أدوية ممنوعة للإجهاض.. أبطالها سماسرة وكوادر صحية

رسم تعبيري حول الإجهاض غير الشرعي - (MCT)
رسم تعبيري حول الإجهاض غير الشرعي - (MCT)

تحقيق: مجد جابر

عمان- ألم وحسرة وندم.. مشاعر تستحوذ على نيرمين (اسم مستعار)، التي اختارت أن تتزوج عرفيا فنتج عن ذلك حمل حوّل حياتها إلى جحيم اجتماعي وأسري لا ينتهي.اضافة اعلان
والواقع، أنه لم يكن ضمن حسابات نيرمين العاطفية، وبهجة الأجواء الأسرية التي عاشتها مع زوجها بعقد عرفي لمدة 8 أشهر، أن يتحطم كل ذلك لدى سماعها صوت مباركة طبيبتها النسائية، بأنها "حامل" منذ 8 أسابيع. 
وما إن سمعت بذلك حتى سيطرت حالة من الغضب والعصبية والتوتر على الزوجين، إلى أن توصلا بعد تفكير طويل إلى "ضرورة التخلص من الجنين بأي طريقة، ولو عبر عملية جراحية أو أدوية غير مرخصة" ولو أودى ذلك بحياتها.
وبعد أن غاب زوج نيرمين عنها ثلاثة أيام، عاد ليزف لها "خبرا سعيدا" بأنه توصل إلى "طريقة آمنة وسهلة للتخلص من الجنين، من دون الذهاب إلى المستشفى عن طريق تناول حبوب تباع في سوق الأدوية المهربة".
ولأن الوقت لم يكن يمضي في صالح نيرمين لكي تتخذ قرارا صائبا حول مصير حملها، حسب قولها لـ"الغد"، فقد وافقت على الفور على الطريقة، فاتصل زوجها بالسمسار مباشرة، وفوجئ بأن سعر الحبة الواحدة يبلغ 60 دينارا.. وأن السعر نهائي.
عدة أيام مضت حتى تمكن الزوج من شراء الدواء، وفق نيرمين، التي أكدت أن زوجها تواصل مع سمسار أدوية الإجهاض لاتباع إرشادات الاستخدام للدواء غير المرخص، تفاديا لحدوث أي مضاعفات جانبية.
وفي أول تجربة لها اضطرت نيرمين إلى تناول الحبوب رغما عنها، فشعرت بمضاعفات جانبية خفيفة، لكنها حققت هدفها وتخلصت من جنينها.
وتضيف أن ذلك جعل الأمر يبدو سهلاً لكليهما، حيث كررت استخدام الدواء نفسه ثلاث مرات أخرى لإجهاض أجنة ناتجة عن حمل مماثل.
غير أن المأساة بالنسبة لها، والتي اعتبرتها نيرمين "نهاية حياتها"، كانت لحظة ذهابها للطبيب الذي أخبرها أنها باتت تعاني من عقم بسبب المشاكل والمضاعفات التي حدثت من كثرة الإجهاض.
وبعد مرور 5 أعوام من إجهاضها الاخير، ما تزال تعيش نيرمين وحدها، رافضة أي عرض زواج يدق بابها، إذ انفصلت عن زوجها الذي تغيرت ظروفه واضطر للانصياع لأوامر أهله والزواج من قريبته زواجا شرعيا.
ممرضات وأطباء يروجون لدواء الإجهاض
تختلف تجربة أم خليل (اسم مستعار) عن نيرمين، إذ خاضت هي وزوجها هذه التجربة بطريقة مختلفة، فهي أم لطفلين، وحملت بطفلها الثالث، الا أنها وهي في شهرها الثاني ذهبت لطبيبها الذي أخبرها أن الجنين أصغر من حجمه بكثير ولا بد من أن يتم إجهاضه، ونصحها بالذهاب الى قسم الطوارئ في أقرب مستشفى.
اتجهت أم خليل هي وزوجها فوراً الى  طوارئ أحد المستشفيات الخاصة، من أجل البدء بإجراء عملية الإجهاض، لكن قبل اتخاذ القرار النهائي، دخلت عليها اثنتان من الممرضات، إحداهما من قريباتها، وقالت لها: "لا داعي للدخول للمستشفى وتحمل تكاليف العملية الباهظة، في حين يمكنك الحصول على نفس النتيجة في بيتك".
