول في حال انقطاع الكهرباء ونحن من أفضل الدول في هذا الشأن؟ توقع الأردنيون بعد خصخصة الكهرباء وإدارتها بطريقة القطاع الخاص، وحق الامتياز الذي أعطي للشركات، وتحمل خسائرها من قبل خزينة الدولة، أن تكون الخدمات ذات حد أدنى من الجودة. هذا لم يحدث وبات أداء شركة الكهرباء أسوأ من أي دائرة بيروقراطية رسمية فنيا وإداريا. لا بد من التحقيق ومحاسبة المقصرين، وأن تكون هناك رقابة خارجية صارمة على الشركة أنها تقوم بالاستثمار بالبنية التحتية والفنية بالشكل اللائق. ربما تبدأون بمركز الاتصال الذي لا يجيب ولا يعطي نصائح ولا أي شيء حتى بات نكتة يتندر بها الأردنيون. في وسط هذا الحال السيئ، الذي ولد حالة غضب لمن قضوا ساعات ينتظرون النور والدفء في منازلهم، يأتينا بعض من الأخبار السارة. مسيحي أردني يوصل جاره إمام المسجد لكي يقدم خطبة الجمعة، وينتظره ليقله عائدا لمنزله! ما أعظم هذا النبل والقيم والشيم الأردنية الأصيلة. هذا الكم من التسامح والمحبة والمآخاة يطيح بكل ما هو كريه علق بثقافتنا، ويضحد خطاب الكراهية الطارئ على حضارتنا العربية والإسلامية. وبعد ذلك يخرج علينا لعين كريه يقول لنا لا يجوز أن نعايد المسيحيين في أعيادهم. أدعو للاحتفاء بهذا الأردني العظيم وجاره الإمام من قبل الإعلام فهذه قصص نجاح وتسامح ذات أثر عظيم على ثقافتنا المليئة بأمثلة شبيهة. أما الخبر الآخر الكبير والعظيم والذي لم يأخذ حقه في الإعلام بسبب الانشغال بالطقس، فهو قتلُ الجيش 27 إرهابيا حاولوا تسلل الحدود لتهريب المخدرات التي هي مصدر دخل الإرهاب الأساسي. جنودنا البواسل حمو أرضنا وترابنا من أن يدنس من قبل الشر، وقد كان واضحا أن تغيير قواعد الاشتباك أسهم في إحقاق نتيجة حاسمة. جيشنا يخوض معركة يومية مع الشر والإرهاب والتهريب، والمليشيات التي تغذي وتعتاش على المخدرات على خط حدودنا المباشر. الجيش العربي يقوم بضعف الجهد الذي تبذله الجيوش في الحفاظ على أمن الحدود، لأن الحدود تحمى عادة من جيشين على طرفي الحدود، ولكن في حالة حدودنا مع سورية فقط الجيش العربي هو من يحميها لانسحاب الجيش السوري لمراكز المدن. جهد عظيم جبار يقوم به جنودنا في هذا البرد القارس، وأقل واجب لهم علينا أن نحمي ظهورهم ونرتب بيتنا الداخلي، ونقدم أداء يرتقي ولو قليلا لما يقدمونه.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

اضافة اعلان