أزمة أردوغان

معاريف

 يوسي ملمان 15/12/2015
رغم التصريحات المتصالحة الصادرة عن الرئيس التركي اردوغان تجاه اسرائيل والتي تقول إن "المنطقة بأسرها ستكسب من تطبيع العلاقات"، فان احتمالات تحسين العلاقات السياسية – العسكرية – الاستراتيجية قليلة. فالعلاقات الاقتصادية بين الدولتين جيدة في كل الاحوال. فمنذ اسابيع ومن تركيا تأتي اشارات على انها معنية ظاهرا بتحسين علاقاتها مع اسرائيل. وهذه تصدر عن رجال اقتصاد، ولا سيما في مجال الطاقة، مقربين ايضا من اردوغان سياسيا، ومن كبار رجالات حزبه. اما رد فعل اسرائيل حتى الان، حتى على القول المباشر من اردوغان، فهو بارد.اضافة اعلان
  تلعب اسرائيل الان دور "صعبة المنال". فهي تعرف بانه رغم أن اردوغان تعزز في الداخل مع انتصار حزبه في الانتخابات الاخيرة، الا انه يعيش أزمة في كل ما يتعلق بعلاقاته الخارجية. فقد أعلن قبل سنوات بان سياسته الخارجية تقوم على أساس "صفر مواجهات مع الجيران". اما اليوم فهو متنازع مع الجميع: مع العراق، الذي اجتاحه جيشه، مع الاكراد في سورية، في العراق وفي بيته هو، مع ايران، وبالطبع، النزاع الخطير والجسيم اكثر من كل النزاعات الأخرى – مع روسيا، على خلفية الحرب الاهلية في سورية وإسقاط الطائرة الروسية من قبل طائرات قتالية تركية.
  المواجهة بين "السلطان" اردوغان وبين "القيصر" بوتين تعزل تركيا أكثر فاكثر. فالتركي يخشى ان ينتقم الروسي منه على سبيل "العين بالعين"، واضافة الى ذلك، فقد يقطع توريد الغاز، مثلما فعل لاوكرانيا في الماضي. وهذا هو احد الاسباب التي يجعل تركيا تبدي اهتماما، او تعرض نفسها كمن تبدي اهتماما، في البحث في توريد الغاز من اسرائيل.
 ولكن مع كل الاهمية التي يوليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتصدير الغاز الى السوق التركي، لاسرائيل بضعة شروط مسبقة لتحسين العلاقات السياسية. هذه العلاقات، التي كانت في ميل تقلص، تدهورت بعد حادثة مرمرة في ايار 2010، والتي في اعقابها تم تخفيض مستوى العلاقات الدبوماسية. فقد طلبت تركيا اعتذارا من اسرائيل ودفع تعويضات لعائلات تسعة اتراك الذين قتلوا في اجتياح الوحدة البرية للسفينة. كما أنها تهدد في أن ترفع، أو رفعت بالفعل، دعوى لتقديم ضباط في الجيش الاسرائيلي الى المحاكمة وصدرت بحق بعضهم أوامر اعتقال.
 لقد سبق لنتنياهو ان اعتذر علنا (بناء على طلب الرئيس الامريكي اوباما، في اثناء زيارته لاسرائيل في 2013). كما أن اسرائيل وافقت مبدئيا على ان تدفع نحو 25 مليون دولار تعويض لعائلات الضحايا. ولكنها تطلب بالمقابل أن تعود العلاقات الى سابق عهدها بل واكثر من ذلك. ومعنى الامر هو أنه يتوجب اعادة السفيرين الى العاصمتين وان على تركيا أن تتعهد بان تكف عن رفع دعاوى ضد ضباط اسرائيليين وعن ملاحقتهم. اما اردغان فيطالب ايضا برفع الحصار الاسرائيلي عن غزة. هذا لن يحصل.
اضافة الى كل هذا، تطالب اسرائيل ان تطرد تركيا من اراضيها قيادة حماس التي يترأسها صلاح العاروري، كبير في الجهاز العسكري للمنظمة والمسؤول ضمن امور اخرى عن تفعيل الارهاب في الضفة الغربية. من ناحية اسرائيل، هذا شرط لازب. اما من ناحية اردوغان، الذي الى جانب قطر هو الداعم الاهم لحماس، فان هذا مطلب متعذر.
 فضلا عن ذلك، لقد سبق لاسرائيل أن وجدت لنفسها بديلا مناسبا عن العلاقة الاستراتيجية الخاصة مع تركيا. فقد أقامت حلفا استراتيجيا، تعاون عسكري، مناورات مشتركة وتبادل للمعلومات الاستخبارية – مع اليونان وقبرص. وفي الشهر القادم سيعقد في نيقوسيا لقاء بين زعماء الدول الثلاثة، يقدم تعبيرا علنيا آخر عن المحور الجديد الذي نسج في شرق حوض البحر المتوسط. في هذه الظروف، في ضوء اختلافات الرأي المتبقية بين الدولتين، فان احتمالات التحسين الجذري للعلاقات بين أنقرة والقدس متدنية. في الواقع المتشكل فان تركيا تحتاج لذلك أكثر مما تحتاج اسرائيل.