وباسترسال طويل، بدأت الممرضتان بالتحدث عن حبوب الإجهاض "سايتوتيك "، وأن هناك "شخصا يقوم بتأمينها، حيث يحصل عليها عبر التهريب من مصر أو فلسطين أو قبرص، كونها لا تباع في الصيدليات الأردنية، ويمكن أن تتناولها الحامل في البيت بسهولة تامة، ودون أي تكاليف سوى سعر الحبوب".
ورغم اقتناع أم خليل بهذه الطريقة السريعة، غير أن زوجها رفض بشدة أن يعرض حياة زوجته للخطر، معتبرا استخدام هذا الدواء المهرب "غير قانوني".
وهذا الدواء، بحسب التعريفات العلمية له، يستخدم اصلا لعلاج قرحة المعدة ويحتوي على مكون "misoprostol"، لكنه يستخدم من قبل البعض للاجهاض، حيث يؤدي إلى انقباضات في الرحم، وينجم عنه إسقاط الجنين، ويعد هذا النوع هو الأشهر استخداما في العالم العربي للاجهاض غير الشرعي.
أما عبير (اسم مستعار) فلها تجربة مغايرة، من حيث شدة الألم النفسي والجسدي الذي أصابها بعد تناولها الأدوية، إذ تقول بحرقة شديدة لـ"الغد": "صدمت كثيرا عندما أخبرتني طبيبتي أن جنيني مشوه في رحمي ولا بد من الإجهاض حفاظا على حياتي، ونصحتني بتناول حبوب "سايتوتيك"".
ووثقت عبير بطبيبتها التي أوصتها بضرورة تناول الدواء على مدار أسبوعين متواصلين، على أن تبدأ بتناول خمس حبات في اليوم الواحد.
غير أن مضاعفات الدواء أصابت عبير بسوء كبير، إذ بدأت تصاب بعدم التركيز، فلا تشعر بما يدور حولها، حتى وصل بها الأمر حد أن تغيب عن الوعي تماماً.
وعلى الرغم من مضي أكثر من ستة أشهر على هذه الحادثة غير أن عبير ما تزال تعتمد إلى الآن على المقويات والفيتامينات للتخلص من آثار الدواء السابق.
واذا كانت عبير استمعت لأوامر طبيبتها فتدهورت حالتها الصحية فإن هناك بعض الأطباء ممن يستغلون العلاقات غير الشرعية والزواج العرفي من أجل التسويق لمثل هذه الأدوية الخاصة بالإجهاض.
وينتعش بيع هذه الادوية التي تستخدم للإجهاض غير الشرعي في "السوق السوداء"، وهو ما يشكك بدقة تاكيدات أطباء اختصاص ومسؤولين، من أن هذه الأدوية غير متوفرة في متناول اليد، ويحظر دخولها الى الأردن منذ فترة طويلة جداً.
وكانت المؤسسة العامة للغذاء والدواء حظرت قبل عدة أعوام استخدام أدوية الإجهاض، مستثنية المستشفيات، شريطة أن يصفها الطبيب المختص، بعد أن تخضع المريضة لعدة فحوصات ترفق مع الوصفة.
والغريب أن هؤلاء السماسرة لا يخضعون لأي مساءلة قانونية تردعهم عن تسويق هذا المنتج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما تؤكده مندوبة "الغد"، التي آثرت أن تتقصى الأمر عبر متابعة بعض "السماسرة" الذين أكدوا عبر اتصالات هاتفية أن "لديهم القدرة على توفير هذا الدواء لمن يريده".
ترويج أدوية الإجهاض عبر "الإنترنت"
تنتشر اعلانات ترويجية باستمرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي لبيع هذه الأدوية مع خدمة التوصيل المجاني، إلى جانب أن هناك كثيرا من المواقع التي أدرجت الطريقة المثلى لاستخدام الدواء.
مندوبة الغد" تحدثت مع أحد المعلنين على "فيسبوك"، ويدعى "أحمد"، والذي بين بأنه "يوفر حبوب الإجهاض المنزلي "سايتوتيك"".
في بداية الاتصال ادعت (كاتبة هذا التحقيق) أنها "بحاجة الى هذه الحبوب على وجه السرعة للتخلص من حملها بسبب مشاكل أسرية بينها وبين زوجها"، إلا أنه قام بالرد عليها بأن هذا الدواء "لا يعطى سوى بوصفة طبية مشروعة، كونه لا يوصف إلا للمرأة الحامل التي يتوفى جنينها في رحمها، ولا بد من زيارته في المستشفى".
