أزمة أوروبا الثانية مع اللاجئين السوريين قد تكون قادمة

سوري تم إخلاؤه من منطقة الفوعة وكفريا في محافظة إدلب ينتظر بجوار حافلة خارج معبر العيس جنوب حلب – (أرشيفية)
سوري تم إخلاؤه من منطقة الفوعة وكفريا في محافظة إدلب ينتظر بجوار حافلة خارج معبر العيس جنوب حلب – (أرشيفية)

ستيفن ستار* - (ذا أراب ويكلي) 12/8/2018

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

ربما يطلق المسار العنيف للصراع السوري موجة جديدة من اللاجئين على عتبات أوروبا في القريب. وسوف تكون لذلك تداعيات هائلة على الانقسامات العميقة القائمة بين وفي داخل الدول الأوربية، والتي أثارتها أزمة اللاجئين في العام 2015.اضافة اعلان
الآن، أصبح الشعبيون اليمينيون المناهضون للمهاجرين لاعبين سياسيين سائدين في أوروبا. وأصبحت الوحدة التي شكلت المشروع الأوروبي منذ سبعة عقود تحت التهديد.
في حين أن النظام السوري يركز على الحملات العسكرية في جنوب سورية، فمن المتوقع أن يحول انتباهه قريباً إلى إدلب، المحافظة الوحيدة التي ما تزال خارج سيطرته. وتشكل إدلب الجبهة النهائية في حملة النظام لإطفاء الجمرات الأخيرة للثورة السورية. كما أنها تشكل مرتعاً للمتطرفين الذين أرهبوا السكان المحليين.
وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، قد قال للإعلام الروسي في تموز (يوليو): "الآن إدلب هي هدفنا، ولكن ليس إدلب فقط. الجيش -والتقدير يعود له- سوف يقرر الأولويات، وإدلب واحدة من هذه الأولويات".
وأضاف ممثل سورية في الأمم المتحدة إلى الشعور بالكارثة المقبلة عندما قال إنها لن تكون هناك تسويات أو تنازل عن استعادة إدلب إلى يد النظام.
يُعتقد أن نحو 2.5 مليون شخص، والكثيرون منهم نازحون داخلياً، يتحصنون الآن في محافظة إدلب. وتحمل الأغلبية الساحقة منهم وجهات نظر معارضة للحكومة بشدة، وغير راغبة في العيش تحت سيطرة دمشق. وأفاد تقرير لوكالة "رويترز" أن الاقتصاد المحلي في إدلب أصبح الآن مغلقاً إلى حد كبير، تحسباً لهجوم حكومي وشيك.
في حزيران (يونيو) الماضي، قال بانوس ماومتزيس، من مكتب الأمم المتحدة لشؤون تنسيق المساعدات الإنسانية: "مع هذا التصعيد، ومع التدهور، نخشى أن نرى مليونين ونصف المليون شخص وهم ينزحون أكثر وأكثر في اتجاه حدود تركيا إذا تواصل هذا. إننا نرى أكثر من 80 في المائة من سكان إدلب في الواقع في وضع هش للغاية".
في الماضي، أظهر المجتمع الدولي أنه لن يقف في الطريق عندما يذهب النظام السوري إلى الحرب في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة –حلب الشرقية، داريا، الغوطة ودرعا، على سبيل المثال وليس الحصر. ولا يمكن توقُّع أكثر من مجرد الجلوس والقلق عندما تندلع المعركة من أجل إدلب.
مع ذلك، تختلف إدلب عن المناطق التي كانت في يد الثوار في السابق. فهي تقع على حدود تركيا، ما يعني أن أنقرة ربما لا تستطيع أن تبقي حدودها مغلقة إذا ما انطلقت موجة من اللاجئين الفارين من هجوم قوات الأسد. ولدى تركيا دفاعات حدودية قوية، بما في ذلك جدار بطول عدة مئات من الكيلومترات، لكن العاصمة السياسية، أنقرة، حاولت أن تقيم لنفسها حضوراً في أوساط ملايين السُّنة المناهضين للأسد منذ العام 2011، ويمكن أن تخسر في حال رفضت فتح الحدود للاجئين الفارين من هجوم النظام.
ويعني هذا، مقروناً بالعداوة المتزايدة تجاه السوريين في تركيا والطبيعة التي تزداد ضعفاً لعلاقات أنقرة مع بروكسل، أن تركيا ستسمح للاجئين الفارين من أي هجوم على أدلب بالانتقال داخل أوروبا إلى اليونان أو بلغاريا.
بالنسبة لأوروبا، تبدو المخاطر في إدلب أعلى مما كانت في أي وقت خلال الحرب السورية منذ العام 2015. وتعني هشاشة أوروبا الداخلية أنها لن تستطيع تجاهل الأحداث في سورية كما كانت قد فعلت في السابق. ويختلف مصير إدلب بالنسبة لأوروبا لأن حركة جماعية للاجئين إلى تركيا ومنها إلى أوروبا يمكن أن تشهد الآلاف من جهاديي تنظيم القاعدة السابقين -والكثيرون منهم يحملون جوازات سفر أوروبية- وقد أصبحوا في أوروبا.
وتشير التقارير إلى أن تركيا ربما لا تتخلى عن إدلب بسهولة. ولديها حضور عسكري قوي، بما فيه 12 موقعاً للمراقبة، في المنطقة. وثمة إشارات إلى تسوية سياسية محتملة مع روسيا وإيران عن طريق ما تسمى عملية أستانة. وتدرك دمشق أيضاً أن إدلب تعرض احتمالات مختلفة تماماً عن الغوطة أو درعا بسبب تواجد تركيا المتأسس بعمق هناك.
ولكن، حتى مع ذلك، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق يرضي أعداء سورية اللدودين وأنقرة هو أمر يصعب تصوره في ظل الوضع الراهن.
منذ العام 2011، تجاهلت أوروبا في معظم الأحيان المأساة التي تتكشف يوماً بيوم والمذبحة المستمرة في سورية، لكن ما يحدث في إدلب سوف يجبرها على مواجهة معضلات جديدة.

*صحفي إيرلندي كان قد عاش في سورية في الفترة من 2007 إلى 2012. وهو مؤلف "الثورة في سورية: شاهد عيان على الانتفاضة". (مطبعة جامعة أوكسفورد: 2012).
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
 Europe’s second Syrian migrant crisis could be coming