أزاوج يتعمدون "خدش" كرامة النساء بألفاظ مسيئة

Untitled-1
Untitled-1

مجد جابر

عمان - شعرت هبة أحمد بسعادة كبيرة وهي تراقب زوجين كبارا بالعمر، وهما يتناولان القهوة بجانبها في أحد المحال، ويتبادلان الأحاديث بانسجام، لكنها تفاجأت بعد لحظات من وتيرة الصوت المرتفع والنقاش المحتد، لينهي الزوج الجدل بكلمتين وجههما لشريكته "سكري تمك بكون أحسن".اضافة اعلان
الصدمة وقعت على هبة التي اعتبرت أن الزوج تحول في لحظة من رجل حضاري محب لزوجته يقضي وقتا ممتعا معها ويشاركها أفكاره، إلى شخص متنمر قاس يقلل من احترامها ويهينها دون أي أدنى شعور بالخجل.
وتضيف هبة أن ردة فعل الزوجة كانت الصمت والالتفات لمن حولها بخجل، لترى اذا كان أحد قد سمع اهانتها، وجلست في مكانها ساكنة وكأنها "تلميذة معاقبة"
استغربت هبة من هذا الزوج الذي أعطى الحق لنفسه بإهانة زوجته التي عاشت معه كل هذا العمر ولا تستحق منه سوى كل الاحترام والتقدير والمعاملة الحسنة.
ولم تستطع سرى عبدالله أن تغير أسوأ صفة بزوجها رغم أنه انسان جيد ومحب لأسرته، لكنه حينما يفقد أعصابه يبدأ بسيل من الألفاظ المؤذية سواء أمام الأولاد أو عائلته، وهو الأمر الذي يعرضها للحرج بشكل كبير.
أقل كلمة يلجأ إليها زوجها حينما يغضب "اخرسي" أو "سدي بوزك"، ما يحرجها بشكل كبير. وفي إحدى المرات لم تتحمل اهاناته وذهبت لمنزل أسرتها، غير أن كل من حولها نصحها بتحمله، فهذه الخصلة ليست بالأمر العظيم الذي يستحق أن تُحدث مشكلة من أجله.
تقول سرى أن مكانة زوجها لديها بدأت بالانهيار، وأصبحت تفقد يوما بعد يوم حبها واحترامها له. هي، لم تكن تحب على الاطلاق أن تصل الى هذه المرحلة، غير أن اسلوبه هو الذي اوصلها الى هنا، كما تقول.
الطبيبة فاطمة لا تختلف تجربتها مع زوجها عن غيرها من ذات النماذج، ورغم أنه يعمل مهندسا وحاصل على شهادة الماجستير، إلا أنه يتعمد مناداتها أمام أبنائها بألفاظ مسيئة تقلل من شأنها، وهو الأمر الذي ترك في نفسها أذى نفسيا كبيرا لم تستطع تجاوزه على الاطلاق.
وتقول فاطمة بأنه لا يراعي أبدا حدود الأدب معها، ولا تعرف سبب تعمده لمناداتها بهذه الطريقة امام ابنائها سواء على الهاتف او في المنزل، مبينةً أنها لا تستطيع أن تغفر له هذه التصرفات، لكنها بذات الوقت لا تريد أن تترك أبناءها وتهدم البيت.
تلك بعض من حالات لتصرفات أزواج يعمدون التقليل من احترام المرأة واهانتها المتعمدة أمام الجميع دون أي مراعاة لها أو للدور الذي تقدمه.
ويرجع اختصاصيون ذلك الأمر بمبدأ "السلطة" الذي يحب الأزواج أن يمارسوه على زوجاتهن وكأنه شيء من حقوقهم، لافتين إلى أن هذه التصرفات هي إهانة مباشرة للزوجة ولها آثار نفسية كبيرة في نفسها أكثر من أي نوع عنف آخر، والنتيجة تضاعف الخلافات وازدياد المشاكل وفقدان الاحترام.