لكن بعد مرور نصف ساعة على انتهاء المكالمة الهاتفية بينهما، اتصل الشخص نفسه (الدكتور أحمد)  قائلا: "بدي أساعدك لوجه الله، وسأدلك على الشخص الذي يوفر لك الدواء، لكن بشرط أن تعطيه الأمان، وأن تحلفي يمينا بأنك لن تخربي بيته ولن تورطيه في أي مشكلة مهما حدث، ولا بد أن تأتي لرؤيته ولو لمرة كي يتأكد من هويتك".
وبعد الموافقة على شروطه، تبين أنه "طبيب عام في أحد المستشفيات الحكومية"، حسب مزاعمه، وأنه "سيوفر لها الحبوب لكن بوصفة طبية، بعد أن يقنع زميله الطبيب المختص في المستشفى ذاته بأن يكتبها له، وأنه من المستحيل إخراج الدواء من المستشفى بغير هذه الطريقة".
قام الطبيب بسؤالها عدة أسئلة صريحة، منها "إذا كانت فعلاً متزوجة أو حاملا بطريقة غير شرعية"، و"إن كان الجنين حيا أو ميتا في بطنها"، وعن مدة حملها، مفسرا ذلك بأنه إذا كانت مدة الحمل ستة أسابيع فقد تحتاج إلى 8 حبات، والحبة ستباع بـ 30 دينارا، فيكون المبلغ الإجمالي نحو 240 دينارا.
وأكد موزع الدواء لـ"الغد" أن نتائجه "مضمونة 100 %، وأنه يؤخذ في المهبل وتحت اللسان"، مضيفا: "عند مرحلة تسليم الدواء وجها لوجه سأعطيك طريقة الاستخدام السليمة، مع المتابعة على الهاتف حتى تتم عملية الإجهاض".
ولم تكتف "الغد" بإثبات هذه الظاهرة من خلال التوصيل المباشر لدواء الإجهاض "ديلفري" على غرار الوجبات الغذائية السريعة، بل قامت بالاتصال بموزع آخر نشر هواتفه الدولية عبر "الإنترنت"، والذي يؤكد أنه "يوزع في أغلب الدول العربية".
 وعلى غرار تجربة الموزع الأردني، سأل "الدولي" مندوبة "الغد" الأسئلة ذاتها، لتشخيص الحالة الصحية عن بعد، وتمحورت حول مدة حملها حتى يحدد "كورس" حبوب الإجهاض لها، موضحا أن 10 حبات منه تباع بـ250 دينارا.
وحسب قوله، فإن خدمة توصيل الحبوب لها ستكون مجانا، على ان يتم تحديد أقرب منطقة يتفق عليها الاثنان بعيدا عن منزلها.
وأكد المورد الدولي في جميع مكالماته الهاتفية أن حبوب الإجهاض التي يبيعها "أصلية غير مزورة أو مقلدة، ومن تصنيع شركة "فايزر" الدولية".
تشويه سمعة الجسم الطبي
يرى الناطق الرسمي لنقابة الأطباء مستشار وزير الصحة الدكتور باسم الكسواني، أن معظم تلك الأحداث عبارة عن "افتراء على الأطباء، وهو ما تبين بعد مراقبة عدة حالات ظهر من خلالها أن الطبيب لا علاقة له بالأمر".
ويضيف الكسواني: "إلى جانب ذلك فإن كثيرا من السيدات يتناولن هذه الأدوية على عاتقهن الخاص بدون الذهاب إلى الطبيب أصلاً"، لافتاً إلى أن هذا الدواء "قد يوصف لأغراض طبية أخرى مثل آلام المعدة والقرحة".
ويقول: "بما أن عملية الإجهاض محرمة شرعاً وممنوعة قانوناً، فلن يعرض أي طبيب نفسه للمساءلة القانونية ويجازف بمهنته"، مؤكداً أن هذا الدواء "لا يصرف سوى بوصفة مصدقة من طبيب كونه غير متواجد في أي مكان".
ويجد الكسواني ان هناك "مبالغة كبيرة في الترويج لهذا الدواء غير المرخص، وقد يعود ذلك بالإساءة على الجسم الطبي الأردني"، داعيا إلى "التبليغ عن هذه التجاوزات فورا للجهات المعنية، من أجل المصلحة العامة".
وحول العقوبات المنصوص عليها بحق الأطباء الذين يروجون لهذا الدواء من دون الحاجة إليه، أكد الكسواني أنه "يتم تطبيق العقوبات القانونية، ابتداء من التنبيه وصولاً الى شطب الطبيب من سجل الأطباء الممارسين".
ويضيف أنه "لم ترده أية شكاوى حول هذا الموضوع إطلاقا".
