أخطر مراكز الأبحاث التي تصنع السياسة الأميركية

مروان سمور

المتتبع للمشهد السياسي الأميركي وطبيعة صناعة القرار فيه، يرى بوضوح أن مؤسسات ومراكز البحث والتفكير «think tanks» قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من منظومة صناعة القرار الأميركي، فمن بين العديد من المؤثرات يبرز الدور الكبير الذي تلعبه مراكز البحث والتفكير في صناعة الإستراتيجية الأميركية للأمن القومي.اضافة اعلان
وتعتبر الأبحاث والدراسات العلمية الرصينة من أهم الركائز التي يعتمد عليها السياسيون ومتخذو القرارات في دول العالم المتقدم.
وفيما يلي سنرصد أبرز واخطر مراكز الابحاث التي تصنع السياسة الاميركية، ونسلط الضوء على توجهاتها وداعميها ومدى تأثيرها:
معهد بروكينغز: تأسس المعهد العام 1916، ومقره في العاصمة واشنطن، ويحتل المعهد المركز الأول بين مراكز الفكر في اميركا والعالم، ويُعد أحد أكثر مراكز الفكر تأثيرًا في السياسات الأميركية، والتوجه العام للباحثين فيه يميل لليبرالية، وإلى الحزب الديمقراطي.
أسهم معهد بروكينغز في إنشاء الأمم المتحدة ومشروع مارشال ومكتب الميزانية التابع للكونغرس، إضافة إلى دوره في السياسات المؤثرة للإصلاح الضريبي المستند على الخارج وإصلاح الرفاهية والمساعدة الخارجية.
ونائب الرئيس التنفيذي للمعهد فهو الدبلوماسي المعروف «مارتن إنديك». واما المراكز التابعة للمؤسسة فهي : مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط، مركز بروكينغز الدوحة: مقره في قطر، المبادرة الأمنية في القرن الـ21.
مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: تأسست المؤسسة العام 1910، ومقرها في العاصمة واشنطن، وهي المؤسسة الفكرية الدولية الأقدم في اميركا.
وتمتد مؤسسة «كارنيغي» بفروعها الخمسة في واشنطن وموسكو وبيروت وبكين وبروكسل. ولا تُحسب المؤسسة على انتماء سياسي بعينه.
وتنشر المؤسسة (نشرة الاقتصاديات الدولية، وبرو-إت-كونترا بالروسية وشهرية بصائر الصين بالصينية ونشرة السياسة النووية ومجلة صدى باللغة العربية).
مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: تأسس المركز العام 1962، ومقره في العاصمة واشنطن، ويُعد المركز في المرتبة الرابعة عالميا. ويضم باحثين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
أما تمويله فقد كان لدى المركز عائدات بقيمة 33.2 مليون دولار، للسنة المالية 2012.
وأما أشهر باحثيه، فهم هنري كسينجر، وزبيجنيو بريجنسكي، وويليم كوهين.
مؤسسة راند: تأسست المؤسسة العام 1948، ومقرها في كاليفورنيا، وقد بدأت كمشروع مموّل من سلاح القوات الجوية الأميركية، ومن ثم قامت شركة فورد بتمويلها، وتعمل المؤسسة بالتعاون مع الحكومة الأميركية ومع حكومات أخرى او مع هيئات دولية او اهلية. وتملك بالاضافة لمقرها في كاليفورنيا 9 مقرات حول العالم. وايراداتها لعام 2019 بلغت 345 مليون دولار.
والجدير ذكره أن 32 حاصلا على جائزة نوبل، خصوصا في الاقتصاد والفيزياء، كان لهم علاقة أو ارتباط على نحو ما بمؤسسة راند خلال تاريخهم المهني.
مجلس العلاقات الخارجية: تأسس المجلس في العام 1921، ومقره في نيويورك وايضا مكتب في العاصمة واشنطن، ويعد أحد أكثر المراكز تأثيرًا في السياسة الخارجية في أميركا، ويقدم استشارات للهيئات الحكومية والاستخباراتية الأميركية.
والمجلس لا يمكن تصنيفه على أي من الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري، وينشر عن المجلس مجلة نصف شهرية وهي «مجلة الشؤون الخارجية»، والمجلة الشهيرة «فورين أفيرز». اما تمويله، فلدى المجلس هبات تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار. وتاريخيا ساهم باحثوه بصياغة استراتيجية خطة مارشال والحرب الباردة.
إن ظهور مراكز البحث والتفكير كلاعب مهم في مجتمع صانعي الإستراتيجية الأميركية، يدلنا على مدى تأثير هذه المجموعة المنظمة من المؤسسات في بيئة صنع الإستراتيجية الأميركية.
وفي هذا السياق يقول الباحث الاميركي ريتشارد هاس: «من بين العديد من الجهات التي تمارس التأثير في صياغة السياسة الخارجية الأميركية، تعد مراكز البحث ودراسة السياسات الأكثر أهمية والأقل حظوة.»
ويتجلى تأثير هذه المراكز - ومدى خطورتها- على توجهات التفكير الإستراتيجي الأميركي تجاه كثير من القضايا، كمشروع مارشال والحرب الباردة وقضايا الشرق الاوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومحاصرة ايران وحلفائها، وايضا اكثر دلالة على تاثيرها تغير التوجهات الاميركية نحو الصين في عهد ترامب، ومحاولة احتوائها بشتى الطرق.