الباحث والمستشار في قضايا المرأة المحامي عاكف المعايطة، يبين أن الاستشارات التي يتابعها وقضايا الشقاق والنزاع والحالات التي تمر عليه، كشفت أن أغلب الأزواج الذين يقومون بإهانة المرأة بهذه الطريقة، يعتبرون أنها حق من حقوقهم ولهم سلطة عليها.
وللأسف، هناك مجموعة كبيرة يبررون هذه التصرفات ولا يعتبرونها اساءة، مبيناً أن هذه القضايا ليست مقتصرة على فئة معينة بالمجتمع، على العكس هناك اشخاص على درجة عالية من العلم والثقافة، وزوجاتهم ذات الشيء ويقومون بهذه التصرفات.
ويشير المعايطة إلى أن الكثير من الزوجات يخترن السكوت بسبب الأولاد والمحافظة على الأسرة، الا ان هذا االسكوت عواقبه كبيرة لأن فيه تماد أكبر، وهذا النوع من التعنيف يترك اثره النفسي على الزوجة أكثر من أي عنف آخر.
وتؤكد اختصاصية الارشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجية د.سلمى البيروتي، أن هذا الاسلوب ينتشر بكثرة بين الأزواج، مبينةً أنه "عنف" يمارسه الأزواج ويتسبب بالكثير من المشاكل في الحياة الأسرية.
وتشير الى أن المشكلة تكمن بالأزواج الذين لا يشعرون بأنفسهم عندما يبدؤون بالإهانة والانتقاد أو السخرية او التهكم، أو أي من تلك الأساليب التي لها وقع سلبي كبير على الطرف الآخر الذي يشعر بتدني قيمته وأهميته واحترامه.
وتعتبر أن الأصل أن يكون الأسلوب بين الزوجين عبارة عن قناة تواصل ومشاعر ايجابية فيها تقدير واحترام، وليس ايصال مشاعر سلبية تعتمد على احتقار للطرف الثاني.
وتشير البيروتي إلى أن فن الاصغاء والحوار مفقود لدى الكثير من الأزواج، ولا بد من اعادة التوعية بذلك، مبينةً أن هذا الاسلوب يوقع الشريكين بدائرة تسمى "الدائرة الخبيثة"، فالزوجة تسمع الإهانة وتبقى صامتة وتراكم الأمور بداخلها، وبعد ان يعود هو للتحدث بشكل طبيعي تكون هي متحاملة عليه، ومع الوقت تبدأ المشاكل بالظهور بينهما.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي الى أن ذلك يسمى "عنف لفظي" والذي يعتبر من أشد وأسوأ أنواع العنف الذي يمارس من قبل الرجل اتجاه زوجته، مبيناً أن الكلمة تترك آثارا كبيرة على الشخص قد لا تمحوها الأيام.
ويعتبر أن إهانة الزوجة بألفاظ مسيئة، يسبب أذى نفسيا كبيرا من الصعب نسيانه أو تجاهله، خصوصاً عندما يصدر ذلك من الشخص الذي من المفترض أن يحترمها ويقدرها.
ويشير الخزاعي أن السبب الرئيسي لاتباع العنف اللفظي المصحوب بالألفاظ البذيئة والجارحة التي تمارس من اجل التعنيف، هو الانتقاص من قيمة الطرف الثاني وبث الرعب في نفسه، وذلك مرده التنشئة الاجتماعية التي تعرض لها الزوج في طفولته وطريقة تعامل والده مع والدته.
كذلك، هناك من يعتبرها نوعا من أنواع الرجولة، ومنهم من يرى أنها هروب من الواقع ومن أخطائه فيرد بهذه الطريقة، وآخرون يسمعون من أقرانهم اتباعهم هذا السلوك مع زوجاتهم فيقومون بالتقليد.
ويعتبر الخزاعي أن سكوت الزوجة وعدم ابلاغ اهلها بسبب الخوف على مستقبل الأسرة والابناء، هو السبب في تمادي الزوج في هذا التصرف.