بدوره، يؤكد الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة حاتم الازرعي لـ"الغد" "عدم وجود سجل رسمي يرصد عمليات الإجهاض" لافتا الى أن "كل مستشفى تتم فيه العمليات حسب قانون الصحة العامة يسجل الحالات التي أشرف عليها".
قانون "الصحة" "يحظر الإجهاض
تشير المادة 12 من قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008 المنشور في الجريدة الرسمية، إلى أنه: "يحظر على أي طبيب وصف أي شيء بقصد إجهاض امرأة حامل أو إجراء عملية إجهاض لها، إلا إذا كانت عملية الإجهاض ضرورية لحمايتها من خطر يهدد صحتها أو يعرضها للموت، على ان يتم ذلك في مستشفى وفق شروط عديدة".
ومن هذه الشروط: "موافقة خطية مسبقة من الحامل بإجراء العملية، وفي حالة عدم مقدرتها على الكتابة أو عجزها عن النطق تؤخذ هذه الموافقة من زوجها أو ولي أمرها".
وشدد القانون على توفر شهادة من طبيبين مرخصين من ذوي الاختصاص والخبرة، تؤكد "وجوب إجراء العملية للمحافظة على حياة الحامل أو صحتها، بالإضافة إلى ضرورة تضمين قيود المستشفى اسم الحامل وتاريخ إجراء العملية ونوعها، والاحتفاظ بالموافقة الخطية".
من جهتها، أوضحت الناطق الإعلامي للمؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتورة هيام الدباس، أن "دواء الإجهاض الذي يستخدم لاستطبابات غير واردة في نشرته الداخلية تم إلغاء تسجيله بناءً على طلب من الشركة الصانعة، لعدم توفر الدراسات السريرية التي تؤكد على سلامة استخدامه للإجهاض
( Off Label use)، بمعنى استعمال علاج غير مذكور في استطبابته أنه يعالج أو يسبب حالة أخرى".
وتضيف الدباس: "نتيجة لتكثيف الرقابة من خلال الجولات التفتيشية للصيادلة المفتشين على الصيدليات، لم يتم ضبط مثل هذه الأدوية لهذا العام".
وأوضحت أن المؤسسة "ليست الجهة المخولة بسحب وكالة أي شركة من أي وكيل، حيث إن من حق الشركة الصانعة أو المالكة لحق التسويق للمستحضر أن تقوم بتعيين وكيلها في الأردن بناءً على سجل وكالة تجاري من وزارة الصناعة والتجارة".
وتضيف: "أما فيما يتعلق بدور المؤسسة فهو إلغاء أو تعليق تسجيل أو سحب الأدوية بناءً على معلومات تتعلق بالسلامة الدوائية أو الجودة أو الفعالية للأدوية، أو بناءً على طلب مبرر من الشركة الصانعة والوكيل".
ووفق الدباس "تصدر المؤسسة تعاميم رسمية بشكل مستمر لكافة العاملين في القطاع الصحي بخصوص التأكيد على طريقة صرف ووصف الأدوية حسب الاستطبابات الواردة في نشراتها الداخلية، اضافة الى إعلامهم بكافة المستجدات العلمية بخصوص أي مستحضر مسجل في الأردن".
صيدليات فارغة من الدواء
في عينة عشوائية شملت ما يزيد على (10) صيدليات في مختلف محافظات المملكة تم التواصل معها لمحاولة شراء الدواء، أكدت جميعها أن الدواء غير متوفر في الأردن، إلا أن بعضها أشار إلى "احتمالية الحصول عليه إما من سورية أو لبنان بأسعار رخيصة لا تتجاوز 10 دولارات (7دنانير أردنية) أو عن طريق بعض المستشفيات التي تصرفه بوصفة طبيب فقط"، فضلا عن أن "قرار منع تداول أدوية الإجهاض مضى على إقراره أكثر من عشرة أعوام"، بحسب تأكيدات صيادلة آخرين.
وحول رأي المستشفيات الخاصة والحكومية، أوضح نقيب الأطباء السابق رئيس جمعية المستشفيات الأردنية الدكتور زهير أبو فارس أنه "على الرغم من أي حالة نزف لسيدة في عمر الإنجاب، تكون محولة بالعادة من طبيبها الخاص لغايات إجهاض جنينها بعد بيان الأسباب، إلا أنه يتم استدعاء اختصاصية نسائية وتوليد من قبل المستشفى حتى تقوم بفحصها والتأكد من حالتها الصحية".
