أزمة النواب واختيار الرئيس

الظاهر أن الكتل النيابية تجد صعوبة في ترشيح أسماء لرئاسة الحكومة الجديدة؛ إذ يرى بعضهم أن الاختيار يتبعه تحمل للمسؤولية، وتحديدا في مواجهة المجتمع الذي ينتظر ماهية أداء أول حكومة برلمانية.اضافة اعلان
التوجه الحالي لدى معظم الكتل يقوم على تحديد مواصفات للرئيس المقبل، وفي هذا خروج على فكرة الحكومة البرلمانية، لاسيما أنها تقوم أساسا على ترشيح أسماء بعينها للقيام بالمهمة، وهذا ليس في وارد النواب حتى الآن.
ما يجري هو أن النواب، وخروجا من المأزق، صاروا يفكرون في وضع معايير وأفكار لبرنامج العمل المطلوب تنفيذه من قبل الحكومة المقبلة، وليس اختيار شخص رئيسها.
يوم أمس، عقد الاجتماع الأول لكتلة "وطن" مع رئيس الديوان الملكي، د. فايز الطراونة، اكتفت خلاله الكتلة بتقديم برنامج للعمل.
أما الاجتماع الثاني، فعقد مع كتلة "التجمع الديمقراطي" التي قدمت تصورها حول مواصفات الرئيس، كما يقول عضو الكتلة الدكتور مصطفى الحمارنة الذي حضر الاجتماع، مؤكدا أن اجتماع أمس تمهيدي، إذ ستطرح الكتلة أسماء بعد أن تعقد مع أصحابها اجتماعات تحدد تبعا لها مقدرة الشخصيات على تنفيذ برنامج العمل.
المعايير التي يتحدث عنها النواب يصعب أن تتوافر في شخصية واحدة؛ فالمعاناة الأكبر في البلد اليوم هي في العثور على شخصيات تلقى قبولا مجتمعيا بعد أن جُفّفت منابع إنتاج النخب. ومعظم الأسماء التي يدور حولها الجدل مجربة، وهذا هو التحدي الكبير للنواب.
لكن مخاوف النواب يمكن تجاوزها في حال اتفقوا على اسم بعينه ليقوم بالمهمة، وفق برنامج يحددونه مسبقا، وبحيث تسحب الثقة من الحكومة في حال لم تضطلع به، من خلال إعادة طرح الثقة. وبذلك نعطي الفرصة لنضوج فكرة الحكومة البرلمانية، وتتعلم الحكومات بدورها درسا مفاده أنها عرضة لهجمة نيابية في حال لم تلتزم ببرامجها تجاه النواب والمجتمع.
المشهد اليوم يشي بأن عملية تشكيل الحكومة البرلمانية ليست سهلة، وأن المسألة ستحتاج وقتا إلى أن تتبلور بشكلها النهائي. وليس ممكنا الحكم كيف ستكون الحكومة وتشكيلتها، خصوصا أن بعض الكتل، للأسف، مشغولة بتوزير بعض محاسيبها، أو يتطلع بعض أعضائها إلى توزير أنفسهم، وهذه الفكرة مجربة ومرفوضة شعبيا.
فكرة توزير النواب مرفوضة أيضا من قبل كتل نيابية أعلنت موقفها من ذلك صراحة؛ إذ تفضل أن لا يكون رئيس الوزراء الجديد عضوا في نادي الرؤساء (السابقين)، كما ترفض توزير النواب، وتفكر في برنامج عمل سيتم منح الثقة بموجبه لأي حكومة مقبلة.
النواب اليوم مأزومون، ويعانون من صعوبة الاختيار. وللأمانة، فإن المهمة ليست سهلة لنواب سابقين، فكيف سيكون الوضع مع 90 نائبا على الأقل، يجلسون تحت القبة للمرة الأولى، وما يزالون في "فصل أول" نيابة؟!
نضوج فكرة الحكومة البرلمانية بحاجة إلى وقت؛ فالتجربة جديدة، والأدوات المتوافرة لنجاحها ضعيفة، وتجاوزها الفشل ضرورة.
النواب اليوم أمام أول اختبار شعبي، وعليهم الكد لاجتيازه، خصوصا أن أداء النواب ومدى إقناعه للرأي العام سيكون عامل تهدئة او تصعيد في المشهد السياسي المستقبلي.
للأسف، ما يتم حتى الآن تحت القبة وفي دهاليز المجلس لا يبشر بالخير، فهل يفاجئنا النواب؟