وأشار أبو فارس، وهو اختصاصي في النسائية والتوليد، إلى أن "المبرر الوحيد للإجهاض هو أن يكون هناك خطر على حياة الحامل من خلال عدة تقارير من أكثر من طبيب، وبعدها تحول الى لجنة الأخلاقيات الطبية لتقتنع بالسبب، ثم يتم الإجهاض".
ويوضح أسباب اتخاذ قرار الإجهاض: "إما أن تكون هناك خطورة على الأم أو أن الجنين نفسه في وضع غير مناسب ولا يمكن أن يعيش، أو أن يكون استمرار الحمل مضيعة للوقت وقد يؤثر على صحة الأم".
ويضيف: "في حال أي شك أن الحالة فيها تلاعب، يتم تبليغ ادارة المستشفى، حيث تجرى فحوصات كاملة مرة أخرى، ولا تحول للعملية دون أن التأكد من أن الجنين لا يوجد فيه نبض"، لافتاً إلى أنه "حتى لو كان لدى الأم نزف ويوجد نبض عند الجنين فيوقف النزيف ولا يجهض الجنين".
أدوية غير مستخدمة لإجهاض الأجنة
يشير الدكتور أبو فارس في حديثه لـ"الغد"، إلى أن المستشفيات لا تصرف أدوية غير معدة أساسا للإجهاض إلا بوصفة خاصة وبرقابة شديدة كونها أدوية "ممنوعة"، مبيناً أن هناك "من يسوق لها ويستخدمها كتجارة، الأمر الذي يحتاج الى رقابة من قبل الجهات الصحية والأمنية للسيطرة على تجار السوق السوداء".
ويوضح أن هذه الأدوية "لعلاج المعدة وليست للإجهاض، واستخدامها بكميات كبيرة في ظروف بعيدة عن المستشفى والمراقبة قد يسبب نزفا شديدا للمرأة، ويؤدي إلى فقر في الدم ويعرض حياتها للخطر".
أما اختصاصي النسائية والتوليد د.جميل شعبان فيؤكد أن "الأطباء الذين يقومون بوصف أدوية الإجهاض للمريضات، هدفهم الكسب المادي، بعيدا عن أخلاقيات المهنة الطبية الإنسانية"، موضحا "أنها أدوية ممنوعة، لأنها تجهض المرأة، والإجهاض بدون سبب ممنوع في الأردن".
ويشير شعبان الى أن هذا الدواء "اخترع من أجل آلام المعدة والقرحة، والآثار الجانبية له هي الإجهاض، إلا أنه بات يستخدم من أجل الاجهاض بشكل رئيسي"، مبيناً أنه دواء "مسموح في المستشفيات ومتوفر فيها، لكن يستخدم بعد تشخيص طبي صريح".
في حين أكدت إحدى الممرضات أنها، ومن خبرتها الطويلة التي تتجاوز 15 عاماً في أحد المستشفيات الخاصة "لم تر أيا من أدوية الإجهاض في صيدلية المستشفى، إلا أن الطبيب نفسه كان بعد أن يشخص الحالة ويجد أنها بحاجة الى أي من هذه الأدوية، يقوم بكتابة الدواء لصرفه، أو أنه في أغلب الأحيان يقوم الطبيب بذاته بإحضار الدواء للمريضة بطريقته الخاصة وتحت إشرافه اذا كانت الحالة بحاجة فعلاً إلى الدواء".
المكافحة والتهريب
من جهته، يؤكد الناطق الإعلامي لمديرية الجمارك العامة العقيد جهاد الحجي، أن هذه الأدوية "محرمة دولياً ولا يمكن أن تدخل البلاد، بسبب تدابير جمركية مشددة"، لافتا الى أنهم "لا يتدخلون بما يتم منعه وإجازته، كون ذلك من اختصاص وزارة الصحة".
ويشير العقيد الحجي الى أن "أي أدوية لا بد أن يتم عرضها على مؤسسة المواصفات والمقاييس ومؤسسة الغذاء والدواء ووزارة الصحة، وفي حال إجازتها يتم السماح بدخولها، وإلا يتم إتلافها أو إعادة تصديرها، لافتاً إلى أنه "حتى الآن لا توجد لديهم أي قضايا تهريب لمثل هذا النوع من الأدوية".
بدوره، بين مصدر رسمي فضل عدم ذكر اسمه أن أدوية الإجهاض "تدخل الى المملكة مهربة ويتم ضبطها في المناطق الحدودية".
ويضيف المصدر أنه "يتم تهريب هذه الأدوية بطرق فردية، من خلال حقائب بعض السيدات اللواتي يزعمن أنه للاستعمال الشخصي".